بكتيريا غريبة تعيش على الهواء فقط قد تكون أكثر انتشارا مما نتوقع
في أول متابعة لدراسة أجريت عام 2017، أظهرت أبحاث حديثة أن الميكروبات في أنتاركتيكا لديها قدرة فريدة على العيش بشكل أساسي على الهواء.
واكتشف العلماء في البداية أن البكتيريا في تربة أنتاركتيكا لا تتنفس الهواء فحسب، بل تأكله أيضا. والآن، تُظهر الدراسة الجديدة أن هذه الميكروبات يمكن أن تكون موجودة في مكان آخر، حيث تم اكتشافها من خلال التحليل الجيني للتربة من المناطق الثلاث الجليدية على كوكبنا، وهي: القطب الشمالي وأنتاركتيكا وهضبة التبت.
ونظرا لأنه تم اكتشاف هذه البكتيريا حتى الآن في بيئات منخفضة للغاية من المغذيات، فمن المحتمل أن تلعب دورا رئيسيا في تعزيز الحياة من حولها.
وأوضحت عالمة الأحياء الدقيقة بيليندا فيراري من جامعة نيو ساوث ويلز (UNSW) في أستراليا: “هناك أنظمة بيئية كاملة تعتمد على الأرجح على هذه العملية الجديدة لتثبيت الكربون الميكروبي، حيث تستخدم الميكروبات الطاقة التي يتم الحصول عليها من استنشاق غاز الهيدروجين الجوي لتحويل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي إلى كربون، من أجل النمو”.
وتنضم هذه العملية التي تسمى التركيب الكيميائي في الغلاف الجوي، إلى التركيب الضوئي والتغذية الكيميائية الحرارية الأرضية كطريقة أخرى يمكن للمنتجين الأساسيين أن يصنعوا اللبنات العضوية الخاصة بهم للنمو وتخزين الطاقة، باستخدام التفاعلات القائمة على المواد غير العضوية.
وتعمل هذه البكتيريا الخاصة على أكسدة الهيدروجين من الهواء لدفع سلسلة من التفاعلات التي تحول الكربون الجوي إلى أنسجة حية، والتي يمكن لأشكال الحياة الأخرى الاستفادة منها أيضا، عن طريق الاستهلاك.
وقالت فيراري: “نعتقد أن هذه العملية تحدث في وقت واحد جنبا إلى جنب مع عملية التمثيل الضوئي عندما تتغير الظروف، مثل الشتاء القطبي عندما لا يكون هناك ضوء”.
وأضافت: “لذلك، في حين أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتأكيد حدوث هذا النشاط على مستوى العالم، فإن حقيقة أننا اكتشفنا الجينات المستهدفة في تربة الأقطاب الثلاثة تعني أن هذه العملية الجديدة من المحتمل أن تحدث في الصحاري الباردة حول العالم، ولكن تم تجاهلها ببساطة حتى الآن”.
ويشير الفريق إلى أن عادات البكتيريا الغذائية، التي تزيل الكربون مباشرة من الغلاف الجوي، وحقيقة أنها قد تكون أكثر انتشارا مما أدركنا، تكشف عن مصدر محتمل آخر للكربون.
وأوضحت فيراري: “ربما تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن التركيب الكيميائي في الغلاف الجوي يساهم في موازنة الكربون العالمية”.
وبحثت عالمة الأحياء الدقيقة وزملاؤهما في 122 عينة تربة من 14 موقعا صحراويا باردا وخاليا من الجليد بحثا عن جينات مرتبطة بشكل فريد بالتركيب الكيميائي في الغلاف الجوي.
وتتعرض هذه المواقع لدورات التجميد والذوبان المنتظمة والأشعة فوق البنفسجية الحارقة ومستويات منخفضة للغاية من الرطوبة والكربون والنيتروجين.
وهنا، حتى الميكروبات التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي نادرة. ومع ذلك، وجد الباحثون هذه الجينات بكميات مختلفة في كل موقع.
ويشتبه الفريق في أن الميكروبات التي تستخدم استراتيجية تثبيت الكربون منخفضة الموارد قد تكون منتشرة على نطاق واسع في المناطق الصحراوية المتعطشة للمغذيات، والتي من المقرر أن تزداد بسبب الاحتباس الحراري.
وتمتد هذه المناطق القاحلة إلى حد كبير حاليا على 35% من سطح الأرض، ولكن بحلول نهاية القرن من المتوقع أن تغطي ما يصل إلى 56%.
ويأمل الباحثون الآن في عزل البكتيريا التي تتغذى على الهواء لمعرفة المزيد عنها، والبحث عن علامات وجودها في النظم البيئية الأخرى.
مع بعض الحظ (والكثير من العمل الشاق)، يمكن لمجتمعات الخلايا هذه أن تزيد من فهمنا لأنظمة تثبيت الكربون الضرورية للحياة على كوكبنا وتوفر رؤى حول إمكانية وجود أشكال حياة مماثلة موجودة في أماكن أخرى من كوننا.
إذا تمكنت البكتيريا من البقاء على قيد الحياة بمجرد التهام الغلاف الجوي للأرض، فمن الممكن أن تفعل شيئا مشابها في أي مكان آخر في النظام الشمسي وما وراءه.