بعد 4 أشهر من التوقيع ..اتفاق السلام السوداني يواجه تحديات التطبيق
الخرطوم – صقر الجديان
بعد نحو أربعة أشهر من توقيع اتفاق السلام السوداني ، بين الحكومة وتنظيمات الجبهة الثورية يكتنف الغموض مراحل تنفيذه بعد تأخر تطبيق كثير من بنوده وانزالها على الأرض.
ونصت بنود مصفوفة الاتفاق الموقع في 3 أكتوبر الفائت، على تعيين أطراف العملية السلمية في مجلس السيادة ومجلس الوزراء خلال 7 أيام من تاريخ إدراج اتفاقية السلام في الوثيقة الدستورية وهي خطوة اتخذت في 18 أكتوبر 2020.
وبموجب المصفوفة، يفترض اكمال تسمية أطراف الجبهة الثورية في المجلس التشريعي خلال 60 يومًا من تاريخ التوقيع على اتفاق السلام.
ومنح اتفاق السلام تنظيمات الجبهة الثورية 3 مقاعد في المجلس السيادي و75 مقعداً في المجلس التشريعي و25% من مجموع حقائب الجهاز التنفيذي إضافة للمشاركة الفاعلة في حكم إقليم دارفور والمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق).
وأرجع القيادي في الجبهة الثورية إبراهيم موسى زريبة تأخر تعيين أطراف السلام في مجلسي السيادة والوزراء إلى “محاولات التوافق على الحكومة الجديدة”.
وأضاف: “من ضمن أسباب التأخير: الرغبة في توافق أطراف السلام على الحكومة وكذلك الطرف الآخر وهو قوى الحرية والتغيير”، مشيرًا إلى أن هذه المشاورات استغرقت وقتا طويلا.
لكن زريبة أشار إلى أن طرفي اتفاق السلام أنجزا في المقابل بنوداً مهمة بينها تشكيل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ الاتفاق تضم الدول المانحة والضامنة للاتفاقية، إضافة إلى جنوب السودان التي توسطت بين الطرفين.
ولم يشمل التأخير تعيين أطراف السلام في المناصب السيادية والتنفيذية والتشريعية فقط، وإنما امتد إلى عدم تمثيلهم في اللجان القومية التي تتطلب طبيعتها تمثيل حزبي، وهو أمر كان يجب أن يتم خلال شهر من لحظة إدراج الاتفاق في الوثيقة الدستورية، إضافة إلى عدم مشاركتهم في لجنة إزالة تمكين النظام السابق.
وأفاد أمين أمانة الإعلام بحركة تحرير السودان قيادة مني أركو مناوي، محمد حسن، بعدم التزام أي جهة بتنفيذ المصفوفة، نظرًا لأوضاع السودان.
وقال حسن إن تأخر إعلان الحكومة هو عدم اتفاق تنظيمات الجبهة الثورية حول تقاسم السُّلطة، متوقعًا تشكيل الحكومة خلال أسبوع بعد ظهور بوادر توافق بين أطراف العملية السلمية في هذا الأمر.
وأكد على أن الوضع في البلاد لا يحتمل تأخير إعلان الحكومة نظرًا لتردي الأوضاع الاقتصادية وسوء الأحوال الأمنية والاحتجاجات المتكررة على أزمات شح الخبز والوقود.
وبشأن تكوين المفوضيات واستعادة نظام الحكم الإقليمي، قال حسن إن أطراف الحكم تُتشاور حاليًا للتوافق على إعادة تشكيل المجلس السيادي ومجلس الوزراء وتكوين المجلس التشريعي، وبعد الفراغ منهم يتم النظر فيهم.
ونصت مصفوفة تنفيذ اتفاق السلام على استعادة نظام الحكم الإقليمي، خلال مدة لا تتجاوز 60 يومًا من توقيع الاتفاق، وهو ما لم يحدث.
وأقر اتفاق السلام إنشاء عدد من المفوضيات، منها مفوضية قومية للحريات الدينية ومفوضية للسلام بعد التوقيع على الاتفاق، إضافة إلى مفوضية العدالة خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق، علاوة على عقد مؤتمرات المصالحات والتعافي الاجتماعي، لكن لم تقم حتى الآن أي مفوضية ولم يلتئم مؤتمر.
وتحدثت تقارير صحفية خلال الأيام الفائتة عن خلافات بين تنظيمات الجبهة الثورية حول تقاسم السُّلطة الممنوحة لهم في اتفاق السلام، الأمر الذي دفع الوساطة الجنوب سودانية لتقديم مقترحات لحل هذه الخلافات.
وأسهمت الخلافات التنظيمية وسط بعض مكونات الجبهة الثورية مثل حركة كوش والجبهة الثورية المتحدة وتنظيمات شرق السودان في تعقيد أوضاع أطراف العملية السلمية.
واتهم نائب رئس الحركة الشعبية – شمال، ياسر عرمان، في تصريحات نشرت الثلاثاء جهاز المخابرات بإعاقة تنفيذ اتفاق السلام.
وأضاف: “هنالك تعمد لاستخدام ذات أساليب النظام السابق، تقوم بها أجهزة المخابرات والأمن بشكل وأضح”. مشيرًا إلى أن هذه الأجهزة “لا زالت فاعلة وتستخدم نفس أساليب النظام القديم في تقسيم الحركات وتشويه صور قادتها، واستهدافهم بطرق تبدو كأنها من داخل الحركات”.
لكن جهاز المخابرات العامة رد على عرمان بالقول إنه ليس له ” دور أو مصلحة في شق الصف بين أطراف عملية السلام”، مشددًا على احترامه وتقديره لقادة أطراف السلام.
وأضاف، في بيان، تلقته “شبكة صقر الجديان”: ” ما يتم داخل أروقة العملية السلمية شأن داخلي هم أحرص عليه من تدخل أي جهة أخرى ليس لها علاقة بتأسيس تلك الاطراف وتقسيماتها أو شكل تحالفاتها التي قامت عليها وفق خياراتها ومصالحها”.
وأشار جهاز المخابرات إلى أنه “حريص على بلوغ عملية السلام في السودان الي غاياتها الوطنية، كما أنه شارك وساهم في العملية السلمية انطلاقا من دوره الوطني بأهمية السلام في هذه المرحلة التاريخية التي يمر بها السودان”.