حوارات وتقارير

زيارة الخريجي السرية إلى بورتسودان: وساطة سعودية لاحتواء التوتر بين الجيش والحكومة الانتقالية ودعم أجندة الرياض

لقاء علي كرتي وتثبيت دعم الإسلاميين للحكومة

بورتسودان – صقر الجديان

في خطوة تكشف عن عمق الانخراط السعودي في الملف السوداني، أجرى نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي زيارة غير معلنة إلى مدينة بورتسودان يوم 12 يوليو 2025، حيث التقى بقيادات المجلس العسكري الانتقالي، وعلى رأسهم الفريق أول عبدالفتاح البرهان والفريق ياسر العطا، إلى جانب رئيس الوزراء الانتقالي كامل إدريس، في محاولة لاحتواء خلافات متصاعدة حول الصلاحيات داخل الحكومة الانتقالية.

احتواء تحفظات “كامل إدريس” على تدخلات الجيش

كشفت مصادر مطلعة أن أبرز أهداف زيارة الخريجي تمثلت في احتواء تحفظات رئيس الوزراء كامل إدريس بشأن تدخلات الجيش في تشكيل الحكومة الانتقالية، وهو ما اعتبره “اختطافًا للسلطة التنفيذية”. اللقاء مع إدريس سعى إلى طمأنته بدعم سعودي مشروط، يقضي بعدم التصعيد السياسي مقابل مرونة في التفاهمات مع المؤسسة العسكرية، وتحديدًا في ما يتعلق بتوزيع الحقائب السيادية.

كما طُلب من إدريس التركيز على الملفات الاقتصادية والإغاثية، وترك المسائل الأمنية والعسكرية تحت إشراف الجيش، بما يتماشى مع الرؤية السعودية لـ”استقرار تدريجي دون صدام مباشر بين المكونات الحاكمة”.

لقاء علي كرتي وتثبيت دعم الإسلاميين للحكومة

وفي تطور لافت، علمت مصادر خاصة أن الخريجي عقد لقاءً غير معلن مع الأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي، خلال الزيارة. الاجتماع ناقش دعم التيار الإسلامي لحكومة كامل إدريس بشكل مؤقت، لضمان تمكينها من مواجهة الضغوط الدولية المتزايدة، لا سيما من واشنطن وبروكسل.

السعودية، بحسب مصادر دبلوماسية، طلبت من كرتي تأجيل أي تحركات سياسية أو شعبية ضد الحكومة، وضمان ضبط كوادر الإسلاميين، مقابل وعود بفتح قنوات تنسيق مستقبلية تضمن مشاركة تدريجية في المشهد السياسي عبر اتفاقات مؤسسية لاحقة.

رسائل عسكرية من البرهان وتعهدات سعودية بالدعم

في الاجتماع المطوّل الذي جمع الخريجي مع البرهان وياسر العطا وقادة آخرين من الجيش، نقل قائد الجيش رسالة عاجلة إلى الرياض تطالب بتسريع وتيرة الإمدادات العسكرية، بما في ذلك الذخائر والطائرات المسيرة وأنظمة الرصد الجوي. البرهان أكد أن الجيش يواجه “استنزافًا ميدانيًا حرجًا”، ويحتاج إلى دعم سريع للحفاظ على توازنه في مواجهة التحديات العسكرية على الأرض.

الخريجي وعد برفع المطالب مباشرة إلى القيادة السعودية، مع التأكيد على أن الدعم العسكري مشروط بعدم اتخاذ قرارات استراتيجية مفاجئة دون التشاور مع الحلفاء في الخليج.

“كامل إدريس”.. رجل الرياض في بورتسودان

الزيارة كشفت أيضًا الخلفية الحقيقية لتعيين كامل إدريس في منصب رئيس الوزراء، حيث أكدت مصادر سياسية أن الرجل وصل بورتسودان في 29 مايو 2025 قادمًا من الرياض على متن طائرة بدر، بعد لقاءات مغلقة في الديوان الملكي السعودي.

خلال تلك اللقاءات، قدم إدريس تعهدات واضحة بتنفيذ أجندة سعودية في السودان، تقوم على ثلاث ركائز: منع تمدد النفوذ الإيراني، كبح تصاعد نفوذ الدعم السريع، وضمان بقاء الجيش كفاعل مركزي تحت رعاية خليجية. ووفقًا للمعلومات، فإن تعيينه تم بمباركة سعودية كاملة، على أمل لعب دور “رجل التوازنات الصعب” بين العسكر والإسلاميين والمجتمع الدولي.

زيارة الخريجي أكدت أن السعودية تمارس دور الوسيط القوي في المشهد السوداني، وتسعى لضبط إيقاع العلاقة بين المكونات الانتقالية بما يخدم مصالحها في البحر الأحمر، ويحد من الانفلات السياسي والعسكري الذي قد يفتح المجال لتدخلات دولية أو إقليمية منافسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى