أخبار السياسة المحلية

حاكم دارفور يدفع نحو حرب أهلية بدعوة المدنيين لحمل السلاح

الخرطوم – صقر الجديان

دعا حاكم إقليم دارفور وزعيم التمرد السوداني السابق مني مناوي السودانيين في دارفور إلى “حمل السلاح” من أجل حماية أنفسهم وممتلكاتهم في ظل الفوضى التي تخلفها الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في البلاد.

ووصف مراقبون دعوة مناوي بـ”الخطيرة” وبأنها لا تختلف عن دعوة قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان الجمعة إلى التحاق أيّ مدني قادر على حمل السلاح بأقرب قاعدة عسكرية للتجنيد، ويرون أنها قد تؤدي إلى انزلاق البلاد إلى هاوية حرب أهلية شاملة تزيد من معاناة السودانيين.

وكتب مناوي على حسابه على موقع تويتر الاثنين “ادعو مواطنينا الكرام جميعا، أهل دارفور شيبا وشبابا، نساء ورجالا، إلى حمل السلاح لحماية ممتلكاتهم”.

وأوضح مناوي أن “الاعتداءات على المواطنين تضاعفت وكثيرين لا يرغبون في سلامة وحقوق المواطنين ويتعمدون تخريب المؤسسات القومية”. وأكد “ونحن حركات الكفاح سنساندهم في جميع حالات الدفاع”.

وأثارت دعوة مناوي مخاوف السودانيين على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصا وأنها تأتي بعد سنوات طويلة من الاقتتال الداخلي في الإقليم المضطرب بعد فشل حملة جمع السلاح المتفلت.

وكتب الصحافي أحمد بن عمر تعليقا على دعوة مناوي في تغريدة “إذا أراد مناوى الدخول في هذه الحرب فعليه الاعتراف بذلك ولكن جرّ المواطن في دارفور إلى حرب أهلية بإقليم محتقن طيلة العشرون عاماً أمر مرفوض.

ودعا بن عمر حاكم إقليم دارفور إلى “التحلي بالمسؤولية والتواصل مع الأطراف لتهدئة الاقتتال في الإقليم وتسهيل وصول المساعدات للمتضررين”.

ولا توجد تقديرات رسمية لحجم السلاح المنتشر في أيدي القبائل بولايات دارفور، فيما تفيد تقارير غير رسمية بأن القبائل تمتلك مئات الآلاف من قطع السلاح، بينها أسلحة ثقيلة ومتوسطة.

وبدوره، قال المدرس الهادي دليل في تغريدة مخاطبا مناوي “هذه دعوة لم توفق فيها، مثلما أنك لم توفق في كل شيء!! “.

وأضاف متسائلا “كيف لشخص يفترض أنه مسؤول وأنه حاكم  إقليم مترامي الأطراف أن يدعو مواطنيه لحمل السلاح ؟!”،  متابعا “بهذه الدعوة، أنت فتحت بابا لفتنة لا يعلم منتهاها أحد!! نسأل الله أن يحفظ السودان واهله، من سوء التدبير للأمور وعدم الاكتراث للعواقب!!.”

واعتبر فتحي محمد أن دعوة مناوي للمواطنين في الإقليم لحمل السلاح بحجة الدفاع عن النفس و”المؤسسات القومية” تهرّب من مسؤوليته كحاكم عجز أن يحقق الأمن والأمان للمواطنين.

وأضاف عبر حسابه على تويتر “دارفور لا ينقصها انتشار الأسلحة والتوترات الاجتماعية والغبائن الموروثة من الحرب التي شهدتها منذ عام 2003”.

وأكد فتحي أن “دارفور في حاجة إلى حاكم يتحلى بالحكمة والرشد يعمل على الحد من التوترات الموجودة أساسا وليس الزج بالجميع في محرقة أهلية كما يفعل مناوي بهذه الطريقة غير المسؤولة”.

وقال “يجب على المجتمع المدني والأهلي والشعبي في إقليم دارفور العمل على نبذ مثل هذه الخطابات التي يصدّرها الحاكم”.

وامتدت شرارة المعارك العنيفة بين قوات الجيش والدعم السريع إلى إقليم دارفور بعد أيام قليلة من هدنة أبرمت بينهما في جدة بوساطة سعودية – أميركية ركزت على ضمان الالتزام بها في الخرطوم، وسط سيولة تسيطر على الأوضاع في إقليم شهد منذ أعوام حربًا ضارية بين حركات مسلحة وقوات الجيش.

وشهدت مدينة الفاشر الجمعة، معارك استخدمت فيها أنواع مختلفة من الأسلحة، وأثار انقطاع الاتصالات من مدينة زالنجي بولاية غرب دارفور قلقًا أمميًا، في ظل انعدام الأمن، وتعيش المدينة التي تستضيف الكثير من النازحين تحت رحمة الميليشيات.

ويرى مراقبون أن منطقة دارفور في حاجة الآن إلى عودة قوات “يوناميد” التي شكلت لحفظ الأمن والسلام في الإقليم بعد توقف الصراع في دارفور، مشيرين إلى أن شبح الحرب قد يعود إلى ما كان عليه من قبل بل وربما أشد شراسة، خصوصا في ظل سيطرة واسعة من ميليشيات مسلحة على عدة مناطق في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وبعض المدن في وسط الإقليم.

ومن المتوقع أن يذهب مجلس الأمن لاتخاذ قرارات من شأنها حماية المدنيين على رأسها إعادة تشكيل قوات “يوناميد” ومنحها صلاحيات أكبر تحت البند السابع عبر التدخل العسكري أو من خلال البند السادس باتخاذ إجراءات تخفف حدة آثار الصراع على المدنيين.

وكان زعيم حركة تحرير السودان مناوي عُين في مايو 2021 حاكما لدارفور، وكان من بين الموقعين على اتفاق سلام تاريخي عام 2020 مع الحكومة الانتقالية التي تم تشكيلها بعد الإطاحة بنظام عمر البشير عام 2019.

ومنذ 15 أبريل، أسفر النزاع بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، عن مقتل المئات ونزوح أكثر من مليون شخص داخليا وفرار أكثر من 300 ألف شخص إلى الدول المجاورة.

وبحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي)، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور.

ويشهد السودان اليوم السادس من وقف إطلاق نار لأسبوع جرى الاتفاق عليه بوساطة من الولايات المتحدة والسعودية، لكن طرفي النزاع تبادلا الاتهام مرارا بانتهاكه.

ودعت واشنطن والرياض الطرفين المتحاربين إلى مواصلة النقاش لتمديد وقف إطلاق النار من أجل تسهيل “إيصال المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الشعب السوداني”، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى