حل الحكومة السودانية.. مطلب العسكر يصطدم برفض الحرية والتغيير (تحليل إخباري)
الخرطوم – صقر الجديان
– جاءت دعوة حل الحكومة الانتقالية بالسودان في ظل حالة الاحتقان السياسي وتصاعد حدة الخلاف بين المكون العسكري والمدني من جانب، وخلاف داخل بعض مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم) من جانب آخر.
– محلل سياسي: الهدف الأساسي من المطالبة بحل الحكومة من العسكر ومن يواليهم “يهدف إلى تقليص مشاركة قوى إعلان الحرية والتغيير في اتخاذ قرار تشكيل البرلمان”.
جاءت دعوة حل الحكومة الانتقالية بالسودان في ظل حالة الاحتقان السياسي وتصاعد حدة الخلاف بين المكون العسكري والمدني من جانب، وخلاف داخل بعض مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم) من جانب آخر.
وتأتي هذه الدعوة مع تظاهرات بالخرطوم تطالب بإسقاط الحكومة، واحتشاد آلاف السودانيين، السبت، أمام القصر الرئاسي بالخرطوم، للمطالبة بـ”استرداد الثورة وتحسين الأوضاع المعيشية”.
و ردد الآلاف المتظاهرين هتافات تطالب بـ”إسقاط الحكومة الانتقالية” و”استرداد الثورة” و”تحسين الأوضاع المعيشية”.
وطرحت الدعوة لحل الحكومة السودانية، كأحد الحلول المقدمة لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد، من قبل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أولا.
إذ قال البرهان الإثنين الماضي، في تصريحات صحفية، إنه “لا حل للوضع الراهن إلا بحل الحكومة الحالية وتوسيع قاعدة مشاركة الأحزاب السياسية بالحكم”.
إلا أن مطلب حل الحكومة، لم يجد الاستجابة من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وخلا خطابه المتلفز الجمعة، من أي إشارة لحل الحكومة في إطار حل الأزمة السياسية التي وصفها بالأسوأ على الانتقال.
وتتطابق رؤية المكون العسكري وتيار الميثاق الوطني بقوى إعلان الحرية والتغيير (يضم قوى سياسية وحركات مسلحة أبرزها حركة تحرير السودان بقيادة مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم)، في حل الحكومة وتوسيع المشاركة السياسية في السلطة لقوى أخرى حتى الخروج من الأزمات الحالية”.
وفي المقابل يرفض رئيس الوزراء وبقية قوى إعلان الحرية والتغيير حل الحكومة باعتبارها تقوم بعمل مرضى وأن الإخفاقات في الملف الأمني وإغلاق الشرق( إغلاق الموانئ من قبل مجلس قبلي منذ حوالي شهر) والضائقة الاقتصادية هي مسؤولية الجميع والحكومة تعمل على حل ذلك.
ونقل موقع سودان تربيون (خاص)، الجمعة، أن حمدوك رفض طلبا من رئيس مجلس السيادة بحل حكومته المكونة من قوى الحرية والتغيير وتعيين حكومة جديدة بدلا عنها.
أما قوى إعلان الحرية والتغيير الائتلاف الحاكم، أعلنت دعمها لحمدوك ورفضها لأي محاولة لحل الحكومة الحالية.
وقالت في بيان الجمعة: “نعلن موقفنا واضحا في أن حل الحكومة قرار ملك الحرية والتغيير وبالتشاور مع رئيس الوزراء وقوى الثورة، ولن يأتي نتيجة لإملاءات فوقية ومؤتمرات من فلول النظام السابق (نظام عمر البشير 1989-2019).
وفي أغسطس/ آب 2019، وقع كل من المجلس العسكري (المحلول) وقوى “إعلان الحرية والتغيير” (الائتلاف الحاكم)، وثيقتي “الإعلان الدستوري” و”الإعلان السياسي”، بشأن هياكل وتقاسم السلطة في الفترة الانتقالية.
ومنذ نحو 4 أسابيع، يتصاعد توتر بين المكونين العسكري والمدني في السلطة الانتقالية، بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية، على خلفية إحباط محاولة انقلاب، في 21 سبتمبر/أيلول الماضي.
ويعيش السودان، منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام.
**الحكومة الحالية
والحكومة الحالية هي ثاني حكومة يشكلها حمدوك، منذ توليه رئاسة الوزراء في أغسطس/آب 2019.
وفي أغسطس/ آب 2021، أعلن حمدوك، تشكيلة حكومته الجديدة للفترة الانتقالية، وهي مكونة من 26 وزيرا.
وجاء تشكيل الحكومة الثانية لحمدوك التي تدير البلاد حاليا استحقاقا لاتفاق السلام الموقع في جوبا، يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووقعت ذلك الاتفاق كل من الحكومة السودانية و”الجبهة الثورية”، وهي تضم حركات مسلحة.
وبناء على اتفاق السلام، أُعيد تشكيل مجالس السلطة الانتقالية، للسماح للموقعين عليه بالمشاركة فيها.
ويرى مراقبون أن المطالبة بحل الحكومة الحالية يهدف لخلق واقع سياسي جديد ليبني عليه مستقبل العملية السياسية في الأيام المقبلة لاسيما مع اقتراب موعد الإعلان تشكيل المجلس التشريعي بحسب تصريحات مسؤولين حكوميين.
المحلل السياسي السوداني أمير بابكر عبد الله يرى أن الهدف الأساسي من المطالبة بحل الحكومة من العسكر ومن يواليهم “يهدف إلى تقليص مشاركة قوى إعلان الحرية والتغيير في اتخاذ قرار تشكيل البرلمان “.
ويوضح أن تقليص وجود قوى الحرية والتغير والدفع بأطراف أخرى داخل الحكومة يهدف إلى أن يكون قرار مجلس السيادة والوزراء المشترك فيما يتعلق بالتشريعات وتكوين البرلمان الغلبة فيه للعسكر وليس لقوى الحرية والتغيير.
ويضيف: “لذلك يسعى العسكر وحلفاؤهم من دعاة توسيع المشاركة لحل الحكومة الانتقالية والدفع بحكومة تكون تحت سيطرة العسكر وتمضي بالأمور لصالحهم في الفترة المقبلة”.
وتأخر تشكيل المجلس التشريعي الذي كان من المقرر تشكيله بعد 90 يوما من توقيع الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري المنحل وقوى اعلان الحرية والتغيير في 17 أغسطس آب 2019.
وترشح قوى إعلان الحرية والتغيير ما نسبته 67 في المائة من مقاعد البرلمان، و33 في المائة من القوى الثورية التي لم توقع على إعلان الحرية والتغيير ويتم التشاور فيها بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري، بحسب الوثيقة الدستورية.
وخلال العامين الماضيين يقوم الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء بمهام البرلمان في المصادقة على القوانين وإقرار التشريعات.
ويرى المحلل السياسي يوسف سراج أن المطالبة بحل الحكومة مطلب وراءه أهداف أخرى، لأن الخلاف بين المدنيين والعسكريين ليس له صلة بالجهاز التنفيذي في الحكومة.
ويعتبر سراج أن المطالبة من العسكريين في مجلس السيادة بحل الحكومة يعكس فقط رغبة العسكر في ممارسة سطوتهم.
ويستطرد قائلا في حديثه للأناضول أن “محاولة حل الحكومة تبدو فاشلة، على اعتبار أن أداء الحكومة حاليا هو الأفضل وقد أنجزت العديد من الملفات لاسيما في الجانب الاقتصادي من استقرار في سعر الصرف وانخفاض التضخم”.
وتراجع معدل التضخم السنوي في السودان للشهر الثاني على التوالي، إلى 365.82 بالمئة خلال سبتمبر/أيلول الماضي، من 387.56 بالمئة مسجلة في أغسطس/آب السابق له، وسط محاولات حكومية لضبط أسعار الاستيراد وتكاليف الإنتاج في البلاد.