الهزيمة القاسية في الفاشر: الجيش السوداني يتراجع ميدانيًا وسط انهيار القيادة وتنامي المخاوف من انهيار أوسع
الفاشر – صقر الجديان
تواجه المؤسسة العسكرية السودانية أحد أعقد اختبارات بقائها بعد أن مُنيت قواتها بهزيمة كبيرة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في تطور خطير يهدد بتغيير خريطة السيطرة الميدانية في الإقليم المضطرب.
مصادر استخباراتية مطلعة أكدت لـ«صقر الجديان» أن القوات الحكومية تراجعت بشكل كبير وفقدت السيطرة على مواقع استراتيجية، وسط ارتباك كبير في صفوف القيادة العسكرية.
انهيار مفاجئ وخسائر فادحة وسط غياب التنسيق
تفيد المعلومات الأولية بأن الهجوم على مواقع الجيش جاء عبر عملية محكمة نفذتها قوات الدعم السريع استخدمت فيها تكتيكات المباغتة وضرب مراكز القيادة والاتصالات.
ووفقاً لتسريبات استخباراتية، فقد انهارت عدة خطوط دفاعية خلال ساعات، مما أفسح المجال أمام تقدم المهاجمين إلى مداخل المدينة دون مقاومة تُذكر في بعض المحاور.
مصدر ميداني من داخل الفاشر أفاد بأن بعض القوات الحكومية انسحبت دون أوامر رسمية، فيما تم التخلي عن مستودعات ذخيرة وأسلحة بسبب الارتباك اللوجستي وغياب القادة الميدانيين. وأضاف:
“القوات كانت منهكة ومعنوياتها متدنية بسبب نقص الإمداد الغذائي والوقود، وخسارة بعض الضباط المحوريين ساهمت في تفكك التنظيم الدفاعي بالكامل.”
المصادر تحدثت عن حالة من الفوضى داخل القيادة الغربية للجيش، فيما لم تُسجل أي تحركات فاعلة من رئاسة الأركان ببورتسودان لاحتواء الموقف حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
تداعيات سياسية وأمنية تلوح في الأفق: هل بدأ العد التنازلي لسقوط القيادة المركزية؟
هزيمة الجيش في الفاشر لا تُعد فقط هزيمة ميدانية، بل تمثل صفعة سياسية وعسكرية قد تزعزع الثقة في القيادة الحالية. ويخشى مراقبون أن يؤدي هذا الانهيار إلى سلسلة من التراجعات المتتالية في دارفور وربما كردفان لاحقًا، ما قد يُمهّد لانهيار المنظومة الأمنية الرسمية في غرب البلاد.
في هذا السياق، ربطت مصادر دبلوماسية بين ما حدث في الفاشر وبين الخلافات الداخلية المتصاعدة داخل المؤسسة العسكرية، خاصة بعد تداول تقارير عن وجود صراعات بين التيار العسكري الموالي للبرهان والضباط المرتبطين بالحركة الإسلامية. هذه الصراعات قد تكون – بحسب التحليلات – عاملاً في اختراق التنسيق العسكري وإضعاف أداء الجيش على الأرض.
كما أن الصمت الرسمي من جانب الحكومة وقيادة الجيش زاد من حالة الإرباك الشعبي، وأثار تساؤلات حول مصير الجنود المنسحبين، وما إذا كانت القيادة بصدد التخطيط لهجوم مضاد أو أنها في حالة شلل تام.
هل نحن أمام بداية مرحلة جديدة في الصراع؟
ما حدث في الفاشر لا يمكن التعامل معه كحادث معزول. فالمعارك المستمرة منذ أكثر من عام أصبحت تنذر بمرحلة جديدة عنوانها التفكك الكامل للسلطة المركزية، خصوصاً مع تراجع فعالية القيادة العسكرية في بورتسودان، وازدياد نفوذ القوى المحلية والمسلحة.
وإذا لم تتحرك القيادة بشكل عاجل لإعادة ضبط الوضع، فإن سقوط الفاشر قد يتحول إلى نقطة تحول استراتيجية تقود إلى تحالفات جديدة على الأرض، وربما إعلان إدارات موازية في بعض المدن.
خلاصة المشهد
معركة الفاشر كشفت عن خلل عميق داخل المؤسسة العسكرية، ليس فقط في الأداء الميداني، بل في الرؤية الاستراتيجية والتنظيم القيادي. وبغياب معالجات حقيقية واستمرار الحرب المفتوحة، يبدو أن السودان على أعتاب مرحلة أكثر دموية واهتزازًا.