أخبار الاقتصاد المحلية

الموت جوعاً.. خطر يتهدد أطفال السودان

الخرطوم – صقر الجديان

يواجه السودان أزمة جوع غير معلنة، فيما يظل الوضع الإنساني مصدر قلق كبير، مع ارتفاع مطرد في مستويات عدم استتباب الأمن الغذائي، حسب عدد من الوكالات الاممية.

يشير تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي متعدد الشركاء، الذي جرى بين شهري مارس/أبريل/ 2022 بمشاركة 19 وكالة، بما في ذلك العديد من الدوائر الحكومية ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، إلى تعمق كبير في أزمة الغذاء في السودان.

حيث توضح التقديرات أن ربع سكان البلاد يواجهون الجوع الحاد من يونيو إلى سبتمبر – بزيادة بنحو مليوني شخص.
وغالبية الذين يعانون من الجوع الحاد يوجدون في العاصمة الخرطوم، وفي إقليم دارفور، وولايات كسلا والنيل الأبيض، وهي المناطق الأكثر تضررا من الصراع والتدهور الاقتصادي.

اليونسيف : 40 ألف طفل دون سن الخامسة يتوفون سنويًا كنتيجة غير مباشرة لسوء التغذية

وفي أعقاب موجة الجفاف في السودان في فبراير 2022، ازداد العدد التقديري لحالات سوء التغذية الحاد الشديد من 618,950 إلى 650,000 وحالات سوء التغذية الحاد الشديد مع مضاعفات طبية من 92,843 إلى 97,493 حالة، في حين زادت حالات الأطفال دون سن الخامسة المصابين بسوء التغذية الحاد المعتدل من 2.45 مليون إلى 2.57 مليون.

الأطفال الفئة الأكثر ضعفاً

يعد الأطفال هم الفئة الأشد ضعفاً في فترات المجاعات وانعدام الأمن الغذائي الشديد، ويواجهون خطر الموت بسبب نقص التغذية الحاد كما تؤدي هذه الأزمات إلى تبعات تمتد بهم الى مدى الحياة ما يؤدي إلى صعوبات شديدة لنمائهم وصحتهم.

مسئول بوزارة الصحة : الأوضاع الاقتصادية أجبرت السودانيين على تناول وجبتين فقط باليوم في مائدة غير متنوعة

وطبقا لليونسيف، فإن أكثر من 40 ألف طفل دون سن الخمس سنوات يتوفون سنويًا في السودان كنتيجة غير مباشرة لسوء التغذية، في وقت أكد تقرير “حالة التغذية والاتجاهات في السودان” الصادر عن وزارة الصحة الاتحادية، أن 2 من كل 10 أطفال في كل ولاية يعانون من نقص التغذية على المدى القصير.

منسق الطوارئ في إدارة برنامج التغذية القومي بوزارة الصحة الاتحادية، أسامة إسماعيل لــ(التغيير)، إن سوء التغذية العام وسط الأطفال اقل من خمس سنوات لايزال يسجل أرقاما عالية فقد بلغ في المسح التغذوي للعام 2018 نسبة 13.6%، مقابل 16.3% في العام 2014م ، ثم 16.45 % في العام 2010م.

وأشار إلى أن نقص الغذاء يتراكم بمرور الزمن مسببا سوء التغذية أو ما يطلق عليه “الجوع الخفي” المرتبط بنقص المغذيات والمعادن والحديد واليود، وسط الاطفال اقل من الخامسة.

تقرير حكومي : 2 من كل 10 أطفال في كل ولاية يعانون من نقص التغذية على المدى القصير

واكد إسماعيل تفشي نوعين من سوء التغذية وسط الأطفال وهما الهزال الشديد والتقزم، مشيرا إلى انتشار الأخير بأكثر من 35%، أي ما يمثل ثلث أطفال السودان ما يعني أن من بين كل ثلاث أطفال واحد مصاب بالتقزم.

وينتشر التقزم في المناطق الجبلية كالبحر الأحمر ، دارفور جبل مرة، وأشار إلى أن علاج التقزم يتم خلال السنتين الأوائل من خلال تعويض الطفل بالمغذيات فمنهم من يعالج بنجاح فيما يستمر لدى البعض دون علاج حتي مرحلة البلوغ ونبه إلى نسبة التقزم ثابتة ولم تتغيير منذ العام 1987 آخر مسح تم في البلاد.

مائدة غير متنوعة

ولفت إسماعيل إلى أن الظروف الاقتصادية اجبرت الكثير من السودانيين على تناول وجبتين فقط خلال اليوم في مائدة غير متنوعة، وأضاف: ربما تتضمن المائدة عنصرا غذائيا واحد فقط، فضلا عن استغنائهم عن تناول الألبان أو تقليلهم من شرائها بسبب ارتفاع أسعارها ولفت إلى أن واحدا من العوامل التى تفاقم سوء التغذية هو نقص الكالسيوم.

وفيات عالية بمعسكر كلمة

بمعسكر كلمة للنازحين بلغ عدد الوفيات نتيجة تقص الغذاء اكثر من 35 حالة وفاة بمعسكر واحد، اعتبارا من يونيو الماضي وحتى أغسطس منها 20 حالة في يونيو ،19 في يوليو، و6 وفيات في أغسطس .

واكدت د. حواء زكريا إسحاق المسئولة عن برنامج التغذية بالمركز العلاجي بمعسكر كلمةلــ(التغيير)، إن أبرز الأسباب المساعدة على ارتفاع مؤشرات سوء التغذية، توقف برنامج الغذاء العالمي عن تقديم المساعدات العينية واستبدالها بدعم نقدي غالبا ما يستخدم في أوجه أخرى بخلاف شراء المواد الغذائية في ظل الضائقة الاقتصادية الراهنة، إلى جانب فصل الخريف وما تصاحبه من الأمراض الملازمة للمياه من حميات ونزلات وإسهالات.

وأشارت إلى أن بمعسكر كلمة ثلاثة مراكز لعلاج سوء التغذية منهما اثنين تختصان بالتغذية حيث يتم فيهما القياسات الجسمانية للأطفال. وأضافت في حال سوء التغذية المتوسط يصرف الدواء ويغادر الطفل إلى المنزل، وحال الإصابة بسوء تغذية حاد بالتزامن مع مضاعفات يتم إبقاؤه في المستشفى وبعد تحسن حالته يتحول إلى برنامج المعالجة الخارجية التي تتضمن جلسة كل أسبوع. وذكرت حواء ان 95% من الوفيات تأتي في حالات متاخرة، وأضافت: ربما يتوفي الطفل بعد إحضاره الى المركز بعد ساعة، أو اثناء الإجراءات ولفتت إلى أن بعض الأسر تحاول علاج أبنائها عبر الأدوية البلدية ولا تأتي به إلى المستشفى إلا بعد تأخر حالته.

اتساع الفجوة

المهندس الزراعي، اختصاصي اقتصاديات الأمن الغذائي، أحمد عرفات سليمان، أكد أن السودان يواجه مشاكل معقدة في سعيه لتحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة،. هو الأمن الغذائي علي الرغم من وجود تدخلات إنسانية كبيرة في خصوصا في المناطق المتأثرة بالكوارث والنزاعات، وقال: لــ(التغيير) يتحقق الأمن الغذائي عندما يكون لجميع الأشخاص في جميع الاوقات الفرص المادية والاقتصادية، للوصول للغذاء الكافي والأمن والمغذي لتلبية احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية لحياة صحية ومعافاة.

وأكد أن نمو إنتاج الغذاء المحلي خصوصا المحاصيل الغذائية (الدخن، الذرة) لا يزال متأخراً مقارنة مع تزايد الطلب على الأغذية الناتج من نمو السكان وقلة المساحات المزروعة، وهذا يؤدي بدوره إلى استمرار اتساع الفجوة بين الإنتاج المحلي والطلب على الغذاء.

واعتبر أن النزاعات الأهلية وعدم الاستقرار السياسي في البلاد هي أهم مسببات الاضطرابات في توفر الغذاء والحصول عليه، وهي وراء ارتفاع معدلات نقص التغذية بين الأطفال.

واتهم الحكومة بالتقصير لغياب دورها المتمثل في عدم وجود إستراتيجية واضحة للاهتمام بقطاع الزراعة، إضافة إلى هشاشة الأوضاع الأمنية والتي تحول دون إمكانية صغار المزارعين للحصول علي أراضيهم الزراعية خصوصا في المناطق البعيدة.

خبير أمن غذائي : النزاعات الاهلية وعدم الاستقرار السياسي أهم مسببات الاضطرابات في توفر الغذاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى