الخرطوم – صقر الجديان – محمد مدثر التوم
حين انتهت مباراة منتخب سيدات السودان لكرة القدم، أمام نظيره الجزائري ، كتب لكرة القدم للسيدات صفحة تاريخية جديدة.
المباراة كانت الرسمية الدولية الأولى في تاريخ سيدات كرة القدم بالسودان، فخرجن بتلك اللعبة من الانغلاق إلى الانطلاق الخارجي.
مباراة منتخب سيدات السودان، أمام الجزائر مثلت الظهور القاري والدولي الأول منذ ميلاد كرة القدم للسيدات قبل سنتين.
بداية من تلك المباراة سيبدأ أول تصنيف لمنتخب السيدات، مما يعني دخوله المنظومة الرسمية لكرة القدم للسيدات.
تدرج من المحلية
وقصة مشاركة أول منتخب سوداني للسيدات، في الأساس تعود إلى الفكرة الأساسية إلى الميلاد والتدرج الطبيعي محليا قبل قرار اللعب خارجيا.
رئيس مجلس اتحاد كرة القدم السوداني، الدكتور كمال شداد بدأ الخطوات الفعلية ووضع خارطة الطريق، والمخطط المتدرج بداية من ورش العمل وتكوين لجان لدوري السيدات، مرورا بورش دينية وفنية ثم تكوين فرق السيدات، ثم الانطلاق بأول دوري للسيدات في تاريخ السودان.
ويقول الدكتور كمال شداد : “بمجرد أن تم انتخاب أول سيدة لعضوية مجلس اتحاد كرة القدم السوداني، وهي السيدة ميرفت حسين فكرنا فورا في تنظيم نشاط رسمي لكرة القدم للسيدات بالسودان تحت مظلة اتحاد كرة القدم السوداني”.
وفي 2018 بدأت أولى الورش التي تمهد لميلاد دوري السيدات، وكان من ضمنها ورشة لعدد من علماء الدين الإسلامي بالسودان، وذلك حتى يتحاشى اتحاد الكرة السوداني الصدام مع المجتمع.
النسخة الأولى
وفي 26 ديسمبر/كانون أول 2019، نظم اتحاد الكرة السوداني أول سنمار لدوري كرة القدم للسيدات بالسودان، وتم تأهيل حكمات من العنصر النسائي مدربات لإدارة المباريات.
وتم اعتماد 21 فريقا للمشاركة في النسخة الأولى من دوري السيدات السوداني، حيث قسمت الفرق إلى 4 مجموعات ولعبت مباريات الدور الأول بمدن كل من الخرطوم ومدني والأبَيِّض وكادقلي.
وتم تحديد تفاصيل الزي الذي يجب أن ترتديه لاعبات كرة القدم بالسودان، وأبلغت به كل الفرق، وهو الزي الذي ظهر على لاعبات الدفاع والتحدي في افتتاح البطولة.
وفي في يوم 30 سبتمبر/أيلول 2019 شهد السودان افتتاح أول بطولة كرة قدم للسيدات بحضور وتشريف وزيرة الشباب الرياضة ولاء البوشي وكانت المباراة الافتتاحية بين فريقى التحدي والدفاع وقد انتهت بالتعادل (2/2)
ويتذكر شداد : “بعد أن أعلن اتحاد الكرة السوداني، تاريخ افتتاح مسابقة الدوري السوداني، بدأ الحملات تنتظم ضد الفكرة، وطالت الحملات الرياضة الاتحادية وقتها ولاء البوشي، فقررت رئيس لجنة كرة القدم للسيدات بالاتحاد السيدة ميرفت حسين إصدار بيان بحصر دخول مباراة الافتتاح للسيدات فقط”.
وأضاف شداد: “لكننا رفضنا إصدار البيان، وتمكسنا بدخول المشجعين من السيدات والرجال لملعب المباراة، وهو ما تم”.
وبعد نهاية الموسم الأول لأول نسخة، بدأ الحديث عن المشاركة الخارجية، لكن قيادة الاتحاد الكرة السوداني رفضت، وذلك لضعف الخبرة الدولية، بسبب قلة عدد المباريات التي لعبت خلال الدوري، وعدد دقائق لعب المباراة حيث لم تتجاوز 40 دقيقة للشوط الواحد.
النسخة الثانية
لعبت النسخة الثانية من دوري السيدات هذا العام، بعدد مباريات أكثر للاعبات، وعدد دقائق لعب أكثر بواقع 45 دقيقة للشوط.
ومع ذلك فإن اتحاد الكرة السوداني رفض المشاركة فورا في أي بطولة خارجية، واستعاض ببرنامج معسكر خارجي تتخلله مباريات دولية ودية، ولكن لم يجد الاتحاد استجابة من الاتحادات الصديقة لظروف خاصة بها.
وخاض منتخب سيدات السودان، أول مباراة ودية خارجية في تاريخه أمام فريق البنك الأهلي المصري وخسرها (2/3)، وذلك يوم الأحد 22 أغسطس/آب الماضي.
المشاركات الخارجية
قلل الدكتور كمال شداد رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم من الهزائم الثقيلة التي تلقاها منتخب سيدات السودان في بطولة كأس العرب والتي تعد هي الظهور الخارجي الأول للمنتخب ، وأضاف : كرة القدم نشاط رياضي يتقبل كل شيء، ونحن منذ البداية لم نتوقع أن نحقق نتائج أكبر من التي خرجنا بها، هذه أول تجربة للمنتخب .
وأضاف: في اليوم التالي مباشرة لمباراتنا الأولى التي خسرها منتخبنا أمام سيدات مصر، اتصلنا برئيسة البعثة السيدة ميرفت حسين، وطلبنا منها ألا يحدث أي إحباط، وأنه لن يفرق معنا شيء حتى لو كانت هزائم أكبر.
وخاض منتخب السيدات السوداني 3 مباريات، خسر الأولى أمام سيدات مصر «0 – 10»، والثانية أمام سيدات تونس «1- 12»، وخسر مباراته الأخيرة أمام لبنان «1- 5».
ورغم تلقي منتخب سيدات السودان لكرة القدم خسارة كبيرة ، أمام نظيره الجزائري ، (14-0) ، بالتصفيات القارية المؤهلة لنهائيات كأس أمم أفريقيا المقررة في الكاميرون العام المقبل.، في أول مشاركة خارجية رسمية ، إلا أن الحلم طريق طويل لا تكسره هزيمة البدايات.
هزائم وانقسام
سيدات السودان بدأن مشاركاتهن الخارجية بالبطولة العربية في مصر، ثم واجهوا الجزائر في تصفيات أمم أفريقيا، وخضن أربع مباريات شهدت تلقيهن هزائم بأعداد كبيرة، الأمر الذي خلق حالة من الانقسام لدى الشارع الرياضي السوداني بين متقبل للهزائم، معتبراً أنها أمر عادي لمنتخب ما زال يتحسس خطاه في اللعبة، وبين غاضب من المستوى والنتائج، ومطالب بإيقاف التجربة لأنه يراها فاشلة ولا جدوى منها.
النظرة بدأت تتغير”
وتشتكي لاعبات كرة القدم في المجتمع السوداني من الأحكام المسبقة والصور النمطية، ومن بينها أن كرة القدم لا تتناسب مع تكوين المرأة البيولوجي . ولكن إرادة اللاعبات في تغيير الواقع تبقى قوية.
فكرة القدم بالنسبة لهؤلاء الفتيات “جزء من حياتهن”، كما تؤكد ريان رجب، لاعبة المنتخب السوداني للسيدات. بيد أن ريان متفائلة أيضا بمستقبل كرة القدم النسائية التي تقول أنها ” أصبحت تلقى دعما واهتماما أكبر في السودان”. وهو ما تشاطره أيضا زميلتها في المنتخب ازدهار شلقامي التي أوضحت أن : ” المجتمع السوداني والمجتمعات العربية أغلبها تنظر بغرابة للاعبة كرة القدم، غير أن النظرة بدأت تتغير.
وعلى الرغم من ان كرة القدم النسائية قديمة في السودان حيث كان فريق الهلال يملك فريقاً للسيدات في الخمسينيات ، وكان معظم اللاعبات أجانب الا أن كرة القدم النسوية لم تستيطع الإنطلاق بسبب القيود الكثيرة على المرأة في المجتمع السوداني.