سلامة الغذاء في خطر.. بكتيريا برية مراوغة تعيش في أوراق الخضروات
بينما يواجه العالم وباء كورونا المستجد، الذي تفشى بعد انتقال الفيروس من الحيوانات إلى البشر، يقوم بعض الباحثين في جامعة ديلاوير بالولايات المتحدة الأميركية بدراسة آليات جديدة في كيفية انتقال بعض مسببات الأمراض من النباتات إلى الأشخاص.
وتعيش بعض أنواع البكتيريا الانتهازية مثل-السلمونيلا، والليستيريا، والإشريكية القولونية- في بعض أنواع الخضروات أو الدجاج أو اللحوم النيئة أو غيرها من الأطعمة كوسائط لإصابة الإنسان، وتسبب سنويا ملايين الأمراض المرتبطة بالغذاء عند البشر.
سلمونيلا برية مراوغة
عثر الباحثان في “جامعة ديلاوير” (University of Delaware) هارش باس وكالي كنيل وزملاؤهما على سلالات برية من بكتيريا السلمونيلا يمكنها أن تراوغ عمل جهاز المناعة عند النباتات وتعيش داخل الأوراق.
وبينت الدراسة التي نشرها الباحثان باس وكنيل في المجلة العلمية المُحكَّمة “فرونتيرز إن مايكروبولوجي” (Frontiers in Microbiology) وتناولها تقرير موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert) في 30 يونيو/حزيران الماضي، أن بعض سلالات السلمونيلا الممرضة للبشرية يمكن لها أن تعيد فتح بعض الثغور المغلقة.
والثغور هي فتحات دقيقة جدا على السطح الخارجي لورق النباتات تسمح بتبادل الغازات من ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء بين النبات والجو، وتغلق هذه الثغور عندما تواجه النباتات بعض المخاطر مثل الجفاف، أو التعرض للبكتيريا. ولا تظهر على النباتات أية أعراض لهذا الغزو البكتيري.
وترتكز المعطيات الجديدة التي تظهرها الدراسة -وفق باس- على كيفية تطور البكتيريا غير المضيفة لتراوغ وتتجاوز الاستجابة المناعية للنباتات، مما يجعل منها بكتيريا شديدة الانتهازية.
زوايا متعددة
منذ نحو خمس سنوات، يقوم الباحثان باس وكنيل وزملاؤهما بدراسة هذه المشكلة من زوايا متعددة، منها ما هو مرتبط بآليات مواجهة البكتيريا مثل السلمونيلا للجهاز المناعي للنباتات وبعدها إصابة الإنسان، ومنها أساليب الري التي يمكن لها أن تساعد على نقل البكتيريا، والخصائص الجينية التي تسمح للبكتيريا بالحياة حتى الانتقال إلى مضيف جديد.
كما نشر الباحثان دراسات متعددة مرتبطة بالمخاطر التي تحدق بتأمين الغذاء العالمي، وعملا على تطوير توصيات عدة في سبيل تعزيز مناعة النبات.
وعلى سبيل المثال، سجل الفريق براءة اختراع ميكروب مفيد (UD1022)، لحماية جذور النبات وتقويتها. وتم ترخيص هذا الميكروب من قبل الشركة الكيميائية الألمانية “باسف” (BASF) وإدخاله في تطبيقات مختلفة.
وأظهرت جذور النبات، الملقحة بميكروب (UD1022) عبر الري، حماية ضد أنواع البكتيريا الانتهازية.
وتقول الباحثة كنيل إنها “فوجئت بمعرفة أن ميكروب UD1022 منع بعض البكتيريا من الدخول إلى النبات، مما يجعل من آليات المكافحة الحيوية فرصة حقيقية”.
سلامة الغذاء في خطر
من جهة أخرى، قام الفريق حديثا ومتعاونون من قسم الزراعة الأميركية ومن جامعات مختلفة بنشر معطيات جديدة في المجلة العلمية “بلوس ون” (PLOS One) بشأن تحليل المسببات الممرضة التي تنقلها أساليب الري من مياه البرك، أو من الممرات المائية أو المياه المستصلحة.
ونوهوا إلى أن بعض الشركات تغسل الأوراق الخضراء بالمياه المعقمة، وتعتبر أن المعالجة بالأوزون أو بالأشعة فوق البنفسجية قادرة على مواجهة البكتيريا، غير أن هذه الأساليب غير كافية في مواجهة مسببات الأمراض البشرية داخل الأوراق.
أساليب التعقيم التي تتبعها شركات الغذاء غير كافية في مواجهة مسببات الأمراض البشرية داخل الأوراق (ويكيبيديا)
وتقول كنيل إن “الصناعات الغذائية تعمل بشكل كبير على إنتاج مواد ومنتجات آمنة، غير أن المشكلة تكمن في تعرض المنتجات للحيوانات البرية وللرياح والغبار والمياه، ويساهم ذلك في نقل الكائنات الحية الدقيقة أو الميكروبات، فيجعل المهمة أصعب”.
وتضيف كنيل أن الباحثين يحاولون معرفة من أين يأتي المزارعون بالمياه، وكيف يتأكدون من أنها آمنة ميكروبيا خصوصا أن المياه تشكل خطرا محتملا للتلوث في حالات تفشي الأوبئة.
وتعتبر هذه الورقة العلمية مهمة، إذ إنها تحدد مخاطر مياه البرك والأنهار والمياه المستصلحة، وماذا يجب على المزارعين العمل عليه، وكيف لهم معالجة المياه.