الولاء الوطني السيبراني
الخرطوم – صقر الجديان
يُعد مفهوم “الأمن السيبراني” حديثاً نسبياً، إذ ظهر في السياق الأمريكي في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، لكنه لم يبدأ في الاستخدام والانتشار على نطاقٍ واسع إلا مع بداية العقد الأول من القرن الحالي، مع تزايد التطور التقني، وما رافقه من تزايد للمخاطر والتهديدات السيبرانية، بشكل باتت معه تشكل تهديداً للأمن الوطني والعالمي، وهو الأمر الذي يتطلب تحركاً منسقاً على صعيد المجتمع الدولي لمواجهتها يتضمن اتخاذ إجراءات ضرورية منها: ضرورة عقد اتفاقيات دولية، وإيجاد مبادرات وترتيبات لدعم الاستجابة والصمود على المستوى الدولي، وتعزيز إجراءات الردع، وتفعيل دور الإنتربول الدولي.
أما على الصعيد الوطني، فقد أولت العديد من دول العالم قضية الأمن السيبراني أولوية كبرى ضمن منظومة أمنها الوطني، ومن بين هذه الدول دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تبنت العديد من الإجراءات المهمة لتعزيز الأمن السيبراني، ولاسيما مع تزايد اعتمادها على الرقمنة والتكنولوجيا المتطورة في بناء اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة.
ومن بين المبادرات المهمة في هذا الصدد، مبادرة “النبض السيبراني”، وهي مبادرة “مبتكرة”، ومصدر ابتكارها يعود إلى تعزيزها لفكرة المسؤولية المجتمعية (بمعنى تعزيز مسؤولية الفرد المجتمعي، مواطناً كان أو وافداً) في تأمين الفضاء الإلكتروني لدولة الإمارات، وإلى شموليتها لكل شرائح المجتمع كماً ونوعاً، وإلى إنماء مفهوم الولاء الوطني السيبراني.
الولاء الوطني السيبراني
لابد أن يعكس الاستخدام الإلكتروني القيم المجتمعية وهذا ما يعبر عنه بـ “الولاء الوطني السيبراني”، وهو أن يعكس التحول الرقمي وتوظيف الفضاء الإلكتروني مجموعة من القيم والعادات والتقاليد الوطنية ، ترسخ الولاء للوطن وقياداته السياسية، على أساس أن الفضاء السيبراني جزء لا يتجزأ من أرض الوطن؛ وقيمة الولاء تلك تنحسب على جميع أفراد المجتمع مواطنين ووافدين.
وربما يتحقق “الولاء الوطني السيبراني”، عن طريق تطبيق “نبض الأمن السيبراني”، على نطاقٍ واسع في المجتمع لإشراك أفراد في تأمين أنفسهم والآخرين ومجتمعهم وفضائهم السيبراني من ناحية ونشر الأمن السيبراني من ناحيةٍ أخري.
الأمن السيبراني ليس مسؤولية مؤسسة واحدة أو شخص واحد وإنما هو مسؤولية الجميع، فالأمن هو نبض المجتمع والمجتمع هو حائط الدفاع الأول ضد التهديدات الإلكترونية العديدة والمتنوعة سواءً كانت جرائم إلكترونية أو إرهاباً إلكترونياً أو حروباً موجهة ضد الدولة في الفضاء السيبراني والجميع مسؤول.
الأمن هو العنصر الرئيسي لتحقيق التنمية الشاملة، لذلك فإن الدول الأكثر استقراراً هي التي تحقق مؤشرات تنموية كبيرة في العالم.