دراسة: 56% من الأسر في السودان باتت في حالة صحية سيئة
نيروبي – صقر الجديان
كشفت دراسة جديدة، الثلاثاء، عن تأثيرات بالغة على الأسر الحضرية، خاصة فيما يتعلق بفقدان العمل والوصول إلى التعليم والصحة والمياه والكهرباء، جراء النزاع المتطاول.
وأجرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، دراسة نُشرت الثلاثاء، عن الأثر الاقتصادي والاجتماعي للصراع المسلح المندلع منذ 15 أبريل 2023 على الأسر الحضرية.
وكشفت الدراسة، التي حصلت عليها “شبكة صقر الجديان”، عن “ارتفاع نسبة الأسر الحضرية التي أفادت بعدم وجود دخل أو عمل إلى 18% مقارنة بـ 1.6% قبل النزاع، فيما انخفضت فرص العمل بدوام كامل إلى النصف”.
وتوقعت إن يتجاوز معدل البطالة 45% بحلول نهاية هذا العام.
وقالت الدراسة إن 56% من الأسر الحضرية ذكرت بأنها في حالة صحية أسوأ أو أسوأ بكثير، مما كانت عليه قبل الصراع، حيث انخفض الوصول إلى الخدمات الصحية بشكل كبير من 78% إلى 15.5%، وهذا يعني أن أسرة واحدة من بين كل سبع أسر تستطيع الوصول إلى الرعاية الصحية.
وشدد على أن 63.6% من الأسر الحضرية توقف أطفالها في سن الدراسة عن الذهاب إلى المدرسة، بينما بلغ معدل توقف الأسر التي لديها طفل واحد في سن الدراسة عن الذهاب إلى المدرسة إلى أكثر من 88% منذ بدء الصراع.
وكشفت عن انخفاض معدل الوصول إلى المياه عبر الأنابيب للأسر الحضرية من 72.5% إلى 51.6%، فيما أفادت 90% من الأسر بتدهور إمدادات الكهرباء.
وذكرت الدراسة أن ثلثي القتال يتركز في المدن التي يزيد عدد سكانها عن 100 ألف شخص.
ودمر النزاع القائم القاعدة الصناعية والبنية التحتية، بما في ذلك محطات المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات والطرق، كما أن تعمد قوات الدعم السريع على نهب ممتلكات السكان أفقر العديد منهم.
وقالت الدراسة إن السودان أصبح من بين البلدان الأربعة في العالم التي تعاني من أعلى معدل لانتشار سوء التغذية الحاد الذي يُقدر بـ 13.6%.
وشددت على أن قرابة نصف الأسر تواجه انعدام الأمن الغذائي إلى المتوسط، كما أن 76% من السكان أفادوا بعدم تلقي أي مساعدة على الإطلاق حيث يعتمدون على شبكات شخصية أفراد الأسرة والأصدقاء عوضًا عن المؤسسات الحكومية والوكالات الإنسانية الدولية ومنظمات المجتمع المدني المحلية.
واستندت الدراسة على تحليلات لمسح للأسر الحضرية في جميع أنحاء السودان أجرته المنظمتان بين مايو ويوليو 2024، بما في ذلك ثلاث آلاف أسرة.
حلول واقعية
وأكدت الدراسة على أن المساعدات الإنسانية قصيرة الأجل، لا تكفي لمعالجة التدهور الشديد في فرص العمل والدخل والوصول إلى الخدمات الأساسية والأمن الغذائي، حيث إن الانتعاش الاقتصادي والحماية الاجتماعية وإعادة تأهيل البنية التحتية أمر بالغ الأهمية للتعافي الحضري.
وقالت إن فهم تأثيرات الحرب على سُبل العيش الحضرية أمر بالغ الأهمية لمعالجة التحديات الاقتصادية الفورية وعقبات التنمية طويلة الأجل.
وأوضحت بأن معالجة التحديات التي تواجه الأسر الحضرية تتطلب استجابات شاملة ومتعدد القطاعات، تتجاوز التركيز على تخفيف المعاناة الفورية إلى إرساء أسس متينة للتعافي والقدرة على الصمود الدائم.
واقترحت تنفيذ برامج تعافي اقتصادية مع إعطاء الأولوية لخدمات التمويل الأصغر وتنمية الأعمال ودعم الأعمال الصغيرة والتدريب المهني، علاوة على تنويع نطاق المبادرات الزراعية الحضرية للمساعدة في تنويع الدخل.
ودعت إلى تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية من خلال نشر العيادات المتنقلة واستعادة وتوسيع خدمات الرعاية الصحية بإسعار معقولة، إضافة إلى استعادة منصات التعليم عن بعد وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية الرسمية وتقليل الاعتماد على الشبكات غير الرسمية.
ونادت الدراسة بزيادة الشركات بين القطاعين العام والخاص والاستثمار في الأنظمة اللا مركزية مثل الطاقة الشمسية وتجميع مياه الأمطار وحلول الصرف الصحق واستعادة أنظمة البنية التحتية للمياه والكهرباء.
وشددت على ضرورة إعطاء الأسر النازحة أولوية في السكن والرعاية الصحية وفرص العيش.
وارتفع عدد النازحين في السودان إلى أكثر من 11 مليون شخص، كثير منهم يعيش في دُور إيواء تفتقر إلى الخدمات الأساسية.
تعليقات
وقال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان، لوكا ريندا، إن الدراسة الحديثة “تكشف نقاط ضعف متزايدة العمق تواجهها الأسر الحضرية، حيث لا يمكن لأي تدخل منفرد أن يعالج بشكل مناسب أزمة التنمية المتكشفة والمتعددة الأوجه هذه”.
وشدد على أن توسيع نطاق الإغاثة الفورية أمر بالغ الأهمية لمساعدة الناس على البقاء والتكيف، لكنها يجب اقتران ذلك بتدخلات طويلة الأجل تركز على التنمية لمساعدة قدرة السكان على الصمود وتمكين التعافي.
بدوره، قال رئيس برنامج دعم استراتيجية السودان في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، خالد صديق، إن الصراع المستمر يزيد من حدة التحديات الحرجة بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع.
وبيّن أن نصف السكان قبل اندلاع النزاع يتمتعون بالأمن الغذائي، فيما انخفضت نسبة الأسر الحضرية التي تتمتع بالأمن الغذائي من 54% إلى 20% بعد الحرب.
وفي 11 أبريل المنصرم، نشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية دراسة عن تأثير النزاع في الريف، خلصت إلى تعطل أنشطة الزراعة عند نصف الأسر الريفية وترتفع هذه النسبة إلى 63% في سنار وغرب كردفان وإلى 68% في الخرطوم.
وتقول الدراسة إن تعطل أنشطة الزراعة في الريف جعل 59% من الأسر تواجه انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد، كما شهدت 36.9% من الأسر الريفية تحولًا في الأنشطة المُدرة للدخل مع فقدان 15% من الأسر العمل.
وتعيش 73% من الأسر الريفية في مساكن غير لائقة، فهي إما معرضة للانهيار في فصل الخريف أو الحرق حال اشتعلت فيها النيران.