المدارس بعد انقلاب البرهان.. تقليص وعطلات إجبارية وإلغاء مقررات
الخرطوم – صقر الجديان
تسبّب الانقلاب العسكري بالسودان في 25 اكتوبر 2021م، في مشكلات عديدة بكل قطاعات البلاد، خاصة التعليم، بسبب ما ترتب على رفض الانقلاب من احتجاجات وغيره.
في 20 سبتمبر الماضي، فتحت المدارس في السودان، أبوابها وسط أزمات خانقة في الخبز، الوقود والكهرباء، وبعد مرور أكثر من شهر أغلقت إجبارياً صبيحة انقلاب 25 اكتوبر 2021 الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، واستؤنفت الدراسة بشكل محدود، بعد أسبوعين، وسط دعوات للعصيان المدني من لجان المقاومة والأجسام الثورية، والذي استجابت له لجنة المعلمين السودانيين.
وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على وقوع الانقلاب لا زالت دائرة مقاومته مستمرة وآخذة في الاتساع، مما أثر على سير كل الأنشطة، خاصة في العاصمة الخرطوم، ولاسيما على استمرار الدراسة لأسباب مختلفة، ومرشحة للاستمرار.
غياب بأمر الأسر
مع تصاعد الاحتجاجات الدامية التي واجهت فيها السلطات الانقلابية الثوار السلميين بالتنكيل والقتل، تردّدت كثير من الأسر في إرسال أبنائها إلى المدارس بسبب إغلاق الشوارع والكباري والمواجهات العنيفة بين القوات الأمنية والمتظاهرين.
منى صلاح أم لبنتين وولدين أصغرهم في رياض الأطفال، يستدعي وصولهم إلى المدرسة قطع أحد الجسور النيلية الرابطة بين أم درمان والخرطوم.
منى قالت لـ«التغيير»: «تنتابني نوبات القلق والتوتر في أيام التظاهرات المتوجهة الى القصر الرئاسي، لذا أمنع أبنائي من الذهاب للمدرسة في اليوم المحدد للموكب».
واضافت: «لكن في نفس الوقت أحاول قدر الإمكان مساعدتهم في استذكار دروسهم حتى لا يتأثروا بالانقطاع عن الدوام المدرسي أو يقل مستوى تركيزهم لاسيما وأن المعلمين يحاولون انهاء جميع المقررات في فترة وجيزة دون التأكد من استيعاب التلاميذ».
تقليص بسبب «المليونيات»
وبحسب معلمين تحدثوا لـ«التغيير»، فقد تأثر العام الدراسي تأثراً بالغاً بسبب الاحتجاجات و«المليونيات» التي تخرج لمناهضة الانقلاب.
وأبدى المعلمون تخوفهم من تكرار تجربة العام الماضي حيث تم تقليص السنة الدراسية إلى «5» أشهر فقط.
وقالت معلمة اللغتين العربية والإنجليزية بالمرحلة الإبتدائية راحيل إبراهيم لـ«التغيير»، إن تقليص السنة الدراسية أثر على إمكانية إكمال المقررات، خاصة اللغة الإنجليزية كلغة جديدة تحتاج لمزيد من حصص التركيز.
وأشارت إلى أن ذلك وضح جلياً هذا العام في تدني مستوى المادة، في الصفين الثاني والثالث الإبتدائي.
وأوضحت أن عدداً من المناهج تعرّضت لحذف كثير من مقرراتها تمهيداً لتغيير المنهج، واعتبرت أن ذلك ساعد نوعاً ما على الإنتهاء من المقرر ولكن بدون مراجعة وتقييم.
وذكرت راحيل أن المدارس لجأت بعد الانقلاب العسكري، إلى تقليص اليوم الدراسي لأربع حصص فقط خلال أيام «المليونيات» حتى تتمكن التلميذات من الرجوع إلى منازلهن قبل انطلاق المواكب.
وتوقعت تأثر طلاب الصف الثامن من الوضع الراهن حال استمر فترة طويلة، لأنه وحسب التقويم من المفترض إكمال مقرراتهم استعداداً للامتحان التجريبي في مايو المقبل.
وأكدت راحيل أن أي إجازة أو تقليص للحصص ينعكس سلباً على التقويم وإكمال المقرر، وأشارت إلى أن المعلمين يحرصون على الانتهاء من تدريس المقررات بمدة كافية قبل الامتحانات لإجراء عمليات المراجعة والتقييم.
جدول «حسب الظروف»
على مستوى وزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم، علِمت «التغيير» أنها وضعت خطة للتعامل مع مواكب الاحتجاجات تتمثل في «تقليص ساعات الدراسة، وطباعة كتيب يحوي مقررات المواد الأساسية يتم توزيعه على الطلاب مجاناً».
فيما أكد مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم إبراهيم عمر محمد لـ«التغيير»، عدم وصول أي شكوي تفيد بالتأخر في إكمال المنهج، وقال: «الموجهين يتولون تقييم الفترة الأولى وإذا كان هناك تقصير في تغطية أي مقرر يتم معالجته في الفترة الثانية».
وأشار إلى أن خطة الوزارة تضمّنت وضع معالجات لأيام الامتحانات، من بينها السماح للمدارس بوضع جداول الامتحانات لأول مرة، حيث كانت تصدر من السلطات التعليمية على مستوي الولاية أو المحليات، على أن يتولى موجه المادة التابع للمكتب التعليمي بالمحلية عملية التقييم.
واعتبر عمر أن ذلك ساعد مديري المدارس بتنظيم مواعيد الامتحانات وفقاً لظروف الطلاب وقدرتهم في الوصول للمدارس، وإبعادهم عن المخاطر لكن ذلك في إطار العام الدراسي وعدم تجاوز الفترة الزمنية المحددة في التقويم.
ونوه إلى أن معظم المدارس فرغت من الامتحانات خاصة الأساس، والمرحلة الثانوية نهاية الأسبوع الماضي.
ولم يستبعد مسؤول الإعلام بالوزارة، تمديد عطلة الفترة الأولى من اسبوع إلى اسبوعين بسبب تفشي جائحة «كورونا».
وأشار إلى استقرار الأوضاع الصحية بمدارس محلية كرري التي كانت قد أغلقت بتوجيه من المدير التنفيذي بالمحلية وشملت مرحلتي الأساس والمتوسطة اعتباراً من من 17 يناير حتى الأول من فبراير.
ونبّه عمر إلى أن القرار خالف الإجراءات المتبعة بمحاصرة المنطقة المحددة وإغلاق المدرسة التي ظهرت فيها حالات الفيروس وليس كل المدارس بالمحلية، وقال إن وزارة الصحة باشرت إجراءاتها والآن عاد الطلاب إلى المدرسة.
لا تأخير
من جهتها، قالت مدير إدارة التعليم الخاص بولاية الخرطوم درية بابكر لـ«التغيير»: «رغم انعدام الخبز وجائحة كورونا ثم المواكب إلا أن المواقف في الدروس حتى الآن جيدة ولا يوجد تأخير يذكر، حيث تم تقليل عدد الحصص الدراسية».
وأكدت حرص وزارتها على إكمال المقررات وتعويض الفارق من الحصص.
وأشارت إلى أن الإجازة المقرّرة للفترة الأولى اسبوع ولكن قد تمتد لثلاثة أسابيع وهو مقترح تعكف الوزارة على دراسته حالياً.
وبحسب التقويم، فإن عدد أيام الفترة الأولى «96» يوماً تبدأ يوم الاثنين 20 اغسطس 2021م وحتى الاثنين 31 يناير 2022م، على أن تُعقد امتحانات الفترة الأولى من الأحد 16 يناير وحتى الاثنين 31 من نفس الشهر.
وطبقاً للتقويم، فإن الفترة الثانية عمرها «74» يوماً تبدأ من يوم الثلاثاء 8 فبراير وحتى الاثنين 30 مايو 2022م، بينما تبدأ امتحانات الفترة الثانية لمرحلة الأساس الأحد 8 مايو حتى الخميس 19 مايو، وتنطلق امتحانات الفترة الثانية للمرحلة الثانوية يوم السبت 7 مايو وحتى الخميس 19 مايو 2022م.
أما امتحانات شهادة الأساس فتبدأ وفق التقويم يوم الأحد 22 مايو إلى 30 مايو 2022م، وامتحانات الشهادة الثانوية الأحد 11 يونيو 2022م، على أن تكون فترتي الامتحان الأول والثاني ضمن أيام الدراسة.
وبالرغم من التطمينات التي تطلقها الجهات المختصة بشأن التعليم، إلا أن الأسر تتخوف من استمرار الوضع الراهن وتأثيره على مستقبل أبنائها الدراسي، إذ يبدو أن الحكومة الانقلابية ماضية في إجراءاتها الانفرادية بينما الشارع الثوري مصمم على السير في طريق اسقاط الانقلاب دون غيره، وهو ما يجعل سيناريو عدم الاستقرار مرشحاً للاستمرار أكثر وبالتالي يلقي بظلاله على العملية التعليمية.