“حوار بلا إخوان”.. سفينة الوفاق السوداني تلفظ الإرهاب
الخرطوم – صقر الجديان
إجماع سوداني على حوار بلا إخوان في مشهدٍ يختزل تطلعات واسعة لإقصاء التنظيم الإرهابي من طاولة الوفاق الوطني.
تطلعات تجلت بشكل واضح في الموقفين الرسمي والشعبي بالسودان، وتؤكد -بما لا يدع مجالا للشك- أن التنظيم الإرهابي لن يكون جزءاً من أي عملية سياسية قادمة بالبلاد، وهو ما يجعله خارج دائرة الفعل والتأثير السياسي، وفق خبراء.
ومع تصاعد موجة الرفض في الشارع السوداني لمحاولات الإخوان التسلل إلى مائدة المحادثات التي تسيرها الآلية الثلاثية (الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “إيجاد”)، جاءت تأكيدات رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بأن حزب المؤتمر الوطني؛ الذراع السياسية للجماعة الإرهابية والذي كان يقوده الرئيس المعزول عمر البشير، لن يكون جزءا من الحوار الوطني الشامل الذي يجري حالياً لحل الأزمة.
هذه التحركات الرسمية والشعبية يرى مراقبون أنها ستفاقم من عزلة التنظيم الإرهابي وتغتال آخر أحلامه في العودة للمشهد السوداني، حيث ظل يسعى لتحقيق هذا الهدف منذ إسقاط حكمه بثورة شعبية ملهمة قبل ثلاث سنوات.
عزلة وكراهية تتصاعد بشكل لافت في السودان تجاه التنظيم الإرهابي الذي قدم أسوأ تجربة حكم في المنطقة، فكانت ثلاثة عقود حافلة بجرائم الفساد والقتل والتنكيل وتدمير كافة المجالات والمرافق الخدمية، وحولت حياة شعب هذا البلد إلى جحيم، وهو ما رفع منسوب الغضب في الشارع.
الخاسر الأكبر
المحلل السياسي الدكتور عباس التجاني، يرى أن جماعة الإخوان تعد الخاسر الأكبر في أي عملية توافقية بالسودان، فهي مستفيدة من الأوضاع الفوضوية والاضطراب في البلاد، وذلك يتيح لها ملء الفراغ ببراجماتية وانتهازية مثلما فعلت في العقود السابقة.
وفي حديث لـ”العين الإخبارية”، يقول التجاني إنه “لهذا السبب عمل الإخوان خلال الفترة القليلة الماضية على تسميم الأجواء بشكل ملحوظ ودق إسفين الخلافات بين الفرقاء السياسيين بالبلاد حتى تتباعد المواقف ويتسنى لهم تحقيق مخططاتهم”.
وأضاف “هذه الجماعة لا مكان لها في الملعب السياسي، فهي معزولة بموجب قوانين أقرتها الحكومة الانتقالية قضت بحل هذا التنظيم، فالحركة الإسلامية السياسية مقصية بأمر الثورة، والثورة في الأساس فعل إقصائي جاء ليبعد نظام حكم ديكتاتوري وإقامة آخر تعددي مدني ديمقراطي”.
ويشير الخبير إلى أن “ما أكده البرهان بشأن عدم إشراك الإخوان في العملية السياسية أمر مفروغ منه، لأن قانون التفكيك الذي لا يزال سارياً أقر حل هذه الجماعة وحظرها من ممارسة العمل السياسي، فلا مجال للتنظيم الإرهابي في الساحة السودانية مجدداً”.
وكان حلفاء بارزون لنظام الرئيس المعزول عمر البشير شاركوا في جلسة المفاوضات المباشرة التي عقدتها الآلية الثلاثية لحل الأزمة السودانية، في خطوة أثارت الغضب والتشكيك في هذه العملية.
وإثر الرفض الواسع، بجانب مساع سعودية أمريكية مع الفرقاء الرئيسيين، علقت الآلية الثلاثية جلسات الحوار المباشر إلى أجل غير مسمى، مسددة بذلك ضربة جديدة لمخطط الإخوان.
رسائل طمأنة
وبعد التدابير الاستثنائية التي اتخذها قائد الجيش السوداني في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انفتحت شهية جماعة الإخوان في العودة إلى المشهد وبدأوا في ترتيب أوراقهم، وسط تقارير تتحدث عن تسلل بعضهم لمواقع إدارية بالدولة، وهو ما أثار الخوف والقلق بالشارع السوداني.
ويرى المحلل السياسي عزالدين دهب أن البرهان أعاد تأكيد المؤكد بشأن استبعاد الإخوان عن الحوار السياسي بالبلاد بغرض بث رسائل تطمينية للشارع وبعض الدوائر التي كانت تخشى عودة التنظيم إلى السلطة، خاصة بعد التقارير الواردة عقب قرارات “25 أكتوبر”.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الثاني أصدر البرهان قرارات قال إنها لتصحيح مسار الثورة وشملت فض الشاركة بين المكونين العسكري والمدني وحل الحكومة وإعلان حالة الطوارئ، ومنذ ذلك الحين تتواصل الفعاليات الاحتجاجية في البلد الأفريقي الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة في ظل ظرف دولي معقد.
ويقول دهب، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، إن “إبعاد حزب المؤتمر الوطني الذي كان يقوده عمر البشير، يعتبر استجابة لرغبة الشارع السوداني وتحقيقا لشعارات الثورة الداعية للفظ التنظيم وتفكيكه”.
وفي غضون ذلك، يؤكد متابعون للشأن السوداني أن سفينة الوفاق الوطني بالسودان ستمضي في مسارها لافظة الإخوان لترسو في مرافئ الأمن والاستقرار، مراكمة خيبات الجماعة الإرهابية.
إقرأ المزيد