اليوم الدولي للسلام.. إنجازات الإمارات تنير تاريخ الإنسانية
أبوظبي – صقر الجديان
الإمارات سجلت في تاريخ الإنسانية بأحرف من نور إنجازات جديدة تسهم في نشر السلام والتسامح وتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.
يحل اليوم العالمي للسلام هذا العام، والذي يصادف 21 سبتمبر/أيلول، وقد سجلت الإمارات في تاريخ الإنسانية بأحرف من نور إنجازات جديدة تسهم في نشر السلام والتسامح وتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.
ففي منتصف الشهر الجاري، وقعت الإمارات معاهدة سلام تاريخية مع إسرائيل، في خطوة شجاعة أسهمت في دفع البحرين إلى نهج ذات الطريق، وسط توقعات بالتحاق دول أخرى، الأمر الذي يحفظ حقوق الفلسطينيين، ويسهم في دعم الاستقرار والازدهار في المنطقة.
وقبل ذلك بأسبوعين، قامت الإمارات في 31 أغسطس / آب الماضي برعاية اتفاق سلام تاريخي، وقعته الحكومة السودانية، بالأحرف الأولى مع حركات الكفاح المسلح أنهى سنوات من الاقتتال في البلاد.
وقبل اتفاق السودان بنحو شهر، أعلنت السعودية أنها تمكنت بمشاركة فاعلة من الإمارات، من التوصل إلى آلية لتسريع تنفيذ “اتفاق الرياض”، في خطوة جديدة تبرز جهود البلدين المشتركة لتعزيز استقرار اليمن.
وتعمل الإمارات في الوقت الحالي على بناء بيت للعائلة الإبراهيمية يضم الأديان الثلاثة في أبوظبي حيث يحتوي المجمع على مسجد وكنيسة وكنيس، كإحدى نتائج أول زيارة قام بها البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية لشبه الجزيرة العربية العام الماضي واختار فيها الإمارات لتكون محطته الأولى.
تلك الإنجازات تضاف لسجل حافل يأتي على رأسه، دورها البارز عام 2018 في إنهاء أطول نزاع في أفريقيا، بين إثيوبيا وإريتريا، الذي استمر 20 عاما، وإطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية عام 2019.
إنجازات تتواصل سيرا على درب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كرست الإمارات نفسها في عهده لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي.
وواصلت الإمارات السير على نفس الاستراتيجية تحت قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات.
وترجم تلك الاستراتيجية على أرض الواقع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، التي أسهمت مبادراته في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم، ونزع فتيل عدد من الأزمات والتخفيف من حدتها، والوقوف حائط صد أمام أفكار التطرف والتشدد.
معاهدة السلام مع إسرائيل
أحدث المبادرات التاريخية للإمارات كان التوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل يوم 15 سبتمبر / أيلول الجاري، وهو الأمر الذي شجع البحرين على توقيع إعلان تأييد السلام مع تل أبيب في اليوم نفسه.
توقيع المعاهدة تم في حفل أقيم بالحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ووقع المعاهدة عن الجانب الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي ، وعن الجانب البحريني وزير الخارجية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، كما مثل إسرائيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
جاء توقيع المعاهدة بعد مكالمة تاريخية جرت بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي 13 أغسطس/ آب الماضي.
وفي أعقاب الاتصال تم الإعلان عن “وقف إسرائيل عن خطة ضم أراض فلسطينية”.
وتعتبر المعاهدة إنجازا للفلسطينيين، من حيث نجاحها في وقف خطة إسرائيل لضم أجزاء من الضفة في مهدها.
وكان الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان قد أكد خلال الكلمة التي ألقاها في حفل التوقيع أن هذه المعاهدة ستمكن الإمارات “من الوقوف أكثر إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتحقيق آماله في دولة مستقلة ضمن منطقة مستقرة مزدهرة”.
وأكد أن “معاهدة السلام هذه التي تعد إنجازا تاريخيا لكل من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، لن يتوقف أثرها الإيجابي، بل إننا نؤمن بأن ثمارها ستنعكس على المنطقة بأسرها، فكل خيار غير السلام سيعني دمارا وفقرا ومعاناة إنسانية”.
وبتلك المعاهدة منحت الإمارات بارقة أمل وفرصة حقيقية إلى دول منطقة الشرق الأوسط بأن تنعم بالسلام والاستقرار بعد عقود طويلة من الصراعات والتوترات التي أثرت على مستقبل شعوبها.
سلام السودان
وجاء توقيع المعاهدة بعد نحو أسبوعين من اتفاق سلام تاريخي، وقعته الحكومة الانتقالية السودانية 31 أغسطس/ آب الماضي، بالأحرف الأولى وبرعاية إماراتية، مع حركات الكفاح المسلح.
ولاقى الاتفاق ترحيبا دوليا واسعا نظرا لأهميته بالنسبة لبلد يتأهب لإنهاء مرحلته الانتقالية وبناء مؤسسات دائمة تكفل لشعبه الاستقرار والأمن.
وفي كلمته خلال حفل التوقيع على الاتفاق، أكد حمد محمد حميد الجنيبي، سفير دولة الإمارات لدى الخرطوم، أن بلاده عملت على إنجاز هذا الاتفاق حرصا منها على ترسيخ السلام في السودان.
وبين السفير الجنيبي أن دولة الإمارات رعت هذا الاتفاق التاريخي من خلال حث جميع الأطراف، منذ عام مضى، على التوصل لاتفاق يهدف إلى استقرار السودان، آملة أن يحقق التطلعات المرجوة، ويرسخ متطلبات السلام بما يعود بالخير والمنفعة على السودانيين والمنطقة.
ويعتبر الاتفاق ثمرة جهود كبيرة بذلتها الإمارات على مدار سنوات، وجزءا من مساعٍ موازية لمساعدة السودان على انتقال سلمي للسلطة فيه.
بدوره أشاد محمد أمين عبدالله الكارب سفير السودان لدى الإمارات بدور أبوظبي الكبير و المهم في التوصل إلى ” اتفاق جوبا للسلام”.
ونوه في تصريحات صحفية إلى عقد دولة الإمارات محادثات مع مجموعة من الفصائل السودانية المهمة وأقنعتها بالانضمام إلى محادثات السلام بالتنسيق مع الحكومة الانتقالية في السودان، لافتا إلى أن الإمارات بذلت جهودا “كبيرة ومهمة ومقدرة” أسهمت في نجاح محادثات السلام.
دعم استقرار اليمن
ويأتي اتفاق جوبا بعد شهر من إعلان السعودية 29 يوليو/ تموز الماضي، أنها تمكنت بمشاركة فاعلة من الإمارات، من التوصل إلى آلية لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض.
واتفاق الرياض تم توقيعه في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وقوبل بترحيب عربي ودولي واسع باعتباره خطوة هامة لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، إلا أنه تم عرقلة تنفيذه من جماعة الإخوان الإرهابية المدعومة من قطر وتركيا.
وكان الاتفاق نفسه قد وُلد من رحم اجتماعات أرست دعائمها السعودية بالتوازي مع جهود الإمارات التي قدمت الغالي والنفيس لأجل عروبة اليمن.
وتواصل الإمارات تقديم نموذج مثالي للتسامح، في تعاملها مع أزمة اليمن، فرغم حجم التضحية التي قدمتها، والجهود الكبيرة التي قامت بها على مدار الفترة الماضية، تعرضت لإساءات وافتراءات كثيرة على خلفية الأحداث الأخيرة في عدن والمدن الجنوبية.
ورغم ذلك تسامحت الإمارات على الإساءات والافتراءات التي تعرضت لها، وقامت بإعلاء مبدأ التسامح، سعياً لإخماد الفتنة ورأب الصدع من أجل تحقيق مصلحة الشعب اليمني، وسعت بكل قوتها بالتعاون مع السعودية في رأب الصدع بين الأطراف اليمنية.
كما أظهرت الإمارات دعما للجهود الأممية الرامية إلى حل الأزمة اليمنية بالطرق السلمية.
وفي إطار استراتيجية السلام نفسها، امتدت سواعد الإمارات عبر ذراعها الإنسانية هيئة الهلال الأحمر، لتصل إلى اليمنيين الأكثر تضررا، عبر مساعدات متنوعة من أغذية وأدوية وألبسة وأغطية ومعدات إيواء، وافتتحت العديد من المدارس وقامت بتجهيزها.
إنهاء أطول نزاع في أفريقيا
أيضا كان لجهود الإمارات دور كبير في إنهاء أطول نزاع في أفريقيا، بين إثيوبيا وإريتريا.
وفي 9 يوليو/تموز 2018، وقع أسياس أفورقي رئيس إريتريا وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا إعلانا حول السلام، ينهي رسميا عقدين من العداء بعد آخر مواجهة عسكرية عام 2000 بين الجانبين، خلفت نحو 100 ألف قتيل من الجانبين وآلاف الجرحى والأسرى والنازحين وأنفقت خلالها أكثر من 6 مليارات دولار.
وتوج الاتفاق عددا من الخطوات الإيجابية بمبادرة إماراتية ومساندة سعودية لإنهاء الصراع بين إثيوبيا وإريتريا من خلال قمة ضمت الزعيمين في العاصمة أبوظبي، لتشكل هذه الجهود، التي أسهم فيها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، انتصارا لدبلوماسية السلام التي تقودها الإمارات والسعودية.
مواجهة كورونا.. وانتصار الإنسانية
أيضا يسجل تاريخ الإنسانية مبادرات الإمارات ومواقفها المشرفة، لدعم الجهود الدولية لاحتواء جائحة كورونا المستجد ” كوفيد 19″ تجاوزت فيها الإمارات حسابات السياسة الضيقة، وأعلت التضامن الإنساني، مؤكدة أنها ستبقى على الدوام خير سندٍ لأشقائها وأصدقائها وللإنسانية جمعاء، إيمانا منها أن التضامن الإنساني بين الشعوب راسخ، والخلاف السياسي عابر مهما امتد.
وفي ترجمة عملية لتلك المبادئ والقيم، جاء الاتصال الهاتفي الذي أجراه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس السوري بشار الأسد، مارس/آذار الماضي، لبحث دعم الشعب السوري جراء تفشي جائحة كورونا.
مبادرة هي الأولى من نوعها لمد يد العون للشعب السوري الشقيق في تلك الظروف الحرجة، تقدم بها الإمارات للعالم رسالة بشأن إعلاء القيم الإنسانية على المسائل السياسية مهما كانت الخلافات والاختلافات، كما سبق أن دعمت جهود إيران لاحتواء فيروس “كورونا”، تجسيدا للقيم الإنسانية التي تنتهجها.
وتأتي تلك المبادرة ضمن حزمة لفتات إنسانية ساندت فيها الإمارات جهود مكافحة فيروس كورونا.
كما أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالات مكثفة مع عدد من قادة العالم والشخصيات المؤثرة حول العالم، لبحث جهود احتواء انتشار فيروس كورونا، عبر خلالها عن دعم بلاده لتلك الدول لمواجهة كورونا.
وحظيت تلك المبادرات والاتصالات بتقدير وشكر من قادة العالم وشعوبه للإمارات قيادة وحكومة وشعبا على جهودها الخيرة لدعم الإنسانية في مواجهة هذا الوباء.
وثيقة الإخوة الإنسانية
أيضا لا ينسى العالم دور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في رعاية وثيقة “الأخوة الإنسانية” وهي وثيقة وقّعها قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة يوم 4 فبراير/شباط 2019.
جاء توقيع الوثيقة خلال لقاء الأخوة الإنسانية التاريخي، الذي شارك فيه الرمزان الدينيان الكبيران، خلال الفترة من 3 إلى 5 فبراير/شباط 2019، تلبية لدعوة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ومنذ توقيع الوثيقة تعمل الإمارات بالتعاون مع الرمزين الدينيين الكبيرين على نشر الوثيقة وتطبيق مبادئها على أوسع نطاق، عبر تحويل الوثيقة إلى برامج ومبادرات ومشاريع على مستوى العالم.
ووثيقة الأخوة الإنسانية تؤسس دستورا جديدا للتعايش السلمي يجمع الشرق بالغرب، يتضمن عدداً من الثوابت والقيم، منها قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحرية الاعتقاد ونشر الأخلاق ومفهوم المواطنة.
عمليات حفظ السلام
وخلال العقود الماضية شاركت الإمارات في عمليات لحفظ السلام في عدة مبادرات دولية، حيث شاركت في 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.
وانطلاقا من وفاء الدولة بعهودها والتزاماتها المؤيدة لقضايا الحق والعدالة، شاركت الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة في عملية تحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 1991 ضمن التحالف الدولي.
وترجمة لالتزام الدولة بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت الإمارات عام 1993 كتيبة من القوات المسلحة إلى الصومال للمشاركة في “عملية إعادة الأمل” ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي.
ووقفت الإمارات في عام 1994 بصورة واضحة إلى جانب البوسنة، بعدما تفجر الصراع بين البوسنيين والصرب، وأعربت للعالم عن قلقها العميق لما يجري للمسلمين في البوسنة.
وأقامت القوات المسلحة الإماراتية عام 1999 معسكرا لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفيين الذين شردتهم الحروب في مخيم “كوكس” بألبانيا، كما شاركت في عمليات حفظ السلام في كوسوفو، وفي عام 1999 كانت الإمارات هي الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي.
وفي عام 2003 شاركت الإمارات ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان “إيساف”، وبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الإماراتية المشاركة في القوة أكثر من 1200 عنصر، حيث لعبت هذه القوات دورا حيويا في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلا عن قيامها بدور مواز في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار هناك.
وبعد الأحداث التخريبية التي شهدتها البحرين ومحاولات التدخلات الخارجية في شؤونها في مارس/ آذار 2011، شاركت الإمارات بفاعلية ضمن قوات درع الجزيرة التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني ودرأت عنه مخاطر الفتن المذهبية.
وانضمت الإمارات إلى التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا مع مجموعة من الدول العربية والأجنبية