أخبار السياسة المحلية

حمدوك: لسنا منحازون لطرف في الحرب وننتظر رداً من البرهان

اديس ابابا – صقر الجديان

نفى رئيس الوزراء السابق ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية عبد الله حمدوك، انحياز تقدم لاي من طرفي الحرب وقال إنهم ينتظرون رداً من قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لعقد لقاء لبحث وقف الحرب.

وحددت التنسيقية في فاتحة أعمال مؤتمرها التأسيسي بالعاصمة الإثيوبية أديس ابابا،الاثنين، بمشاركة نحو 600 شخص،خمسة قضايا رئيسية لتداولها في المؤتمر الذي يستمر حتى 30 مايو الجاري.

وفي مقدمة القضايا الخمس، الإصلاح الأمني والعون الإنساني والصحة والتعليم وترتيبات ما بعد الحرب، ويناقش عددا من الأوراق أبرزها أوراق القضايا الإنسانية وخطاب الكراهية.

وأكد حمدوك، في كلمة خلال افتتاح المؤتمر، إن ” تقدم” ليست منحازة لأي طرف في الحرب، قائلاً: “نحن منحازون لأسر الشهداء من المدنيين والعسكريين منحازون لمن زجوا في الحرب من دون أن يكون لهم فيها اختيار”.

وشارك في المؤتمر، ممثل للحكومة الإثيوبية والترويكا ومبعوثين دوليين وممثلي البعثات الدبلوماسية في أديس أبابا. ورحب حمدوك بجهود الحكومة الإثيوبية بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد، بوقف الحرب في السودان.

ونبه رئيس الوزراء السابق، إلى أن الاجتماع يأتي مع دخول الحرب عامها الثاني و إزهاق آلاف الأرواح وعشرات الآلاف من الأرامل وارتكاب افظع الانتهاكات والقضاء على مقدرات البلاد وتدميرها ونزوح الملايين من أبناء الشعب.

وتقدم حمدوك، بالشكر للدول التي استقبلت اللاجئين السودانيين، مكرراً الدعوة لبذل مزيد من الجهد لتضميد جراح اللاجئين وتسهيل الإجراءات وتقديم العون الممكن لهم.

الحرب تهدد بمجاعة وتفاقم الانتهاكات

وتحدث حمدوك، في كلمته عن أن الحرب في عامها الثاني بلغت مرحلة غير مسبوقة من تدمير الشعب السوداني وانتهاك حقوقه،و أن الأخطر من ذلك هو نذر المجاعة التي تهدد حياة الملايين، والتي إذا لم يتم تداركها ستؤدي إلى فقدان أضعاف مضاعفة من الأرواح.

ناشد المجتمعين الإقليمي والدولي للضغط على الأطراف المتصارعة لإيصال المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، ومنع استخدام الدواء والغذاء كسلاح لقتل المزيد من المدنيين الأبرياء. كما دعا المجتمع الدولي للإسراع في جلب الأطراف إلى طاولة التفاوض وفق رؤية تؤدي إلى وقف فوري للحرب والانتقال إلى الحكم المدني.

وأشار حمدوك إلى أن استمرار الحرب يشكل كارثة آنية وبعيدة المدى، تؤدي إلى إزهاق الأرواح وتدمير أجيال كاملة وتعريض الشعب للذل والمهانة. وأكد أنه من غير اللائق أن يدعو من هو في مأمن لاستمرار الحرب، مطالباً الأطراف المتصارعة بالعودة إلى رشدها ووقف الحرب فوراً.

وأضاف حمدوك أن البلاد تشهد تنامي خطاب الكراهية مما يشكل تهديدات وجودية لها، داعياً إلى محاصرة هذا الخطاب والتصدي للعنصريين ودعاة الفتنة بكل حزم وجدية.

وكشف حمدوك عن استمرار جهود القوى المدنية لوقف الحرب والشروع في بناء جبهة موحدة ضد الحرب، مشيراً إلى دعوات موجهة إلى القوى المدنية والسياسية ولجان المقاومة، والتواصل مع الحركة الشعبية شمال، وحركة جيش تحرير السودان، وحزب البعث، والحزب الشيوعي، ومجموعة مناوي.

وأكد حمدوك على تقديم دعوات لقائد الجيش وقائد الدعم السريع للقاء مع قيادة “تقدم” لبحث سبل إنهاء الحرب، موضحاً أن لقاءه مع حميدتي كان جزءاً من جهود إنهاء الحرب، بينما ينتظر التحالف رد البرهان لعقد اللقاء.

واعتبر حمدوك أن “تقدم” خطوة في الاتجاه الصحيح نحو توحيد القوى المدنية، وأن التنسيقية هي بداية لخلق جبهة مدنية تعمل على وقف الحرب وضمان بقاء الدولة السودانية فوق كل الخلافات الأيديولوجية والسياسية.

واقترح رئيس التنسيقية إقامة مؤتمر مائدة مستديرة لحل جميع القضايا الوطنية، متعهداً بالعمل ليلاً ونهاراً لوقف الحرب وإعادة الأمن والأمان للسودانيين.

توقيف واعتقال

وفي كلمة له أمام أعمال المؤتمر التأسيسي، أكد رئيس اللجنة التحضيرية، صديق الصادق المهدي، اعتقال عدد من أعضاء “تقدم” في مدينة سنار ومصادرة جوازات سفرهم أثناء توجههم إلى إثيوبيا لحضور المؤتمر. كما أشار إلى توقيف آخرين في ولاية القضارف ومنعهم من المغادرة.

ولفت صديق إلى استمرار لجنة الاتصال السياسي في التواصل مع القوى والأجسام المدنية الرافضة للحرب والداعية لإيقافها، للانضمام إلى التحالف. وأكد مشاركة الحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو، والحزب الاتحادي الأصل، والمؤتمر الشعبي.

دعوة إلى عدم الاعتراف

وفي كلمته خلال افتتاح أعمال المؤتمر التأسيسي، دعا رئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس، العالم إلى عدم الاعتراف بحكومة بورتسودان، وحث طرفي الحرب على الانصياع لمبادئ القانون الدولي والإنساني. واعتبر إدريس أن “استمرار حكومة بورتسودان غير الشرعية سيكون سببًا في تقسيم السودان”. وقال إن الحل السلمي لأزمة البلاد يتمثل في وقف الحرب، ووضع ترتيبات سياسية جديدة لضمان وحدة البلاد.

وأضاف: “يجب أن يُسمح للشعب السوداني باتخاذ خياراته وتشكيل حكومته المدنية التي ستكون مهمتها الرئيسية وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية”. وأكد إدريس أن الجبهة الثورية تقف ضد انقلاب أكتوبر وحرب 15 أبريل، مشيرًا إلى أن التحالف بذل جهودًا لمنع اندلاعها، لكن “كيد نظام المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية على الثورة وطمعهم في العودة للسلطة أدى إلى اندلاعها واستمرارها”.

وكشف إدريس عن مناشدة طرفي الحرب لفتح المسارات الإنسانية لتوصيل المساعدات للمواطنين في دارفور الذين يعانون من الجوع. وأدان في الوقت نفسه الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها الطرفان. وشدد على أن الحل الصحيح لمنع تفاقم الحرب يكمن في الوقف الفوري لها وبدء عمل لجنة التحقيق الدولية المكلفة من مجلس حقوق الإنسان لمحاسبة كل من تورط في الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين.

وكشف إدريس عن طرح ثلاثة خيارات على طرفي الحرب لحماية المدنيين في دارفور، لكنها لم تُقبل: أولاً وقف الحرب والعدائيات، ثانيًا الخروج من الفاشر، وثالثًا فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين.

ودعا رئيس الجبهة الثورية إلى تكوين قوة مشتركة جديدة لحماية المدنيين والقوافل الإنسانية والتجارية، وكذلك لحراسة وتأمين المرافق العامة في دارفور.

دعوات وتعزيز التضامن

وفي السياق ذاته، دعا ممثل لجان المقاومة، عبد الرحيم علي، القوات المسلحة إلى الانضمام لعملية التوقيع على اتفاق وقف الحرب والالتزام بالمسار السياسي والإنساني، مطالباً قوات الدعم السريع بوقف الانتهاكات بحق المدنيين.

واعتبر أن المؤتمر يمثل بداية جيدة لتعزيز روح التضامن والتعاون بين المجتمعات وتحقيق العدالة والسلام، مشيراً إلى أن المؤتمر يقف على أعتاب مرحلة جديدة وبداية عهد لإنهاء الظلم والمعاناة وبناء “سودان الكرامة والعدالة”.

وأوضح عبد الرحيم أن حرب 15 أبريل ليست مجرد صراع على السلطة بل هي حرب تدميرية تهدف إلى القتل وتدمير الوطن، مؤكداً أن الوقت قد حان لإيقاف هذه الجهات المتصارعة.

وأضاف: “الحل لن يأتي عبر فوهة البندقية بل من خلال الحوار، والمؤتمر يساهم في إيقاف الحرب دون انحياز لأي طرف”.

العدالة الانتقالية

من جهتها، أكدت ممثلة القوى السياسية، أسماء محمود محمد طه، خلال افتتاح المؤتمر، أن التركيز سيكون على تحقيق العدالة الانتقالية لضحايا حرب 15 أبريل.

وأشارت إلى أن المؤتمر يمثل بداية لحراك يهدف إلى تحقيق أهداف الثورة والسعي لوقف الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية، وتأسيس الدولة السودانية من جديد بعد التدمير الذي طالها.

وأضافت أن المؤتمر يضع المشاركين أمام تحدي لإنجاز المهام وسط بعض المعوقات التي يمكن تجاوزها والعمل على تخفيفها، لتكوين أكبر مجموعة مدنية سياسية ضد الحرب وتحقيق أهداف الثورة.

واقترحت أسماء إقامة مائدة مستديرة للحوار مع جميع القوى المدنية والسياسية الرافضة للحرب والداعية لوقفها.

دور المجتمع المدني

وفي سياق متصل، دعت هادية حسب الله، ممثلة المجتمع المدني والأجسام النسوية، إلى عدم الانحياز للجماعات والإثنيات والشلليات لتجاوز هذه الأزمة.

وطالبت المشاركين في المؤتمر بالسمو فوق الخلافات والتنازل من أجل الدم المسكوب في شوارع السودان لكسب معركة الصراع المعنوي الشرسة.

وأوضحت: “يمكن من خلال هذا الحشد صناعة السلام عبر أوسع تحالف مدني، ورغم ذلك لسنا الممثل الشرعي والوحيد للشعب ويجب فتح الباب للحوار مع القوى الرافضة للحرب”.

وأكدت على ضرورة رفض أي دعاوى لتقاسم السلطة بين أطراف الحرب، قائلة: “لن نصافح الأيادي الملوثة بالدماء والانتهاكات، ولن تحكمنا جمهورية الضباط”.

وفي اتجاه متصل، كشف ممثل المفصولين والمعاشيين في القوات المسلحة، الفريق مجذوب محمد، عن تنظيم جديد يهدف إلى تحقيق وحدة القطاع الأمني والعسكري تحت مسمى “تضامن”، ويضم متقاعدي القوات المسلحة والشرطة والأمن وفق أسس الدولة المدنية الديمقراطية، متوقعاً التوصل إلى نتائج جيدة قريباً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى