تعددت الوساطات والصراع مستمر.. هل تجمع أفريقيا جنرالات السودان؟
الخرطوم – صقر الجديان
دخول قوي لمجلس السلم والأمن الأفريقي على خط الأزمة السودانية، فهل يؤدي إلى إسكات البنادق؟.
المجلس الأفريقي أعلن اليوم عن تشكيل لجنة من رؤساء عدة دول أفريقية للتواصل مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” للوقف الفوري للحرب دون أية شروط.
وأوضح المجلس أن اللجنة ستبدأ في التواصل مع طرفي الصراع خلال الأسبوع المقبل، مشيرا إلى أن سيتم عقد قمة أفريقية استثنائية بشأن الوضع في السودان خلال الفترة المقبلة، فهل ستفلح هذه المحاولة؟.
محاولات التقارب السياسي
الكاتب والمحلل السياسي السوداني، أمير بابكر، قال إنه “من الواضح أن هناك حراكا كبيرا لإيجاد حلول للأزمة السودانية، وبدأت تحركات في مختلف المبادرات المطروحة منذ اندلاع الأزمة، وهناك محاولات للتوصل إلى تقارب سياسي بين الفرقاء السودانيين لوضع ملامح المشهد السياسي ما بعد الحرب”.
وأضاف بابكر لـ”العين الإخبارية”، أن “المنظومات الأفريقية دخلت بثقلها منذ بداية الحرب في محاولة لوقف الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لكن هناك واقعا ألقى بظلاله على هذه المحاولات، وهو تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي في 2021”.
بابكر تابع قائلا “سبق للاتحاد الإفريقي أن أعلن عن تكوين لجنة للجمع بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع، ولكنها لم تصل إلى أي نتيجة ملموسة، كما لازم الفشل أيضا الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “إيغاد” في هذا الأمر.”
واعتبر أن استمرار المحاولات شيء مطلوب خاصة في مثل هذه الأزمة غير المسبوقة التي طالت السودان وأول من تأثر بها هم المواطنون.”
تفعيل منبر جدة
بابكر أكد أن الوضع الإنساني الكارثي في السودان يحتم بذل كل الجهود وتضافرها من أجل الوصول لوقف إطلاق نار بين الطرفين.
وقال “من أجل ذلك يجب تفعيل منبر جدة الذي ترعاه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، خاصة أنه وصل إلى تفاهمات حول العديد من القضايا والأجندة المتعلقة بوقف إطلاق النار.”
وسبق وأن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/ أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
وأفلح منبر جدة إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات؛ ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/ كانون الأول 2023.
ترتيبات أمنية ملزمة
وقال إن “جلوس البرهان وحميدتي قبل الوصول إلى تفاهمات فنية لوقف إطلاق النار وتحديد آليات المراقبة للترتيبات الأمنية، لن يكون له معنى، خاصة أن هناك جهات سياسية لها مصلحة في استمرار الحرب إلى حين وصولها إلى نقطة توازن تعيد وجودها على المسرح السياسي.”
وأضاف، “لذلك من الضرورة اتخاذ خطوات وضغوط من أجل الوصول إلى تفاهمات سياسية وترتيبات أمنية ملزمة وبآليات واضحة وقرارات أممية تفضي إلى وقف إطلاق النار والفصل بين القوات وانسياب المواد الإغاثية للملايين الذين يواجهون خطر المجاعة وعودة النازحين واللاجئين.”
خطوة مهمة
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني، محمد الأسباط، إن :تشكيل لجنة من رؤساء عدة دول أفريقية للتواصل مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، للوقف الفوري للحرب دون أية شروط، خطوة مهمة جدا وإن جاءت متأخرة كثيرا”.
وأضاف الأسباط لـ”العين الإخبارية” أنه “يبدو أن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، مؤخرا إلى بورتسودان كانت مقدمة لمثل هذا القرار”، مشيرا إلى أنه سبق للاتحاد الأفريقي اقتراح مبادرات ولكن البرهان، كان يرفضها دائما بحجة عدم التشاور معه في تلك المبادرات، لكن يبدو واضحا أن زيارة آبي أحمد كانت مقدمة وواضح أن ثمة مشاورات تمت مع قائد الجيش، الذي يبدو أنه وافق هذه المرة على المقترح الأفريقي.”
وبحسب الأسباط فإن “الدور الأفريقي في الحرب السودانية كان دون المتوقع والمنتظر من قبل السودانيين والمراقبين والمحللين”، مضيفا أن “هذه المبادرة من مجلس السلم والأمن الأفريقي قد تحقق اختراقا على جبهة الحرب في السودان.”
بلورة الإرادة السياسية والدبلوماسية
من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي، يوسف حمد، “حين نتحدث عن مجلس السلم والأمن الأفريقي علينا أن نتذكر أنه المعادل الإقليمي لنظيره الدولي، وذراعه التي سبق له التدخل بها في بعض مشكلات القارة، من هذا المنطلق يمكن التعويل عليه إذا تحرك بجدية.”
وأضاف حمد لـ”العين الإخبارية”، “بالنظر إلى الحالة السودانية، فهي ليست معقدة بالقدر الذي يعجز فيه مجلس السلم والأمن الأفريقي عن حلها أو المساهمة في حلها، وحتى الآن لديه القدرة على المساهمة في ذلك، ليست بالضرورة أن تكون هذه القدرة عسكرية، لكنه يملك القدرة على بلورة الإرادة السياسية والدبلوماسية المنحازة لاستقرار السودان، وبالتالي استقرار الإقليم.”
من جهته، قال المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي فائز الشيخ، وهو مستشار رئيس الوزراء السابق، “أي تحرك في اتجاه وقف الحربة هو خطوة إيجابية ومرحب بها”.
وأضاف الشيخ لـ”العين الإخبارية” إن “لقاء البرهان وحميدتي إذا تم فيمكن أن يمثل اختراقا إذا خرج بإعلان مبادئ لوقف العدائيات لكنه لن ينهي الحرب فورا، فهي حرب داخلها حروب متعددة الأجندة في وقت تتعدد فيه مراكز القرارات.”
وأكد أن المطلوب هو مناقشة جذور الصراع على مستوياتها الاجتماعية والسياسية مع ضرورة وجود إرادة سودانية لم تتوفر حتى الآن.
أسوأ كارثة إنسانية
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء.
وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا، في أزمات يشعر العاملون في المجال الإغاثي بالعجز حيالها بسبب رفض منحهم تأشيرات دخول وفرض رسوم جمركية باهظة على المواد الغذائية، إضافة إلى نهب المخازن وصعوبة الوصول إلى العالقين قرب جبهات القتال.
وانهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان، وتقدّر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار.
ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين، بمن في ذلك العاملون في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل فيها 80% من القوى العاملة في البلاد، نتيجة توسع نطاقها مصحوبا بالهجمات العشوائية على المدنيين.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات “الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.