(بناء السودان) يطرح خارطة مثيرة للجدل تتحدث عن ضمانات بعدم محاسبة العسكر وإلغاء التشريعي
الخرطوم – صقر الجديان
طرح حزب “بناء السودان” خارطة لاستعادة التحول الديمقراطي، تتضمن مقترحات مثيرة للجدل من بينها احتفاظ الجيش بشركاته وضمان عدم إخضاع القادة العسكريين للمساءلة.
وتجد فكرة تقاسم السُّلطة مع قادة الجيش، معارضة شرسة من الفاعلين في الساحة السياسية بما في ذلك لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير، خاصة بعد الانقلاب الذي نُفذ في أواخر أكتوبر 2021.
وقال الحزب، في خارطة استعادة التحول التي حصلت عليها “شبكة صقر الجديان”؛ إن أي اتفاق يجب أن يحتوى على “توفير ضمانات بعدم اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد أعضاء المجلس العسكري الانتقالي والمكون العسكري في مجلس السيادة وقادة الجيش بصفتهم الاعتبارية”.
واقترح احتفاظ الجيش بشركاته التجارية، شريطة أن تخضع لقانون الشركات لسنة 2015 وللمراجعة العامة وعدم منحها أي إعفاءات أو امتيازات.
ويمتلك الجيش عشرات الشركات التي تعمل في مجالات مدنية حيوية مثل طحن القمح وصُنع الأدوات الكهربائية وتصدير المحاصيل الزراعية واللحوم والمواشي.
واقترحت خارطة استعادة التحول الديمقراطي توسيع مجلس السيادة ليشمل 24 عضوًا، يرأسه القائد العام للجيش،ويضم 6 ممثلين للجيش والدعم السريع و4 أعضاء من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام وممثل لحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور وآخر يتبع للحركة الشعبية – شمال بزعامة عبد العزيز الحلو.
وإضافة إلى هؤلاء، يتحدث المقترح عن 6 أعضاء تختارهم لجان المقاومة وعدد مماثل تُرشحه قوى الحرية والتغيير؛ نصفهم من النساء من الطرفين.
وأرجع حزب بناء السودان إجراء تسوية مع قادة الجيش وإفلاتهم من العقاب إلى أن تحقيق التحول الديمقراطي المستدام يتطلب ذلك.
وقال إن حوار التسوية يجب أن يُجرى وفق مبادئ تؤسس لإخضاع الجيش للسُّلطة المدنية الشرعية، مع إظهار الاحترام لها لخصوصية طبيعتها العسكرية.
وأضاف: “إن تحقيق اتفاق يخاطب طموح واهتمامات قادة الجيش المنخرطين في السياسية، ويقدم وعودا لتطوير القوات المسلحة، أولوية أثبتت نجاحًا ساهم في تغيير حياة شعوب كثيرة إلى الأفضل”.
واقترحت الخارطة التزام الجيش بتسليم السلطة ودعمه للتحول الديمقراطي والنأي عن السياسة والخضوع للسُّلطة المدنية التي ستنتخب.
واتهم حزب بناء السودان قوى سياسية كثيرة – لم يسميا – بأنها لا تزال لديها خلايا داخل الجيش.
ولم تكتفي خارطة طريق حزب بناء السودان بإفلات قادة الجيش من العقاب واستمرار تقاسم السلطة، بل اقترحت إلغاء المؤتمر الدستوري.
وكان مقررا إجراء مؤتمر دستوري في نهاية فترة الانتقال لتحديد مستقبل نظام الحكم في البلاد وإقرار مسودة الدستور الدائم الذي سيُجاز بواسطة أول مجلس تشريعي منتخب.
وقالت الخارطة “إن صياغة دستور دائم والتوافق عليه يتطلب ظروف كثيرة أهمها الاستقرار السياسي والاقتصادي وإحلال السلام وإعادة النازحين”.
وتابعت: “كما أن النضج السياسي للقوى السياسية والمجتمع المدني، والابتعاد عن التجاذبات الحادة، كلها ظروف لابد من توفرها مسبقًا”.
وأشارت إلى أن وجود حكومة وبرلمان منتخبين يمثل مرتكزًا مهما لابتدار النقاش الأولي داخلهما، وصياغة مسودة مبدئية يتم طرحها لكل مكونات الشعب.
وقال الحزب إن “النظر بواقعية لظروف السودان الراهنة والسياق التاريخي لقضية الدستور، يدفعنا للاعتقاد أن إنجاز الدستور الدائم غير ممكن حاليا، بل إن الأمر يحتاج لسنوات”.
واقترح حزب بناء السودان الاستغناء عن فكرة عقد المؤتمر الدستوري” لتعذر الإجماع واحتمال أن يكون المؤتمر مدخلا لصراعات جديدة تزيد من حدة الاستقطاب، مرجحًا أن تقود الخطوة إلى انقلابات عسكرية أو حروب”.
ودعا لاعتماد دستور السودان لعام 2005، كمرجعية دستورية تقوم على أساسها الانتخابات ويكون إطار قانوني لعمل الحكومة المنتخبة؛ كما يمكن اعتماده كدستور دائم مع تعديله عبر الآليات المدنية المعروفة.
وفي 13 أكتوبر 2019، شكّل حزب بناء السودان حكومة ظل لحكومة الانتقال التي تكونت في أغسطس من ذات العام.
وذهبت خارطة الطريق إلى ضرورة الاستغناء عن فكرة تكوين مجلس تشريعي خلال فترة الانتقال التي أقرت بالوثيقة الدستورية مرجعية لعملها؛ على أن يُسند التشريع إلى مجلسي السيادة والوزراء.
وتعارض قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة العمل بالوثيقة الدستورية التي توصل إليها في 2019، وتدعو لترتيبات دستورية جديدة تُبعد العسكر عن السُّلطة.
وشددت خارطة استعادة الانتقال الديمقراطي على ضرورة عدم تدخل مجلس السيادة في عمل تنفيذي؛ كما إن الحكومة التنفيذية يجب أن تكون مهامها تصريف أعمال فقط دون الدخول في التزامات أو خطط طويلة المدى.
واقترحت تعيين رئيس وزراء مستقل، ورشحت رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك لشغل المنصب؛ مع إعطائه صلاحيات واسعة لتشكيل حكومة تكنوقراط غير محزبة لا يتجاوز عدد الوزراء فيها الـ14 .
وأشارت إلى أن رئيس الوزراء يُشكل الحكومة ويعيين ولاة الولايات وقادة الخدمة المدنية؛ إضافة إلى ترؤسه مجلس الأمن القومي الذي يضم قادة القوات النظامية ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والحكم الاتحادي.
ونادي حزب بناء السودان باتخاذ تدابير قضائية وغير قضائية تُرسخ لمفاهيم سيادة حكم القانون، وتحقيق استقلال القضاء لضمان محاكمة المتهمين بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان بشكل فردي.
وأشار الحزب إلى أنه من الضروري إنشاء لجنة وطنية مستقلة بمسمى “لجنة الحقيقة والمصالحة”، لتعد تقريرا مفصل عن انتهاكات حقوق الإنسان مُنذ 1989 إلى وقت تكوينها؛ يتضمن مقترحات لجبر الضرر وإزالة المظالم.
وطالب بإنشاء لجنة أخرى هي “لجنة جبر الضرر والمصالحة”، لتُنفذ تدابير جبر الضرر وتقديم تعويضات لأسر الضحايا.
وفيما يخص الاقتصاد، قالت الخارطة إنه يجب الحفاظ على الوضع الراهن بحيث “تظل المؤشرات الاقتصادية ثابتة طوال الفترة الانتقالية”.
وأرجع خطوة الحفاظ إلى أن القرارات الاقتصادية – سواء لها نتائج سيئة أو جيدة – تتطلب قدرًا من الإجراءات القاسية على قطاعات غير محدودة من الشعب وهو أمر يحتاج إلى رصيدا كبيرا من الشرعية للنظام الحاكم.