خبراء: السودان يدخل “فخ التعويم” ورفع أسعار الوقود كارثة
الخرطوم – صقر الجديان
طبق السودان، الأربعاء، زيادات جديدة على أسعار البنزين، والجازولين، بنحو 30%، في مؤشر يعكس تراجع الوضع الاقتصادي في البلاد.
وتأتي هذه الزيادات غداة تعويم جديد للجنيه السوداني، وخفض قيمة العملة الوطنية بنحو 19% أمام النقد الحر، ضمن تدابير اتخذتها الخرطوم للسيطرة على سعر الصرف ومحاصرة السوق الموازي، لكن هذه الإجراءات ربما تقود الى إنهيار اقتصادي تام، وفق خبراء سودانيين، تحدثوا لـ”العين الإخبارية”.
وخفض السودان قيمة الجنيه قبل عام في إطار إصلاحات نفذتها حكومة انتقالية مدنية تحت إشراف صندوق النقد الدولي.
ويرى خبراء سودانيين، أن هذه الزيادات ترجع إلى 3 أسباب رئيسية، وهي، ارتفاع أسعار الوقود عالمياً، وتعويم الجنيه، إلى جانب توقف مصفاة لأغراض الصيانة.
وشدد الخبراء، على أن هذه الزيادة ستؤثر سلباً على معظم القطاعات خاصة الإنتاجية، بجانب تصاعد مستمر في أسعار السلع مما يقود بدوره لمزيد من الارتفاع معدلات التضخم.
وأثارت هذه الإجراءات مخاوف واسعة وسط المواطنين كونها تلقي بظلال سالبة على أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات، في حين تعتقد السلطات الحكومية أن هذه الخطوات ضرورية لتحسين الوضع الاقتصادي المتدهور.
أسباب زيادة أسعار الوقود
وقال أحد المسؤولين، في إحدى محطات الوقود بالخرطوم لـ”العين الإخبارية” إنهم طبقوا فجر الأربعاء الزيادات الجديدة على الماكينات، وأصبح سعر لتر البنزين 547 جنيها بعد أن كان في حدود 415 جنيها بزيادة بلغت نسبة 30%.
وتابع: كما ارتفع سعر لتر الجازولين من 407 جنيه إلى 507 جنيه بنسبة 25%.
ومن جهته، يرى المحلل الاقتصادي عبد الوهاب جمعة، أن الزيادة الحالية تأتي في إطار آلية التسعير التلقائي التي صممها صندوق النقد الدولي، حيث يتم تعديل أسعار المحروقات كل شهر، ولكنه تأخر هذه المرة بفضل الاضطرابات السياسية في البلاد.
وقال جمعة في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”: “هناك 3 أسباب وراء رفع أسعار المحروقات في السودان، وهي ارتفاع النفط الخام نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، حيث زاد البرميل من نحو 80 دولاراً، إلى 130 دولارا أمريكي، بجانب تعويم الجنيه، وتوقف مصفاة الخرطوم للصيانة”.
وشدد، على أن الزيادات في أسعار الوقود سيكون لها آثار تضخمية واسعة، خاصة الجازولين الذي يمثل المحرك الرئيسي لعملية الإنتاج، الزراعة، وغيرها.
كساد عميق
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله الرمادي، إن الاقتصاد السوداني دخل مرحلة كساد عميق، وتضخم كبير وهذا يسبق الإنهيار الكامل”.
وأضاف الرمادي في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”: أن أسعار الوقود ارتفعت لأكثر من 100% خلال فترة وجيزة، وهذا أمر يخل بالاقتصاد.. وهو الشيء الذي يعكس ضعف القيادة التي أوصلتنا لهذه المرحلة من الهشاشة الاقتصادية”.
وأوضح: “من تداعيات ارتفاع أسعار الوقود، بات الشباب بلا مصادر دخل، وتعطلت الكثير من المصانع نتيجة للكساد الاقتصادي، وبعضها الذي صمد في وجه العاصفة الاقتصادية اضطر لإيقاف بعض خطوط الإنتاج، وبالتالي سرحت العمالة الفائضة مما أفقد الأسر مصادر دخلها”.
وأضاف: “من التداعيات كذلك انفراط عقد الاقتصاد الذي أفضى إلى إحداث فوضى في البلاد، وتعطلت عجلة الإنتاج، بدليل ما وصلت إليه سلعة السكر الذي انخفض إنتاجيته بالسودان بنسبة 50%”.
واستمر معدل التضخم السنوي في السودان بالتراجع الذي بدأه نهاية العام المنصرم بالغا خلال يناير/كانون الثاني، 259.79% مقارنة بـ 319.21 % في ديسمبر/كانون الأول الماضي بانخفاض قدره 58.42 نقطة.
وتستهدف الحكومة السودانية معدل تضخم 22 %بحسب السياسات النقدية والتمويلية لعام 2022، الصادرة عن بنك السودان المركزي.
الاتجاه نحو الهاوية
بدوره، يشير الخبير الاقتصادي الدكتور ناجي مصطفى، إلى أن الزيادات التي طبقت على أسعار الوقود كانت متوقعة لأن القائمين على أمر الاقتصاد السوداني يميلوا نحو سياسة التحرير الشامل، إنفاذاً لروشتة الإصلاح التي قدمها صندوق النقد الدولي.
وأضاف ناجي في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”: إن هذه السياسات ستقود اقتصاد السودان نحو الهاوية، وسبق وأن حذرنا من تداعياتها، وسوف يواصل الجنيه السوداني تراجعه، وسيرتفع التضخم وقد يصل إلى 600% خلال المدى القريب إذا استمرت الدولة في هذه الإجراءات”.
وتراجع الاقتصاد السوداني، بشكل مريع عقب توقف مساعدات دولية مليارية نتيجة قرارات اتخذها قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقضت بإقالة الحكومة الانتقالية، وفرض حال الطوارئ بالبلاد، وتجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية.
وجاءت زيادات الوقود بعد حزمة قرارات اتخذتها الحكومة السودانية يوم الثلاثاء، شملت تعويم الجنيه، وإنشاء محاكم خاصة بمخربي الاقتصاد، وذبك ضمن خطة إسعافية تحاول إنقاذ الوضع الاقتصادي في البلاد من شبح الانهيار، لكنها تواجه تحدي اضطراب سياسي غير مسبوق.