توغل بلا رحمة … «الدعم السريع» تعمّق جراح الفاشر

الفاشر – صقر الجديان
قالت ثلاثة مصادر محلية، الاثنين، إن قوات الدعم السريع واصلت التوغل داخل مخيم أبو شوك شمالي الفاشر بشمال دارفور، فيما تضاربت المعلومات حول مواقع السيطرة داخل المدينة، في اعقاب احتدام المعارك.
ويأوي مخيم أبو شوك 190 ألف نازح، بعضهم هجّرتهم الدعم السريع بالقصف المدفعي، وسط مخاوف من ارتكابها انتهاكات واسعة بحق النازحين في ظل استمرارها في اختطاف بعضهم.
وقالت ثلاثة مصادر ، إن “الدعم السريع سيطرت على نصف مساحة المخيم، حيث هجّرت النازحين من منازلهم قسرًا ونهبتها”.
وأشارت إلى أن عناصر القوات واصلت اختطاف النازحين، حيث بلغ عدد المختطفين نحو 30 شخصًا، بينهم نساء وأطفال وكبار سن، ولا تزال أسرهم تجهل أماكن احتجازهم.
مزاعم السيطرة
واحتدمت المعارك في مدينة الفاشر خلال الساعات الماضية، وسط تضارب في المعلومات حول حقيقة السيطرة الميدانية على الأرض.
وتقترب المواجهات بين الأطراف المتنازعة في العاصمة التاريخية لإقليم دارفور أكثر فأكثر من مقرات استراتيجية يسيطر عليها الجيش، من بينها مطار الفاشر ومقر المدفعية الثقيلة وسكن ضباط وجنود الجيش هناك.
وقال قائد ميداني في الدعم السريع، إن قواتهم تتحرك عبر ثلاثة محاور رئيسية هدفها الوصول إلى قيادة الفرقة السادسة مشاة في وسط الفاشر، بعد أن أطلقت خلال الأيام الماضية عمليات عسكرية مكثفة طوقت من خلالها مقرات الجيش وضيّقت عليها الخناق.
وأشار إلى أن قواتهم في المحور الجنوبي تقود مواجهات بالقرب من مطار الفاشر الدولي، وهو محور ذكر أن هدفه السيطرة على المطار ومن ثم التقدم نحو أحياء الريف و”قشلاق” الجيش وبئر نوفل ودونكي آدم رجال، وفي الغرب هدفها السيطرة على قيادة المدفعية وتحييدها.
ولعبت المدفعية الثقيلة للجيش دورًا بارزًا في صد الهجمات المتتالية التي تشنها الدعم السريع والتي هدفت للوصول إلى وسط المدينة.
وقال المصدر إن قواتهم تسعى للتقدم نحو أحياء القبة والتكارير والكرانك وجامع الشهيد وصولًا إلى نادي الضباط في المحور الشمالي الشرقي.
لكن المتحدث باسم القوة المشتركة التي تقاتل إلى جانب الجيش في الفاشر، أحمد حسين مصطفى، نفى إحراز قوات الدعم السريع لأي تقدم يُذكر في مدينة الفاشر.
وقال، إن “الفاشر بخير، وأن الجيش والقوة المشتركة صامدون وتصدوا لكل الهجمات الأخيرة وأجبروا الدعم السريع على التراجع”.
وكشف عن تعرض الفاشر خلال العشرة أيام الماضية لقصف مدفعي هو الأعنف منذ بدء الحرب، وبيّن أن القذائف الصاروخية والمدفعية الثقيلة التي تسقط في أنحاء متفرقة من المدينة تصل ما بين 700 – 1000 قذيفة، تسببت في سقوط آلاف الضحايا أوساط المدنيين.
وأوضح مصطفى أن الدعم السريع تستخدم القصف المدفعي والمسيرات الاستراتيجية كغطاء لشن هجمات برية، فيما تمكن الجيش وحلفاؤه من صد كل الهجمات رغم وصول الدعم السريع إلى أماكن معروفة، آخرها مواقع تابعة للشرطة واقعة في الجزء الجنوبي من الفاشر.
تدهور الوضع الإنساني
وأدانت منظمة الصحة العالمية هجومًا جديدًا على مستشفى الفاشر الجنوبي، قالت إنه أسفر عن مقتل شخص وإصابة عامل صحي و6 آخرين، بينهم طفل وامرأة حامل.
وأفادت بأنها تحققت من 179 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية أدت إلى مقتل 1184 فردًا وإصابة 380 آخرين، منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.
ويأتي الهجوم على مستشفى الفاشر الجنوبي وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية في المدينة التي تخضع لحصار مشدد من الدعم السريع.
وتفاقمت الأوضاع المعيشية داخل الفاشر، وسط ندرة وغلاء غير مسبوق في السلع الرئيسية.
وقال نشطاء لـ”سودان تربيون” إن علف الحيوانات أصبح الغذاء الرئيسي، حيث يُطحن ويُخلط مع دقيق الذرة الذي أصبح الحصول عليه أصعب من ذي قبل، فيما لا يزال العلف في متناول الجميع، إذ يُباع الجوال بقيمة 160 ألف جنيه.
وارتفعت أسعار الذرة والدخن، وهما الغذاء الرئيسي لسكان المدينة المحاصرة، حيث بلغ سعر الجوال 9 ملايين جنيه، نحو 3 آلاف دولار تقريبًا، فيما توفرت سلعة الأرز بجانب سلع أخرى محدودة يتم جلبها من خارج الفاشر بأسعار باهظة نظرًا لمشقة النقل ومخاطر الطريق.
وبلغ سعر عبوة المكرونة زنة 300 جرام، 30 ألف جنيه (10 دولارات)، فيما وصل سعر كيلو الأرز 160 ألف، وكيلو دقيق القمح 160 ألف.