أخبار السياسة المحلية

حرب السودان.. نقص المياه والأوبئة تهدد الصحة والاقتصاد (تقرير)

- تاجر مواشي: نتخوف من توقف حركة الصادرات بسبب تفشي الأمراض والكارثة ستكون كبيرة على الاقتصاد الوطني

الخرطوم – صقر الجديان

ناشط بالشأن الإنساني: انتشار الجثث في الشوارع مأساة كبيرة، مع هطول الأمطار الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الأوبئة”
– الخبير الاقتصادي: 400 منشأة تعمل بالصناعات الغذائية والدوائية بالخرطوم خرجت عن الخدمة، ومشروعات إنتاج وزراعة تأثرت بكافة أنحاء البلاد

أدت أعمال العنف الخطيرة في السودان إلى تدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية بصورة بالغة التعقيد، خاصة مع انتشار الأوبئة ونقص إمدادات مياه الشرب إثر خروج بعض محطات المياه عن الخدمة، فضلا عن توقف العديد من المنشآت الغذائية والدوائية.

وسبق أن حذرت منظمة الصحة العالمية من تفش واسع النطاق لعدد من الأمراض الوبائية في السودان بسبب تدهور النظام الصحي نتيجة الصراع، وعدم قدرة المنظمة ومنظمات أممية وحكومية أخرى على الوصول إلى المناطق المتضررة.

وأعلنت المنظمة العالمية الثلاثاء الماضي في بيان، الإبلاغ عن تفشي الكوليرا وحمى الضنك شرق السودان، حيث يحتمي آلاف الأشخاص مع احتدام القتال الدامي بين جيش البلاد وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى.

الأوبئة تهدد صادرات الماشية

ومع انتشار الأوبئة، يتخوف التجار من توقف صادرات الماشية إلى الدول الخارجية وارتفاع نسب البطالة والتضخم مع توقف وسائل النقل الجوي، وتراجع الاستهلاك.

ويقول تاجر المواشي فرح عبد الله: “نتخوف من توقف حركة الصادر إلى السعودية ومصر في ظل تفشي أمراض حمى الضنك في البلاد”.

وأضاف عبد الله في حديثه للأناضول: “صادراتنا تذهب أيضا إلى قطر وسلطنة عمان، وإذا توقفت فإن الكارثة ستكون كبيرة على الاقتصاد الوطني”.

ويمتلك السودان أزيد من 107 ملايين رأس من الماشية، وفق تقارير رسمية، ما جعل البلاد تعتمد عليها كأحد الموارد الرئيسية للنقد الأجنبي الشحيح أصلا.

وتعتبر الثروة الحيوانية في السودان أحد أهم مصادر النقد الأجنبي، بسبب الصادرات الكبيرة للمواشي والأبقار إلى الخارج، بمتوسط عائدات سنوية تصل مليار دولار، وفق إحصاءات حكومية.

وبعد انفصال الجنوب في 2011، فقد السودان 80 بالمائة من إيرادات النقد الأجنبي، على خلفية فقدانه ثلاثة أرباع آباره النفطية لدولة الجنوب، بما يقدر بـ 50 بالمئة من إيراداته العامة.

جثث تملأ الشوارع

ومنذ اندلاع الاشتباكات منتصف أبريل/ نيسان الماضي، تكدست شوارع الخرطوم بالجثث المتحللة، والتي تعرضت إلى النهش من قبل الكلاب الضالة.

وفي 22 أبريل أعلن “الهلال الأحمر” السوداني إجلاء 9 جثث من مواقع مختلفة بمدينة زالنجي (غرب) إثر الاشتباكات التي حدثت بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع و”دفن الجثث بعد اكتمال الاجراءات القانونية”.

ويقول الناشط في الشأن الإنساني عمر مصطفى إن “انتشار الجثث في الشوارع مأساة كبيرة، مع هطول الأمطار الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الأوبئة”.

وأردف مصطفى في حديثه للأناضول: “نعمل على دفن الجثث في الشوارع وداخل أفنية المنازل، جراء الاشتباكات المسلحة المستمرة والقصف العشوائي”.

وأضاف: “أغلبية الجثث الملقاة في الشوارع متحللة وتعرضت إلى النهش من الكلاب الضالة، ونعاني في جمع الأشلاء ودفنها بصورة لائقة”.

ويعاني القطاع الصحي في السودان، أزمات متلاحقة منذ 15 أبريل، جراء قتال مستمر بين الجيش و”الدعم السريع”، خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وما يزيد على 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

فاتورة الحرب

وتوقع البنك الدولي أن ينكمش اقتصاد السودان بنسبة 12 في المئة في العام الحالي وذلك بسبب التداعيات الكبيرة الناجمة عن الحرب.

ومنذ اندلاع الحرب توقفت عجلة الإنتاج في العاصمة الخرطوم التي تعتبر مركز الثقل الاقتصادي في البلاد؛ إضافة إلى ولايات السودان الأخرى.

ويقول الخبير الاقتصادي أحمد مدني، إن نحو 400 منشأة تعمل في مجال الصناعات الغذائية والدوائية في الخرطوم خرجت عن الخدمة.

وأوضح مدني في حديثه للأناضول، أن المشروعات الإنتاجية والزراعية تأثرت بشكل كامل في كافة انحاء البلاد بسبب نقص التمويل وحالة عدم الاستقرار الإداري.

وأشار إلى تعرض حوالي 100 فرع من المصارف العاملة بالبلاد للنهب والحرق والتدمير الكامل بما فيها أجزاء كبيرة من بنك السودان المركزي الذي تشير تقارير معاناته حاليا من شح كبير في النقد.

مساع حكومية لمواجهة الأزمة الصحية

في سبتمبر/ أيلول الماضي أعلنت َوزارة الصحة السودانية، تسجيل 274 إصابة بالكوليرا، بينها 19 حالة وفاة بولاية القضارف شرق البلاد، وتسجيل ألف إصابة بوباء حُمى الضنك خلال العام الجاري، بينها 11 وفاة.

وينتقل فيروس حُمى الضنك إلى الإنسان بواسطة لسعات البعوض الحاملة له، حيث تظهر على المصاب أعراض الحرارة الشديدة، والصداع وآلام العضلات والمفاصل، بالإضافة إلى الغثيان والقيء.

بينما الكوليرا فهي مرض ينتقل عن طريق المياه ويسبب إسهالا حادا يهدد حياة المريض إذا لم يخضع للعلاج.

و سبق أن حذرت “نقابة أطباء السودان”، من الانتشار الواسع لحمى الضنك والكوليرا والحصبة والملاريا في البلاد.

وحول المساعي التي تبذلها البلاد في مواجهة الأزمة الصحية، قال مسؤول بوزارة الصحة الاتحادية، إن الوزارة وجهت بانتظام عمليات الرش ومكافحة الناقل، بالإضافة إلى حملات التوعية للمواطنين، والتأكد على كلورة المياه لكل مصادرها الأساسية التي تتبع لهيئة المياه بالإضافة إلى توفير الكلور بكل أنواعه.

وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته – كونه غير مخول له الحديث لأجهزة الإعلام – إن الوزارة اتخذت إجراءات عملية لمجابهة الوضع الصحي بالبلاد والحد من انتشار الإسهال المائي (الكوليرا) وحمى الضنك بإطلاق حملة للإصحاح البيئي والنظافة ومكافحة الذباب والبعوض وتعقيم مياه الشرب للحد من انتشار نواقل الامراض و ذلك وفقا للإرشادات المطلوبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى