أخبار السياسة المحلية

سر المقاعد الفارغة.. إصلاح أجهزة الأمن بالسودان يصطدم بخلاف قديم

الخرطوم – صقر الجديان

“مقاعد فارغة وبيان ختامي بلا تلاوة للتوصيات”.. نتاج محاولة سودانية لإصلاح أجهزة الأمن، طغت عليها خلافات قديمة أبعدت الوفاق عن العملية.

الخلافات المحتدمة، فجرتها “ورشة الإصلاح الأمني”، التي أعادت للواجهة الصدام المكتوم بين الجيش وقوات الدعم السريع، المنظومتين العسكريتين، الذي خرج للعلن ووصل إلى مراحل متقدمة خلال الأسابيع الأخيرة.

وخلال رحلة البحث عن الوفاق، تخلف عن اللحاق بالركب الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش، والفريق محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد “الدعم السريع”، وكبار قادة المنظومتين.

وظهرت المقاعد فارغة في جلسة ختامية لورشة الترتيبات الأمنية والعسكرية، التي كان من المفترض أن ينتج عنها لملمة للشمل وإصلاح طال انتظاره.

وكان السر وراء تغيب قادة الجيش، بحسب وسائل إعلام سودانية، “احتجاجهم على عدم تضمين إدماج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة”.

وأنهت الأطراف العسكرية والمدنية المشاركة بالعملية السياسية، الورشة، دون تلاوة توصيات.

تفاصيل الخلاف

وأكد مسؤول عسكري رفيع، لوسائل إعلام سودانية، أن “التوصيات الختامية للورشة تجاهلت مقترحات الجيش بخصوص فترة دمج قوات الدعم السريع بالجيش، والتي اقترحها الجيش بعامين”.

وأضاف أن “الورقة المقدمة اشترطت كذلك على مسؤولي القوات المسلحة وقف أي عمليات تجنيد جديدة للدعم السريع، والاتفاق خلال الأشهر الأولى على قيادة موحدة، وتعديل قانون قوات الدعم السريع بعودة المادة التي تنص على تبعيتها للجيش”.

وكان البرهان أكد، في وقت سابق، أن “أحد أسباب تأييدهم للاتفاق الإطاري هو نصه على بند واضح بشأن دمج قوات الدعم السريع في الجيش”.

مبادئ وأسس الإصلاح

وكشف مسؤول في قوات الدعم السريع، أن “أطراف العملية السياسية وقعوا على مسودة اتفاق حول مبادئ وأسس الإصلاح الأمني والعسكري في 15 مارس/آذار الجاري”.

ولفت في تصريحات صحفية، إلى أن “مبادئ وأسس الإصلاح الأمني والعسكري تشمل عملية دمج قوات الدعم السريع بالجيش وحددت له 10 سنوات ووافق قائد الجيش على ذلك البند ووقع عليه”.

كما تؤكد ورقة المبادئ والأسس على “وضع آليات متدرجة للقيادة والسيطرة لمراحل دمج قوات الدعم السريع في الجيش، تبدأ بتوحيد القيادة، ثم يعقبها توحيد هيئة الأركان، وقيادة المناطق، والفرق تباعًا، في فترة لا تتعدى 10 سنوات”.

وبين المسؤول أن “المسودة بعد توقيع الجميع عليها بما في ذلك الآلية الثلاثية (بعثة الأمم المتحدة في السودان، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة الإيقاد، التي تيسر العملية السياسية التي تهدف إلى استعادة الانتقال المدني)، باتت هي الأساس المعتمد للعمل عليها في الورشة”.

ومن جانبه، كشف خالد عمر يوسف، المتحدث باسم العملية السياسية، أن “ورشة الإصلاح الأمني والعسكري تناولت عمليات الإصلاح بكل أبعادها فيما يتعلق بالقوانين والهياكل والعقيدة العسكرية وتعدد الجيوش”.

إضافة إلى “تنقية القوات النظامية من العمل السياسي الحزبي وعناصر النظام السابق ومراجعة معايير القبول للكليات والمعاهد العسكرية”.

وبين أن “عملية إصلاح القطاع الأمني والعسكري جزء لا يتجزأ من إصلاح الوضع السياسي والاقتصادي والحزبي والمؤسسي للدولة السودانية”.

ولفت إلى أن “البلاد دخلت في حروب داخلية لسنوات طويلة، خلفت آثارا عميقة وضحايا، وأضرت بالقطاع الأمني والعسكري وتطوره مما جعل قضية إصلاحه أولوية”.

ومن جانبه، قال ممثل الآلية الثلاثية محمد بلعيش، إن “إصلاح قطاع الأمن والدفاع ودمج الدعم السريع بالجيش ضروريان، حيث شهدنا الكثير من حالات السلام والانتقال التي تؤكد أنه دون إصلاح غالبًا ما يكون أداء قوات الأمن ضعيفًا وتبقي الثقة المجتمعية فيه بعيدة المنال”.

ولفت إلى أنه “حال استمرار هذا الأمر فإنه من المرجح أن تحدث حالات خطيرة لانتهاكات حقوق الإنسان”، بحسب قوله.

وكان الانخراط في العملية السياسية، جرى بناء على تفاهمات بين الجيش والدعم السريع وقوى سياسية أبرزها “الحرية والتغيير”، تُوجت بتوقيع اتفاق إطاري في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022.

ونص الاتفاق على “تسليم السُّلطة إلى المدنيين، بعد التوافق على قضايا: العدالة وحل أزمة شرق السودان وتفكيك بنية النظام السابق، وتقييم اتفاق السلام، وإصلاح القطاع الأمني والعسكري، وجميعها جرى مناقشتها بورش عمل ومؤتمرات”.

بيان ختامي وخطوات مقبلة

وأكد خالد عمر يوسف، المتحدث باسم العملية السياسية، خلال تلاوته البيان الختامي للورشة، أن “اللجان المتخصصة من العسكريين والمدنيين ستواصل النقاشات حول الصياغات الفنية للتوصيات التفصيلية بغية نشرها للرأي العام”.

وأوضح أن “النقاشات تستند على ورشة ورقة المبادئ والأسس لعملية الإصلاح الأمني والعسكري، المتفق عليها من العسكريين والمدنيين، التي جرى توقيعها في 15 مارس/آذار الجاري”.

وأضاف: “ما تبقي الآن هو بعض العمل الفني لإكمال التفاصيل وإدراجها ضمن الاتفاق السياسي النهائي”.

وقررت القوى المنخرطة في العملية السياسية توقيع اتفاق نهائي، السبت المقبل، يعقبه توقيع مشروع الدستور الانتقالي، تمهيدًا لتشكيل حكومة مدنية في 11 أبريل/نيسان المقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى