بناء جيش وطني موحد المطلب الأكثر إلحاحاً في السودان
الخرطوم – صقر الجديان
منذ سقوط نظام الإخوان في الـ11من أبريل 2019، ظلت قضية هيكلة القطاع الأمني والعسكري الأكثر حضوراً في المشهد السوداني، بل أصبحت واحدة من المطالب الأساسية للقوى التي قادت التغيير، ونصت الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية على ضرورة إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية، كما أكدت اتفاقية جوبا للسلام التي وقعت بين الحكومة الانتقالية وعدد من فصائل التمرد على ضرورة بناء جيش وطني موحد، فالإصلاح العسكري بحسب مراقبين بات ضرورة تفرضها الحالة التي تشهدها البلاد.
ولكن ثمة مخاوف تعتري المؤسسة العسكرية جراء ذلك المطلب، على الرغم من تأكيدات القائد العام للجيش الفريق عبدالفتاح البرهان، بأهمية بناء جيش وطني واحد، وما صدر أخيراً عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بشأن إصلاح المنظومة العسكرية والأمنية وتنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان بما في ذلك بند الترتيبات الأمنية وصولاً لجيش واحد مهني يعكس تعدد السودان وتنوعه.
ويؤكد الخبير الأمني العسكري اللواء معاش أمين مجذوب لـ«البيان» أن هيكلة الأجهزة الأمنية والنظامية واحدة من مطلوبات ثورة ديسمبر، غير أنه أشار إلى أن الأمر معقد في مصطلحاته وفي مفاهيمه وفي تفسير ما هو مطلوب، ويضيف: «هناك خلط فيما يتعلق بالعقيدة العسكرية وهي التي تحدد كيف تقاتل القوات ولماذا تقاتل، وهي دافعية في حال إنها تقوم على المحافظة على الحدود، أما في حال أنها كانت توسعية فهي عقيدة هجومية»، ويلفت إلى الآن يتم الحديث عن الأيديولوجيا أو ما يعرف بالتوجيه المعنوي، وهذه أمور يمكن معالجتها حد قوله من خلال العمل اليومي.
ويلفت مجذوب إلى أن القوات المسلحة موجودة كقوات منظمة، ومبنية ولها تاريخها، فهي تم تأسيسها منذ العام 1908 تحت اسم «قوة دفاع السودان»، وبعد الاستقلال أصبحت «الجيش السوداني»، ويضيف: «قد يحدث تمرد بوجود قوات خارجة عن القانون، ومن ثم ترجع هذه الحركات باتفاقات سلام، وهنا يتم اتباع نظام الدمج والتسريح لمعالجة مثل هذه الملفات، وذلك عبر الدمج الكامل داخل الجيش، أو التسريح وهو متعلق بمن يرغب في الرجوع للحياة المدنية، يضيف: «القوات التي يتم دمجها تخضع في ذلك لشروط القوات النظامية وليست بشروط الحركات المسلحة».
ولكن تظل عملية الإصلاح الأمني العسكري ضرورة وفقاً للمحلل السياسي الجميل الفاضل، إذ يرى في حديث لـ«البيان» أن الواقع الذي خلفه نظام الأخوان يستدعي إعادة نظر جذرية في المؤسسة العسكرية (الجيش، الشرطة، جهاز الأمن والمخابرات)، وأشار إلى أنه وبعد حجم الفساد الكبير، والتخريب الذي أصاب المؤسسة العسكرية السودانية إبان فترة حكم الأخوان.
ولإجراء الإصلاحات على المؤسسات الأمنية والعسكرية يؤكد الفاضل على ضرورة وضع خطط لعملية إعادة هيكلة القوات المسلحة، وإدماج الميليشيات المختلفة في جيش قومي واحد ذو عقيدة وطنية في دولة مواطنة بلا تمييز، و«أعتبر ذلك هو الأساس الوحيد الذي يمكن أن يتم إخراج السودان من هذا النفق الذي حشرته فيه تجربة حكم الإخوان».
وقبل ذلك يضيف الفاضل: «يجب أن تتوفر إرادة من كافة هذه الميليشيات من قيادة الجيش وقيادة قوات الدعم السريع بقبول مبدأ أن يتم تكوين جيش سوداني قومي موحد على عقيدة قتالية جديدة»، ويضيف: «لو أن الإرادة لم تتوفر في هذا الأمر يصبح من الصعب إعادة بناء الجيش السوداني على الأسس المهنية».
إقرأ المزيد