تفاصيل جديدة عن اعتقال بكراوي والمصطفى… تصفية حسابات أم إجراءات قانونية؟

بورتسودان – صقر الجديان
نشرت صحيفة “سودان تربيون” تفاصيل ومعلومات جديدة بشأن توقيف السلطات العسكرية في السودان القائد الثاني لسلاح المدرعات السابق، اللواء عبد الباقي بكراوي، وخالد المصطفى سليمان، أحد قادة المقاومة الشعبية، الأسبوع الماضي.
وقاد اللواء بكراوي ومجموعة من الضباط في سلاح المدرعات بالشجرة، محاولة انقلابية في عام 2021 للاستيلاء على السلطة، قبل أن يتم إحباطها.
وخضع بكراوي، مع عدد من الضباط الآخرين، لجلسات محاكمة عسكرية توقّفت مع اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، حيث شارك عدد من هؤلاء المتهمين في القتال مع الجيش ضد قوات الدعم السريع.
ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها “سودان تربيون”، فإن قوة عسكرية وصلت منزل يقيم فيه بكراوي بأم درمان في الثامنة من مساء الاثنين الماضي، وأبلغته باستدعائه من جهاز الاستخبارات وطُلب منه الاستعداد للمغادرة عند الواحدة صباحاً.
ورفض بكراوي الامتثال للاستدعاء دون أمر كتابي من النيابة، ما أدى إلى جدال حاد بينه وبين القوة العسكرية التي عادت لاحقاً مدججة بالسلاح، لتنقله قسراً.
وجاء الاستدعاء بعد ساعات من صدور قرار القائد العام للجيش بإحالة بكراوي ومجموعة من الضباط إلى التقاعد، وهو ما دفع الرجل إلى رفض التجاوب مع أوامر الاستدعاء بعد الإحالة، مؤكدًا أن الأمر يستوجب أمرًا كتابيًا.
وبحسب المصادر فإن القوة العسكرية عادت في اليوم الثاني لمقر إقامة بكراوي وطلبت الحصول على هواتفه النقالة.
يُشار إلى أن القائد العام للجيش أحال الأسبوع الماضي عددًا كبيرًا من القادة العسكريين إلى التقاعد، من بينهم كل المتهمين في محاولة الانقلاب العسكري بقيادة بكراوي، لكن مصادر قانونية أكدت لـ”سودان تربيون” أن شمول قائمة المحالين المتهمين في المحاولة الانقلابية يُخالف القانون.
وأوضحت أن البرهان كان ينبغي عليه استخدام صلاحياته بموجب المادة (77) من قانون القوات المسلحة، في إصدار قرار بإيقاف إجراءات المحاكمة أولًا، لتتم بعدها الإحالة إلى التقاعد.
وكشفت المصادر أن كل الأوراق الخاصة بمحكمة الانقلاب احترقت خلال هجمات الدعم السريع على مباني القيادة العامة، مما يعني عدم توافر أي مستندات تخص القضية.
ويعتقد عسكريون أن قيادة الجيش تتعمد استهداف المشاركين في المحاولة الانقلابية بعدة طرق، مشيرين إلى أن رئاسة الأركان عرقلت سفر بكراوي لاستكمال العلاج في مصر بعد ظهور مشكلات في الطرف الصناعي الخاص به، كما نوهوا إلى تجاوز الترقيات السابقة اثنين من المتهمين في المحاولة، كانا انضما للقتال ضد الدعم السريع واستُشهدا خلال هذه المعارك، وهما عبد الحليم جبريل ومأمون عبد القادر، الذي قُتل في اشتباكات “سك العملة” جنوب الخرطوم. لكن ومع تزايد حالة التذمر، تدخل البرهان بموجب صلاحياته وفقًا للمادة (70)، وأصدر قرارًا لاحقًا بترقية الضابطين.
في المقابل، ترفض مصادر عسكرية الإقرار بوجود عملية استهداف للمتهمين في المحاولة الانقلابية، وتشير إلى أن هيئة القيادة ربما رأت أن الضباط خاضعون لمحكمة عسكرية قد تدينهم وتوقع عليهم أقصى العقوبات، بالتجريد من الرتبة والطرد من الخدمة، ولذلك رأت تجميد الترقية المستحقة إلى حين صدور حكم نهائي في قضية المحاولة الانقلابية.
وبشأن المعتقل الآخر خالد المصطفى سليمان، أحد قادة المقاومة الشعبية، تشير المعلومات إلى ورود اسمه في ثلاث محاولات انقلابية، بدءًا من تلك التي اتُهم فيها العميد محمد إبراهيم عبد الجليل – المعروف في الجيش بـ “ود إبراهيم” – الذي قاد محاولة فاشلة ضد نظام البشير في نوفمبر من عام 2012.
واعتُقل خالد وقتها، ولم يُفرج عنه إلا منتصف العام التالي بموجب تسوية اجتماعية، ولم يُحاكم مع الضباط، حيث عُرف بأنه من قدامى المقاتلين في حرب الجنوب ضمن مجموعة “السائحون” الإسلامية، وتمكن من توطيد علاقاته مع ضباط الجيش.
وقبلها، لمع اسمه في نهايات العام 2011 كأحد رموز المبادرة التي عرفت بمبادرة “الالف أخ” التي رفعت مذكرة للرئيس المخلوع عمر البشير تطالبه بإجراء اصلاحات في الدولة وفي الحزب والحركة الاسلامية ثم تطورت المبادرة الي تيار ينافس في الاستقطاب الداخلي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم وقتها.
وفي أكتوبر من عام 2020، ورد اسم المصطفى ضمن محاولة انقلابية ضد حكومة الفترة الانتقالية، خطط لها وزير الحكم الاتحادي وقتها، علي مجوك المؤمن، بالتنسيق مع “ود إبراهيم”، لكن لم تتم محاكمة المصطفى مع تلك المجموعة رغم ورود اسمه في التحقيقات.
وورد اسمه لاحقًا في التحقيقات الخاصة بمحاولة انقلاب مجموعة بكراوي، حيث اتُّهم بالتنسيق مع المجموعة المدنية، لكنه أيضًا لم يخضع للإيقاف أو المحاكمة، وتردد حينها أنه غادر البلاد بعد صدور أمر قبض في مواجهته.
لكن مع اشتعال حرب أبريل 2023، ظهر خالد المصطفى وانضم إلى المقاومة الشعبية، وكان له دور أساسي في تحرير “صالحة” بأم درمان، حيث عمل بمباركة قادة الجيش في تنفيذ عمليات ساخنة أسهمت في طرد قوات الدعم السريع من المنطقة.
ويستبعد الصحفي المهتم بالشؤون العسكرية ناصف صلاح الدين في حديثه لسودان تربيون، أن يكون اعتقال اللواء”م” عبد الباقي بكراوي وخالد المصطفى مرتبطا بتصفية حسابات أو بوجود مخطط انقلابي جديد.
وأوضح أن الخطوة تحمل وجهين: الأول يتمثل في إجراء احترازي يهدف إلى الحد من نشاط بكراوي ومنعه من نشر آراء ناقدة للمؤسسة العسكرية، والوجه الثاني فيرتبط – بحسب تقديره – بمحاولة صرف الأنظار عن كشوفات الجيش الأخيرة التي أصدرها القائد العام عبد الفتاح البرهان، والتي شملت ضباطا كان لهم دور بارز في معارك الجيش ضد قوات الدعم السريع.