تحذيرات من تفشي الحصبة وسط النازحين بشمال دارفور
طويلة – صقر الجديان
حذرت منظمة أطباء بلا حدود، الأربعاء، من بدء تفشي وباء الحصبة في مواقع النزوح بمنطقة طويلة بولاية شمال دارفور.
واستقبلت طويلة، الخاضعة لسيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، 303 آلاف نازح من مخيم زمزم اعتبارًا من 12 أبريل السابق، كما استقر فيها عشرات الآلاف الذين فروا من الفاشر ومناطق أخرى بشمال دارفور.
وقالت أطباء بلا حدود، في بيان إنه “بعد أسبوع واحد فقط من بدء تدفق الوافدين من زمزم، عاينت فرقنا عدة حالات يُشتبه بإصابتها بالحصبة بين الأطفال الوافدين حديثًا، ما يشير إلى أن المرض بدأ بالانتشار داخل مواقع النزوح”.
وأشارت إلى أن المنطقة شهدت تفشي الحصبة خلال الفترة السابقة، حيث جرى علاج أكثر من 900 شخص يُشتبه في إصابتهم بالحصبة منذ مطلع فبراير، احتاج أكثر من 300 منهم إلى دخول المستشفى بسبب حالتهم الحرجة.
وأضافت: “دفعتنا خطورة الوضع إلى إطلاق حملة تطعيم واسعة النطاق في المنطقة خلال الأسبوع الأول من أبريل، شملت تطعيم نحو 18 ألف طفل دون سن الخامسة”.
ويعيش النازحون في طويلة داخل مواقع مكتظة وفي العراء وتحت ظلال الأشجار، مما يضاعف مخاطر تفشي الأمراض، خاصة وأن معظم النازحين من الفئات الأشد ضعفًا ويعانون من الجوع الشديد.
مزيج خطير
وكشفت أطباء بلا حدود عن ارتفاع أعداد الأطفال في مركز التغذية العلاجية المركّزة، الذي يعالج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والأمراض المصاحبة الأخرى، وهو مركز ملحق بمستشفى طويلة.
وذكرت أن المركز أصبح يستقبل 60 حالة أسبوعيًا بعد تدفق النازحين الأخير، فيما كان يرتاده سابقًا 6 إلى 7 أطفال في الأسبوع، مشددة على أن “هذا يشكل تذكيرًا واضحًا بالوضع الغذائي الصعب في المخيم المنكوب بالمجاعة”.
وأضافت: “قد تُشكّل الإصابة بسوء التغذية والحصبة في الوقت نفسه خطرًا فتاكًا في مواقع النزوح المكتظة التي تفتقر إلى مقوّمات النظافة، مع عواقب كارثية على الأطفال الصغار”.
وأنشأت أطباء بلا حدود نقطتين صحيتين في مواقع وصول النازحين إلى طويلة، بغرض تقديم المياه والدعم الغذائي والطبي الفوري للواصلين الجدد، حيث تُحيل الحالات الحرجة إلى مستشفى طويلة.
وقالت المنظمة إنها عالجت 779 شخصًا أصيبوا بجروح ناجمة عن الرصاص والانفجارات، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بينهم 138 طفلًا و187 حالة حرجة.
وأضافت: “كان أصغر طفل يبلغ من العمر سبعة أشهر، إذ أُصيب بطلق ناري اخترق ذقنه واستقر في كتفه. كما استقبلنا رُضّعًا لا يتجاوز عمر بعضهم اليوم الواحد إثر معاناتهم من الجفاف”.
وضع النازحين الجدد
وأفادت المنظمة أن أعداد المقيمين في ملاجئ مؤقتة في حقول كانت خالية تمامًا قبل أسابيع قليلة، تُقدّر بعشرات الآلاف.
ونقلت عن نازح فرّ من زمزم سيرًا على الأقدام مع 11 فردًا من عائلته، قوله: “نحن هنا منذ أربعة أيام كما ترون، بلا شيء، من دون جدران أو سقف”.
وقال النازح إنه حمل أحد أطفاله على كتفيه والآخر على ظهره طوال خمسة أيام، مشيرًا إلى أن الجنود دخلوا إلى المنازل في زمزم وأخرجوا الناس منها ثم أطلقوا النار عليهم، حيث قُتل ثلاثة من إخوته بهذه الطريقة.
وأوضح أنه تعرّض للنهب، خلال رحلة نزوحه إلى طويلة، كما شاهد أشخاصًا يُضربون بوحشية إلى درجة لم يعودوا فيها قادرين على الحركة.
وأضاف: “ليس لدينا ما نأكله، والجميع جائع. نحصل على بعض الطعام من المطابخ المجتمعية.
وأحيانًا نتمكّن من الحصول على قليل من الأرز عندما يوزّعون الوجبات، وإلا فنضطر للانتظار حتى اليوم التالي لنجد ما نأكله. أما المياه، فنذهب إلى بئر يشرب منه كثيرون، فننتظر ساعات طويلة حتى نتمكّن من الشرب”.
نقص مياه الشرب
وشدّدت منظمة أطباء بلا حدود على أن الفارين من زمزم إلى طويلة يصلون في أوضاع بالغة الصعوبة، نظرًا إلى أن المخيم يعاني من مجاعة منذ أغسطس 2024، علاوة على إصابة عدد كبير من الأشخاص بجروح بالغة خلال الهجوم.
وشنّت قوات الدعم السريع في 11 أبريل السابق، هُجومًا برِيًّا على مخيم زمزم بعد أشهر من القصف المدفعي، لتسيطر عليه بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات أودت بحياة 400 مدني، بينهم عمال إغاثة، وفرار 406 آلاف شخص، وفقًا للأمم المتحدة.
وقالت نازحة فرت من زمزم إلى طويلة، في إفادة نشرتها أطباء بلا حدود، إن المقاتلين “جاؤوا بأسلحتهم الرشاشة. هاجموا الناس وقتلوهم، وكان بينهم أطفال. أحرقوا منزلنا بكل ما فيه من ممتلكاتنا. اغتصبوا النساء. قتلوا ونهبوا”.
وأضافت: “حتى قبل الهجوم، كان الناس يموتون عطشًا وجوعًا بسبب الحصار الذي فُرض على زمزم منذ عام. كل شيء كان باهظ الثمن ولم يعد بمقدور الناس تحمّل كلفته في النهاية”.
وشكت النازحة من عدم توفر الطعام في طويلة، حيث “أعطانا السكان بعض دقيق الدخن وصنعنا منه عصيدة. هذا التسوّل هو ما يبقينا على قيد الحياة حتى الآن”.
وتابعت: “نحصل على الماء من الخزان، لكن لا يُسمح لنا بملء أكثر من وعاء واحد لكل عائلة، ونحن 20 فردًا. لدينا بطانية واحدة فقط نتقاسمها جميعًا”.
وقدّمت أطباء بلا حدود مواد غذائية جافة إلى المطابخ المجتمعية، ما مكّنها من تحضير وتوزيع أكثر من 16 ألف وجبة يوميًا، كما توفّر 100 ألف لتر من المياه النظيفة يوميًا.
ويقول برنامج الأغذية العالمي إنه قدّم مساعدات إلى 335 ألف نازح في طويلة، شملت إمدادات غذائية وتغذوية طارئة، خلال الأسبوع المنصرم.