انقطاع الكهرباء والماء عن شمال السودان : البنية التحتية ضحية جديدة للحرب
ضرب محطة مروي التحويلية يعمّق معاناة المواطنين
مروي – صقر الجديان
في تصعيد جديد من تداعيات الحرب الدائرة في السودان، تعرّضت محطة مروي التحويلية – أحد أبرز المراكز الحيوية لتغذية الشبكة الكهربائية في شمال البلاد – لقصف مباشر ضمن العمليات العسكرية التي يقودها الجيش السوداني. هذا القصف أدّى إلى انقطاع شبه كامل للكهرباء والمياه في مدن وقرى عديدة مثل عطبرة، شندي، قُرى المحمية، البجراوية، وغيرها من المناطق الممتدة في ولاية نهر النيل.
المحطة التي تُعد شريانًا رئيسيًا لإمداد الكهرباء للولايات الشمالية لم تصمد أمام القصف، ما سبّب موجة تذمر واسعة وسط السكان الذين وجدوا أنفسهم محاصرين في ظروف معيشية بالغة القسوة، وسط حرارة الصيف، وشحّ في المياه، وتوقف الخدمات الصحية والتعليمية.
السكان يدفعون الثمن: حياة يومية تزداد تعقيدًا
يواجه المواطنون في الشمال واقعًا مأساويًا، بعد أن تحوّلت حياتهم اليومية إلى صراع من أجل البقاء. القطوعات في الكهرباء والمياه شلّت الخدمات الأساسية؛ تعطّلت المستشفيات، وتوقّفت المدارس، وانهارت البنية التحتية الهشة أصلًا.
“بقينا نشرب من الأحواض ونمشي كيلومترات نلقط الموية”، يقول أحد سكان عطبرة. ويضيف آخر من شندي: “الأطفال ما قادرين يتحمّلوا الحر، ولا في ضو ولا في تلاجات. الوضع لا يُحتمل”.
هذه المشاهد تعكس واقعًا يعيشه آلاف السودانيين في صمت، في ظل انشغال الأطراف المتنازعة بتحقيق مكاسب عسكرية على حساب استقرار المجتمع ومقوّمات حياته.
دعوات لوقف استهداف المنشآت المدنية وحماية البنية التحتية
في الوقت الذي تواصل فيه العمليات العسكرية التصاعد، ترتفع أصوات حقوقية ومدنية للمطالبة بحماية المنشآت المدنية، لا سيما تلك التي تمسّ حياة المواطنين بشكل مباشر، مثل محطات الكهرباء، والمياه، والمستشفيات.
منظمات إنسانية محلية وأخرى دولية حذّرت من كارثة وشيكة إذا استمرّ استهداف البنى التحتية. وأشارت إلى أن استهداف محطة مروي لا يمثّل مجرد تدمير مادي، بل هو قطع لأبسط مقوّمات الحياة عن آلاف الأسر، وزيادة محتملة في موجات النزوح من الشمال.
كما دعت منظمات المجتمع المدني إلى فتح تحقيقات مستقلة حول استهداف المنشآت الحيوية، وضرورة الضغط على الأطراف المتصارعة لاحترام القوانين الدولية التي تُجرّم استهداف البنية التحتية المدنية خلال النزاعات المسلحة.
ما حدث في محطة مروي التحويلية ليس حدثًا عابرًا، بل ناقوس خطر على مستقبل شمال السودان بأكمله. وبينما تتبادل الأطراف الاتهامات، يبقى المواطن البسيط هو الخاسر الأكبر، تُظلم مدنه، وتجف مياهه، وتُهدّد حياته… وكل ذلك تحت شعار الحرب.