أخبار السياسة المحلية

المتطوعات في الحرب.. الاغتصاب والتضيق والقتل جزاء الإحسان

الخرطوم – صقر الجديان

يزيد الخناق يوما تلو الآخر على المتطوعات في مجال العمل الإنساني بمناطق النزاع بالسودان للحد الذي تجاوز وقف أنشطة المتطوعات ليصل إلى التصفية الجسدية والاعتداء الجنسي.

و اغتالت مساء اليوم الثاني من أكتوبر، عناصر من قوات الدعم السريع بحي الجريف غرب بالخرطوم الناشطة الطوعية سهام حسن مصطفى وهي عضوة بغرفة طوارئ الجريف غرب و غرفة الاستجابة النسوية التي تعمل على تقديم الدعم للنساء المتضررات من الحرب.

وأطلقت القوة الرصاص على رأس وصدر سهام أثناء محاولتها حماية نفسها وأسرتها عند مداهمة منزلهم من قوة للدعم السريع كما تم اغتصاب سيدة أخرى في ذات الحي.

واتهم متطوعون في 28سبتمبر الماضي عناصر من قوات الدعم السريع باغتصاب عضوة في غرفة طوارئ الخرطوم بحري تحت تهديد السلاح أثناء عملها في حصر احتياجات المتضررين من النزاع العسكري بالمنطقة.

ورصدت العديد من الانتهاكات اثناء الحرب الدائرة منذ منتصف أبريل الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم الخاصة بالتضييق وكبت حرية الأنشطة مارستها السلطات الأمنية بحق المتطوعات في مناطق سيطرة الجيش السوداني في ولايات الجزيرة والقضارف ونهر النيل والنيل الأزرق.

وبلغت ذروة هذه الانتهاكات بتجميد نشاط مبادرة نسوية توعوية بإقليم النيل الازرق بحجة مخالفتها لقانون العمل الطوعي، كما اقتادت قوة شرطية بولاية القضارف بشرق السودان احدى الناشطات أثناء تنظيم حلقة تثقيفية استهدفت النساء لمكافحة وباء الكوليرا المنتشر بالولاية.

واعتقلت سلطات ولاية نهر النيل ثلاث متطوعات ومنعتهن من مزاولة العمل الإنساني حسب ما نشرت احداهن على صفحتها بالفيسبوك قبل أن تسحب المنشور لأسباب مجهولة.

وإلى جانب تعرض عضوة غرفة طوارئ بالخرطوم بحري للاغتصاب، علمت “سودان تربيون” من مصادر موثوقة أن طبيبة تعرضت أيضا للاغتصاب في الخرطوم بحري على يد أفراد من الدعم السريع في نهاية دوام العمل وهي في طريقها إلى المنزل وقد تلقت علاجها في احد مراكز الإيواء بود مدني عاصمة ولاية الجزيرة قبل أن يتم ترحيلها إلى أقاربها.

وقال مشرف في مركز الإيواء الذي أشرف على علاج الناجية إن الطبيبة فضلت أن يكون الأمر طي الكتمان خوفا على سمعتها ومكانتها بالمجتمع وهو ما يؤكد إن الكثير من ضحايا الاعتداء الجنسي آثرن الصمت خوفا من الوصمة المجتمعية.

وأثارت حادثة اغتصاب المتطوعة في غرفة طوارئ الخرطوم بحري ردود فعل غاضبة إذ أدانت مجموعة من المبادرات النسوية والقانونية هذا المسلك الذي وصف بأنه أسوأ حادثة تتعرض له متطوعة منذ اندلاع الحرب التي تسببت في انتهاكات إنسانية بالغة التعقيد وقع العبء الأكبر منها على عاتق النساء فقد رصدت وحدة مكافحة العنف ضد المراة والطفل – هيئة حكومية – 124 حالة اغتصاب إلى جانب رصد 96 حالة اختفاء قسري راح ضحيتها النساء.

ترصد الدعم السريع للفتيات

وكشفت ممثلة غرفة طوارئ النساء والأطفال بمدينة الخرطوم بحري علا السماني لـ “سودان تربيون” تفاصيل الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له عضوة غرفة الطوارئ، قائلة إن الضحية تعرضت للتهديد بالسلاح من قبل إثنين من قوات الدعم السريع ومن ثم تم الاعتداء عليها جنسيا.

وأفادت ممثلة مكتب الدعم النفسي للنساء في غرفة طوارئ الخرطوم بحري مآب محمد بتقديم الخدمة العلاجية للعضوة عبر فريق غرفة الطوارئ وأشارت إلى تكوين مكتب طبي يشتمل على دعم نفسي وخدمات قانونية، بجانب وجود مكتب معنى بتقديم الخدمة للنساء والأطفال في حال العنف الجنسي.

وذكرت مآب أن حالة الاغتصاب هذه أول حالة اعتداء جنسي بحق المتطوعات بغرفة الطوارئ ولم تستبعد حدوث حالات أخرى غير معترف بها.

ولفتت إلى المخاطر والصعوبات التي تعترض عمل عضوات الغرفة وتتمثل في صعوبة الحركة داخل الأحياء بسبب انتشار قوات الدعم السريع واعتراضهم وترصدهم للفتيات والنساء، فضلا عن عدم َوجود ممرات آمنة تحمي النشطاء.

وقالت إن النساء اللائي يتم الاعتداء عليهن لا يستطعن الوصول إلى المستشفى بسهولة لتلقي العلاج كما أنهن يتخوفن من تعرضهن للاعتداء مرة أخرى.

وتعد الاعتداءات الجنسية بحق الناشطات في العمل الطوعي خرقا للقانون الدولي الإنساني الذي ينص على توفير حماية خاصة للمتطوعين الإنسانيين، كما أنه يخالف قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1296 لسنة 2000 الذي يلزم جميع الأطراف بضمان حماية وامن العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية.

واستنكرت مبادرة نساء لبناء السلام المستدام في بيان جريمة اغتصاب الناشطة بالخرطوم بحري وأكدت أن مردودها سلبي على المتطوعات اللائي ينشطن في العمل الإنساني بينما مناطق النزاع في أشد الحاجة لهن من أجل تلبية احتياجات المتأثرين والمتأثرات بالحرب.

وطالب بيان المبادرة بمعاقبة مرتكبي هذا الجرم ورد كرامة الفتاة المتطوعة التي وصفها البيان بالشجاعة.

الجيش يواصل في ممارسة التضيق

وبشأن التضييق الذي تتعرض له النساء الناشطات في مناطق سيطرة الجيش السوداني، تقول الناشطة نجدة منصور لسودان تربيون إنه تم توقيفها بمعية زميلها في العمل من قبل الاستخبارات العسكرية بولاية القضارف، كما تم استدعائهما من قبل الشرطة للتحقيق معهما وتعرضا للتهديد بالاعتقال بحجة العمل بدون تصريح.

وأقامت الناشطة جلسة تثقيفية لمجموعة من النساء بالقضارف لتخفيف آثار الكوليرا التي باتت أكثر انتشارا بالمنطقة إلى جانب حمى الضنك.

وأشارت نجدة إلى أنها سافرت القضارف للمساعدة في محاصرة الأوبئة بتوفير المعقمات ورش منازل المصابين وتوعية السكان بكيفية تجنب المرض.

ولفتت نجدة منصور إلى ظهور حالات اشتباه في منطقة القلابات الغربية تحتاج إلى تضافر الجهود، وحذرت من حدوث كارثة كبرى نتيجة انتشار الكوليرا.

وفي ولاية نهر النيل شمالي البلاد دونت الناشطة في مجال العمل الطوعي الإنساني درية عبد الله على صفحتها بفيسبوك، إنه تم اعتقالها الخميس الماضي لمدة ثلاثة أيام داخل شعبة الاستخبارات العسكرية بمقر قيادة الجيش.

وذكرت درية أن الاعتقال شمل أيضا الناشطة كتيرة الهادي ويسرا بدري بجانب ثلاثة متطوعين بينهم رجل وابنه لمدة ثلاثة أيام داخل مقر الجيش

وأضافت “طلب مني توقيع إقرار بأن لا أمارس إي عمل طوعي داخل ولاية نهر النيل إلى أن تنتهي الحرب بسبب وصفي للحرب بأنها حرب عبثية”.

يذكر أن القائد العام للجيش ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان كان قد وصف أيضا الحرب بالعبثية.

وتواصلت سودان تربيون مع الناشطة في العمل الطوعي كتيرة الهادي لكنها اعتذرت عن الإدلاء بأي تفاصيل عقب إطلاق سراحها والمجموعة.

وبحسب متابعة “سودان تربيون” فقد تم سحب المنشور في صفحة الناشطة درية عبد الله على فيسبوك لأسباب مجهولة.

وفي وقت سابق، أعلنت حكومة إقليم النيل الأزرق جنوب شرق البلاد تجميد نشاط مبادرة توعوية نسوية بحجة مخالفتها لقانون العمل الطوعي.

وقالت إحدى الناشطات في المبادرة لـ “سودان تربيون”: “ليست هنالك بارقة امل لاعادة نشاط المبادرة. ما زلنا متوقفين عن العمل ولا نعلم المخالفة التي ارتكبناها”.

وأكدت على أن حديث السلطات عن مخالفة المبادرة لقانون العمل الطوعي ذريعة لوقف تعزيز الوعي لدى النساء حيث أفلحت المبادرة في رفعه وتعريف النساء بحقوقهن وواجباتهن وهو أمر يبدو غير مرحب به من قبل السلطات، حسب تعبيرها.

وبذات الولاية تم اعتقال 10 ناشطات قبل تنظيم وقفة احتجاجية ضد استمرار الحرب واطلق سراحهن بالضمان الشخصي قبل أن تدون السلطات في حق الناشطات مواد قانونية تتعلق بالإخلال بالأمن والسلامة والازعاج العام.

وعانت منظمة “لا لقهر النساء” كثيرا في سبيل اقامة ندوة بود مدني تدعو لوقف الحرب حيث قطعت سلطات ولاية الجزيرة الطريق على تنظيمها مرتين، وجاهر والي الولاية إسماعيل العاقب بأن ايقاف الندوة متعمد وأنهم سيمنعون أي دعوة ترمي لوقف الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى