أخبار السياسة المحلية

حاكم دارفور يدفع فاتورة انحيازه للجيش: انقسام يهدد وجود حركة تحرير السودان

الخرطوم – صقر الجديان

قررت مجموعة من قيادات حركة تحرير السودان الانفصال عن رئيس الحركة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي وتغيير اسم الحركة إلى “حركة تحرير السودان – الديمقراطية”، معلنة عن توجهها لانتخاب مكتب تنفيذي جديد خلال الفترة المقبلة.

ويرى متابعون أن الخطوة كانت متوقعة لاسيما بعد قرار مناوي الخروج عن مبدأ الحياد والانخراط في الحرب الدائرة منذ أبريل الماضي إلى جانب الجيش السوداني، محذرين من أن مناوي يجازف بتشظي الحركة التي تملك نفوذا مهما في إقليم دارفور الواقع غرب السودان.

ويقول المراقبون إن حالة من التململ كانت موجودة منذ البداية حينما دعمت الحركة المسلحة انقلاب قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، وميل رئيسها وعدد من القادة المشاركين في الجهاز التنفيذي لحكومة “الانقلاب” إلى دعم الجيش عند تفجر الصراع مع قوات الدعم السريع.

وقد عملت القيادات المعارضة لهذا النهج على تبني سياسة ضبط النفس والتريث في اتخاذ أيّ خطوة من شأنها أن تقسم الحركة، لكن إعلان مناوي في نوفمبر الماضي من مدينة بورتسودان عن قرار التخلي عن مبدأ الحياد والانخراط في الحرب، شكل النقطة التي أفاضت الكأس.

الخطوة كانت متوقعة لاسيما بعد قرار مناوي الخروج عن مبدأ الحياد والانخراط في الحرب الدائرة منذ أبريل الماضي إلى جانب الجيش السوداني

ونشرت المجموعة الخميس ‏الإعلان السياسي للحركة الجديدة، واستنكرت ما أسمته بالتراجع الواضح لمواقف بعض رفاقهم منذ اتفاقية جوبا لسلام السودان والمشاركة في انقلاب 25 أكتوبر ومن ثم إعلان رئيس الحركة التخلي عن الحياد والانحياز لأحد طرفي النزاع والقتال لصالح الجيش السوداني، ووصفت الأمر بأنه “خروج عن موقفهم المعلن من الحرب وهو الحياد والعمل من أجل إيقافها”.

وكشف الإعلان السياسي، أن عدداً من قادة حركة تحرير السودان ومن قوى الكفاح المسلح وممثلين لمنظمات المجتمع المدني اجتمعوا لتقييم الفترة الماضية، وانتخبوا هيئة قيادية عليا بالإجماع، وتم اعتماد الاسم الجديد “حركة تحرير السودان الديمقراطية”.

وقال إن الهيئة القيادية ستعقد اجتماعات مستمرة للتشاور من أجل انتخاب المكتب التنفيذي للحركة خلال الفترة المقبلة.

وضمت الهيئة القيادية كلاً من حسب النبي محمود حسب النبي، خالد عمار يعقوب شوقار، أحمد خيار أحمد خاطر، بدرالدين محمد علي، الطاهر أبكر أحيمر جاد السيد، أبوبكر موسى أحمد جودالله، عزالدين آدم أوبيه إبراهيم، يحيى عيسى آدم، موسى عمر عبدالكريم، وأبوبكر عبدالرحمن مُنذل جواده.

ويرى متابعون أن خطوة المجموعة القيادية من شأنها أن تعزل مناوي والحلقة المحيطة به، مشيرين إلى أن قائد دافور يجازف بخسارة دعم جزء كبير من العناصر المسلحة التي لا تبدو راضية عن المسار الحالي، وأن تكون رهينة أجندات الجيش وفلول النظام السابق.

المجموعة دعت جماهير الحركة وعضويتها بالداخل والخارج “وجميع الشرفاء والمناضلين الأحرار المؤمنين بالحرية والوحدة والسلام والديمقراطية” للانضمام إلى ركب التغيير

وأشار الإعلان السياسي للمجموعة إلى أن حركة “تحرير السودان الديمقراطية” ترفض بشكل قاطع المشاركة في الحرب الحالية بين الجيش والدعم السريع، ودعا قادة الحركات المنخرطة إلى جانب أحد الطرفين للانسحاب الفوري من دعم أيّ طرف، والعمل من أجل إيقاف الحرب في السودان.

وجددت المجموعة موقفها المحايد من الصراع، وأكدت تأييدها لمنبر جدة ودعمها للولايات المتحدة والسعودية، والاتحادين الأوروبي والأفريقي، وجامعة الدول العربية والإيغاد للتوصل إلى سلام شامل في السودان.

وأعلنت رفضها للأصوات التي تنادي بتقسيم السودان، وأكدت العمل من أجل الوحدة طوعاً لا قهراً، والعمل من أجل عودة النازحين واللاجئين إلى منازلهم وتعويضهم فردياً وجماعياً، وأدانت كل الجرائم التي ارتكبت في حق المواطن السوداني، ونادت بالمحاسبة.

ودعت جماهير الحركة وعضويتها بالداخل والخارج “وجميع الشرفاء والمناضلين الأحرار المؤمنين بالحرية والوحدة والسلام والديمقراطية” للانضمام إلى ركب التغيير ودعم مشروع التحرير العريض لبناء الدولة المدنية الديمقراطية.

ويشهد السودان منذ الخامس عشر من أبريل الماضي حربا بين الجيش وقوات الدعم السريع، نتاج تحريض فلول نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير للجنرال البرهان لقطع الطريق على وصول الحكم إلى سلطة مدنية.

مع استمرار الحرب فإن هناك مخاوف جدية من أن يخرج الصراع بين الجيش والدعم السريع عن النطاق الحالي إلى حرب أهلية بين رفاق الأمس

وقد تباينت مواقف الحركات المسلحة حيال الصراع الدائر ففيما فضل المعظم التمسك بالحياد، اتجهت حركات أخرى مثل العدل والمساواة جناح جبريل إبراهيم وتحرير السودان جناح مناوي إلى الإعلان عن الانحياز للجيش بعد تقدم قوات الدعم السريع لاسيما في دارفور، حيث باتت تسيطر على معظم الولايات.

وقد أنتج هذا الوضع المزيد من الانقسامات في صفوف الحركات المسلحة، في الوقت الذي تقتضي فيه المرحلة المزيد من الوحدة للضغط باتجاه إنهاء الصراع.

ويرى نشطاء سياسيون أنه مع استمرار الحرب فإن هناك مخاوف جدية من أن يخرج الصراع بين الجيش والدعم السريع عن النطاق الحالي إلى حرب أهلية بين رفاق الأمس.

وتشهد حاليا عدد من المدن والولايات معارك حامية بين الجيش والدعم السريع لاسيما في محيط مدينة ود مدني التي شكّلت ملاذا آمنا للآلاف من النازحين، مرغمة عائلات على الفرار مجددا.

ومنع الجيش المدنيين من دخول المدينة الواقعة على مسافة 180 كيلومترا جنوب الخرطوم، وبقيت إلى حد كبير في منأى عن القتال الذي اندلع في 15 أبريل.

وقال شهود عيان إنهم سجلوا تحليق طائرات مقاتلة في أجواء المدينة وسحبا من الدخان الأسود فيما سُمع دوي انفجارات من أطرافها الشمالية.

وذكر الشهود أن جميع المحلات والمؤسسات التجارية في ود مدني أغلقت الجمعة فيما هرع الناس إلى الشوارع “مع أيّ ما يمكن حمله” محاولين بصعوبة العثور على وسيلة نقل للتوجه جنوبا.

ومدينة ود مدني هي مركز ولاية الجزيرة التي نزح إليها نصف مليون شخص وفق أرقام الأمم المتحدة.

وبعدما بقيت الولاية في البداية بمنأى عن الحرب، بدأت قوات الدعم السريع منذ الأشهر القليلة الماضية تنتشر فيها وأقامت نقاط تفتيش على طول الطريق بين الخرطوم وود مدني.

وقالت قوات الدعم السريع في بيان على منصة إكس إنها “تودّ أن تطمئن المواطنين الأعزاء” في ولاية الجزيرة وود مدني “أن هدف قواتنا هو دك معاقل” الجيش.

وأودت الحرب بين الجيش وقوات الدعم بأكثر من 12190 شخصا، وفق تقديرات منظمة “مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها” (أكليد).

وتسبب النزاع بنزوح أكثر من 5.4 مليون شخص داخل البلاد بحسب الأمم المتحدة، إضافة إلى قرابة 1.5 مليون شخص فروا إلى دول مجاورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى