سلطان دارفور: لا مجال لإنهاء الحرب بالسودان إلا بالمصالحات والسلام (مقابلة)
السلطان أحمد علي دينار سلطان دارفور والأمين العام لمنظمة السلام العالمية بالسودان للأناضول: كإدارات أهلية دورنا يتوقف على الصلح والمصالحات، فلا مجال لإنهاء هذه الحرب إلا بالسلام والحوار وفهم عمق المشاكل.
اسطنبول – صقر الجديان
اعتبر السلطان أحمد علي دينار سلطان دارفور والأمين العام لمنظمة السلام العالمية بالسودان، أنه لا مجال لإنهاء الحرب بالبلاد إلا بالمصالحات والسلام، مبينا أن علاقات تركيا والسودان تاريخية وأزلية، مشيدا بدعم أنقرة للخرطوم.
وكالة الأناضول أجرت مقابلة في إسطنبول مع دينار وهو حفيد علي دينار (1856 ـ 1916) آخر سلاطين “سلطنة الفور”، على هامش مشاركته في قمة البسفور بنسختها الـ15 والتي جرت في 7-8 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
– رؤية الحل بالسودان
وفيما يتعلق بالسودان والحروب التي تعاني منها ورؤيته للحل، قال دينار وهو من أبرز القيادات الأهلية في إقليم دارفور (غرب) بصفة سلطان دارفور (شرفية موروثة): “الوضع الموجود الآن في السودان للأسف في غاية الصعوبة والتعقيد وتوجد الكثير من المعطيات التي تسببت في الحرب”.
وأضاف “الشعب السوداني مسالم طيب مضياف لا تشبهه هذه الأشياء، عندما قامت الحروب في عدة بلدان كان الناس يضربون الأمثال بشعبنا أنه متعلم وواعي مسالم لا يمكن أن يدخل تحت الحرب، ولكن فُرضت عليه وشاءت بمشيئة القدر أن يكون هنالك حرب في السودان”.
وشدد “نحن كإدارات أهلية دورنا يتوقف على الصلح والمصالحات، فلا مجال لإنهاء هذه الحرب إلا بالسلام، السلام والحوار وفهم عمق المشاكل، مساعينا الآن الدعوة إلى سلام شامل”.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 13 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
– تجاهل المسببات
وشرح دينار: “المسببات عندما تحدث، قد حدثت وانتهى الأمر، فلا بد من أن يكون هنالك حوار وسلام بكل المعاني، بكل الطرق، لا بد من السلام، لأنه إذا توجهنا للميل لجانب أو آخر وأن ندعم هذا الجانب أو ندعم ذاك، لا أعتقد أنها ذلك يوصل إلى حل نحو السلام”.
ومن خلال الحوار تتجاوز الناس هذه الأزمة وتذهب إلى صوت العقل، وتتذكر الأرامل والمساكين والأبرياء الذين يموتون يوم تلو الآخر، وفق دينار.
يجب تسليط الضوء على البنية التحتية ومستقبل البلاد ومسألة السلام ومستقبل الأجيال القادمة، فلا بد أن ينظر الجميع لهذه الأمور، يواصل القيادي الأهلي بدارفور.
وتحدث عن سعيهم “للجمع بين الأشخاص الفرقاء في الحرب الموجودين ومحاولتهم الإصلاح فيما بينهم”.
وزاد: “ليس لدينا أي شيء نقدمه أو نعمله غير أنه ندعو للإصلاح وللسلام وللرجوع لصوت العقل، وتذكر الوطن والمعاناة، والناس والأطفال”.
وأكد “الجيل القادم محتاج للعون ومحتاج للكثير من الأشياء، هذه هي الأدوار اللي نحن ساعين إن شاء الله نلعبها في المرحلة القادمة بإذن الله”.
– صعوبات الإغاثة
وفيما يخص صعوبات الإغاثة في بلاد تعصف بها الحروب والكوارث قال دينار: “كانت في بداية الحرب البلاد متأزمة ومنقسمة على اتجاهات مختلفة، وكل جهة لها أماكن سيطرة، كان يصعب إيصال المساعدات بطريقة ما إلى الأماكن المنكوبة”.
وفي ظل المعاناة مع تواصل الاشتباكات والصراع بالسودان، “تزداد الصعوبات في إيصال المساعدات وفق دينار الذي تحدث عن إطلاقهم مبادرة لدعم المحتاجين بالسودان”، سميت بـ”قدح السلطان”.
وعنها شرح “نحاول إيصال مبالغ مالية لمندوبين في الأماكن المحتاجة للإغاثة، ويقوموا بشراء الطعام كمطبخ، كل جائع يأخذ منه وجبة يومية في المدارس والمراكز”، دون ذكرها.
وشدد “من أصعب الأماكن هي معسكرات النازحين، لأنه لديهم معاناة قبل الحرب، فتخيل كيف تكون بعد الحرب، تنعدم أبسط الوجبات (..) وتنعدم المياه العذبة والكهرباء والمستشفيات والأدوية”.
وأكد “قمنا بإطلاق هذه المبادرة ونستهدف بها كل الأماكن المنكوبة تحت شعار كساء وغذاء ودواء، بدأنا بالغذاء، ونمشي للكساء والدواء بإمكانياتنا الذاتية وبأصدقائنا ومشينا فيه خطوات كثيرة”.
ويعاني النازحون في مخيمات النزوح في ولايات دارفور الخمسة من نقص في الغذاء والدواء جراء الحرب بين الدعم السريع والجيش.
وفي أغسطس / آب الماضي، أعلنت الأمم المتحدة عن وجود مجاعة في معسكر زمزم للنازحين بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور وهو أحد المعسكرات من ضمن 171 معسكرا تأسست في السنوات السابقة جراء الحرب بين الحكومة والحركات المسلحة منذ 2003، والتي خلفت نحو 300 ألف قتيل، وشردت نحو مليونين و500 ألف شخص بحسب الأمم المتحدة.
– علاقات تركيا والسودان أزلية
وتطرق سلطان دارفور إلى العلاقات بين تركيا والسودان بقوله “إنها علاقات أزلية وعلاقات تاريخية منذ القدم مع الدولة التركية، ومنذ منذ عهد الدولة العثمانية هذه العلاقات موجودة”.
وأردف “ترتبط تركيا مع السودان في كثير من العادات والتقاليد، فالشعبين أشقاء وتربطهم روابط أخوية وتاريخية كبيرة جدا من عدة نواحي.
والرابط الأقوى يتمثل خلال الدولة العثمانية بالعلاقة بين السلطان علي دينار مع السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (1842- 1918)”، حسب حديث دينار.
و”كانت هذه العلاقة مرتبطة بوقوف السلطان علي دينار مع الدولة العثمانية ومؤازرته السلطان عبد الحميد ومناصرته في ذاك الوقت، فهذه العلاقات امتدت مصاهرة وأخوة بينه وبين السلطان عبد الحميد”، وفق دينار.
وأردف: “ومنذ ذلك الوقت تركيا تعير السودان اهتماما خاصا وكبيرا، وتؤازر السودان في كل المصائب التي تأتي تباعا”.
وكشف “الدعم يأتي للكثير من الخلاوي (مدارس دينية) والمستشفيات حيث أنشئت الكثير من المستشفيات والشركات التركية في السودان تعمل في عدة مجالات، الكثير من الإخوة الأتراك موجودون في السودان من وقت طويل جدا ولديهم الجنسية المزدوجة التركية والسودانية”.
وختم بالقول: “لدينا كثير من العادات والتقاليد وكثير من المأكولات السودانية هي مأخوذة من التركية والكثير من الكلمات والمفردات التركية نفسها في السودان موجودة، هي علاقة متعمقة”.
ويعد علي دينار (1856 ـ 1916)، آخر سلاطين “سلطنة الفور”، أو ما عرف لاحقا بإقليم دارفور، وكان أحد حلفاء الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918).
وكانت “سلطنة الفور” آخر رقعة من الدولة السودانية بشكلها الجغرافي الحديث استطاع الغزو البريطاني إخضاعها لسلطته عام 1916، بعد معركة حامية الوطيس استبسل فيها السلطان دينار، ولقي فيها حتفه مع الآلاف من جنوده.
وفي يوليو/ تموز 2021، شهدت الخرطوم، مراسم تسليم متحف وقصر السلطان علي دينار، إلى هيئة الآثار والمتاحف السودانية، بعد اكتمال ترميمه بواسطة الوكالة التركية للتعاون والتنسيق “تيكا”.
وتحدى قصر علي دينار، مرور السنين وصمد أمام أهوال الحروب الكبيرة التي شهدها، ولم تطله يد العناية لأكثر من 100 عام، إذ بناه معماري تركي أواخر القرن التاسع عشر، وفق وثائق تاريخية.