أخبار السياسة المحلية

ثكنة عسكرية بلا سكان.. معارك ضارية تخنق «بابنوسة» الاستراتيجية بالسودان

بابنوسة – صقر الجديان

اتسعت رقعة المواجهات العسكرية في مناطق جديدة، وبدأت الحاميات العسكرية والمدن تتساقط كأوراق الخريف شمالا وغربا وشرقا جنوبا في قبضة قوات “الدعم السريع”، في محاولات لفتح خطوط إمداد جديدة على الشريط الحدودي مع دول الجوار.

إذ أعلنت قوات “الدعم السريع”، في بيان مقتضب اطلعت عليه “شبكة صقر الجديان”، اليوم الخميس، الاستيلاء على اللواء 92 مشاة بمدينة “الميرم” بولاية غرب كردفان.

وكان الجيش السوداني، أعلن مساء الأربعاء في بيان، أن الفرقة 22 بابنوسة مشطت بالخطوة السريعة المدينة، واستلمت خلال الأيام الماضية عربات قتالية بكامل تسليحها، وعددا من المدافع والأسلحة المختلفة، وقتلت العشرات من عناصر قوات “الدعم السريع” في المنطقة.

وأفاد شهود عيان ، بأن مدينة بابنوسة خالية تماما من السكان، وأصبحت ثكنة عسكرية، مع انعدام الخدمات الأساسية من الكهرباء والرعاية الصحية.

ووفق الشهود، فإن مجموعات كبيرة غادرت إلى المناطق الآمنة بسبب الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني، وقوات “الدعم السريع” بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.

وتقع مدينة “الميرم” مدينة في القطاع الغربي من ولاية غرب كردفان، وتبعد حوالي 40 كيلومتر من الحدود مع دولة جنوب السودان وهي مدينة العامل الأساسي في وجودها خط السكة الحديد في السودان الذي يمتد عبرها إلى مدينتي واو، وأويل في دولة جنوب السودان.

وقالت مصادر عسكرية ، إن الفرقة العسكرية 22 بمدينة بابنوسة فقدت حتى الآن 4 ألوية عسكرية و3 حاميات عسكرية، وهي: اللواء 89 مشاة بابنوسة، واللواء 90 مشاة بمدينة هجليج، واللواء 91 بمدينة الفولة، واللواء 92 مشاة بمدينة الميرم، وحاميات “القرينتي”، و”الحلوف”، و”الملجد.”

وطبقا للمصادر العسكرية فإن الفرقة 22 بابنوسة مخنوقة من كل الاتجاهات بصورة شبه تامة وسقوطها مسألة وقت مع خلو المدينة من السكان.

أهمية مدينة بابنوسة

بابنوسة مدينة تقع في ولاية غرب كردفان بالسودان على ارتفاع 373 مترا (1224 قدما) فوق سطح البحر، وتبعد عن الخرطوم العاصمة بمسافة 697 كيلومترا (433 ميلا)، وتعتبر واحدة من أهم محطات التقاطع الرئيسية في سكة حديد السودان التي تربط غرب السودان بشرقه وشماله وبها عدد كبير من الورش الخاصة بالسكك الحديدية. ويبدأ منها الخط المتجه جنوباً نحو واو في جنوب السودان.

يشكل الرعي وتربية الحيوان والزراعة من أهم الأنشطة الاقتصادية بالمدينة، إلى جانب قطاع الخدمات والنقل المتمثل في السكة الحديد.

وتشتهر المدينة بصناعة الألبان، وقد عرفت بداية لصناعة تعتمد على الإنتاج المحلي منه، حيث تم إنشاء مصنع لمنتجات الألبان تحول فيما بعد ذلك إلى تجفيف الكركدية والصمغ العربي، قبل أن تتوقف عن الإنتاج.

لعبت السكك الحديدية دورا مهماً في تطوير المدينة، حيث يمتد إليها خط السكة الحديدية من تقاطع مدينة الرهد الذي يرتبط بخط آخر قادم من مدينة الأبيض، ومن بابنوسة يتفرع الخط إلى فرعين أحدهما يتجه غرباً نحو مدينة نيالا وقد تم إنشاؤه في عام 1959م، والآخر نحو مدينة واو في جنوب السودان وتم تدشينه في عام 1962م.

وتقع بين بابنوسة ومدينة الرهد محطات البركة والدبيبات وأبو زبد ورجل الفولة، بينما تفصل بينها وبين مدينة نيالا محطات التبون وعديلة والضعين، وصليعة وكاسب وأم كردوس، وتوجد بينها وبين مدينة واو بجنوب السودان عدة محطات أكبرها هي المجلد والفودة أبو جابرة (وهي محطة أنابيب لنقل النفط)، وبحر العرب وأويل، وكان هذا الخط قد تم تدمير أجزاء منه إبان الحرب الأهلية السودانية الثانية، إلا أنه أعيد تأهيله وتشغيله مجددا في عام 2010، بتمويل من الأمم المتحدة قدره 250 مليون دولار أمريكي. وتربط المدينة بغيرها من المدن المجاورة عدة طرق برية ممهدة وموسمية.

أسوأ أزمة إنسانية

وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.

ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء.

وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا، في أزمات يشعر العاملون في المجال الإغاثي بالعجز حيالها بسبب رفض منحهم تأشيرات دخول وفرض رسوم جمركية باهظة على المواد الغذائية، إضافة إلى نهب المخازن وصعوبة الوصول إلى العالقين قرب جبهات القتال.

وانهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان. وتقدّر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار.

ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين، بمن في ذلك العاملون في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل فيها 80% من القوى العاملة في البلاد، نتيجة لتوسع نطاقها مصحوبا بالهجمات العشوائية على المدنيين.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى