شحّ سلع في السودان… والأردن يعزّز المخزون الغذائي
الخرطوم – صقر الجديان
تشهد أسواق السودان ندرة كبيرة في السلع الضرورية ومنها الدقيق والسكر والأرز، وسط معاناة متواصلة للبلاد من أزمة اقتصادية تفاقمت في ظل تصاعد الاضطرابات السياسية والأمنية.
وتقدر الأمم المتحدة أنّ 18 مليوناً من إجمالي 45 مليون سوداني، سيعانون بنهاية السنة من انعدام الأمن الغذائي، أكثرهم معاناة 3.3 ملايين نازح يقيم معظمهم في دارفور.
وأظهر تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي متعدد الشركاء عن السودان، الذي نشرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أخيراً، “أرقاما مقلقة عن الأوضاع المعيشية”. وأوضح التصنيف، تدهور ظروف الأمن الغذائي في البلاد.
وحول أزمة شح السلع الضرورية، قال رئيس تجار الجملة بسوق أم درمان في العاصمة الخرطوم، بابكر عز الدين، لـ”العربي الجديد” إن الفترة المقبلة ستشهد تصاعد أزمة ندرة العديد من السلع الغذائية في البلاد عقب الإجراءات التي قامت بها الحكومة السودانية بزيادة الرسوم الجمركية والضريبة على تجديد الرخص دون تقديم خدمات.
وأضاف عز الدين: “كثير من التجار تركوا المهنة، ما يدل على فقدان الحكومة لإيرادات مهمة، وبالتالي يلقي بالضغط على بقية القطاعات الأخرى”.
وأشار إلى أن المواطن بدأ يتحسب للأمر عبر تخزين بعض السلع الضرورية، مشيرا إلى أن هذه الممارسات تؤدي إلى زيادة نقص المعروض من السلع وارتفاع أسعارها.
وأشار إلى توقف عدد من المصانع المحلية بسبب ارتفاع التكلفة وضعف القوة الشرائية، الأمر الذي ساهم في نقص المعروض من المنتجات بالأسواق. وقال: “بدأت زيادات جديدة بنحو 20 % على أسعار السلع بسبب زيادة أسعار الوقود، أخيرا، الأمر الذي يؤثر على عمليات النقل والتخزين”.
من جانبه، نبه الخبير الاقتصادي بابكر محمد إبراهيم في حديثه لـ”العربي الجديد” إلى ضرورة تقوية الاعتماد على الإنتاج الغذائي المحلي، دون التركيز بصورة كبيرة على الاستيراد، وتنشيط التجارب الناجحة في مجال إنتاج الغذاء المحلي كالذرة والدخن والذرة الشامية والقمح.
وأشار إلى أهمية تقوية مخزونات السودان الوطنية الغذائية ومستودعات الطاقة، لمواجهة مثل هذه الأوضاع التي حتماً سترمي بظلالها على السودان مثله مثل الدول الأخرى وتنويع وتشكيل مصادر أسواق الغذاء الخارجية، وعدم الاعتماد على منطقة واحدة للاحتياجات الخارجية من الغذاء، لتجنيب البلاد المعادلات السياسية والاقتصادية الخارجية.
وفي هذا السياق، حذرت الفاو من أزمة غذاء تلوح في الأفق في السودان نتيجة لآثار النزاع المسلح وانخفاض إنتاج المحاصيل الأساسية والاضطراب الاقتصادي. وحسب تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي متعدد الشركاء، من المتوقع أن يعاني 11.7 مليون شخص، أي ما يقرب من ربع سكان البلاد، من موجة حادة من الجوع في ذروة موسم العجاف في سبتمبر المقبل، بزيادة تبلغ نحو مليوني شخص مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وسجلت ولايات غرب وشمال ووسط دارفور والخرطوم وكسلا والنيل الأبيض، والتي تعتبر الولايات الأكثر تضرراً من النزاع والتدهور الاقتصادي، أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي.
وعلى الجانب الآخر، يترقب الأردن باهتمام انخفاض أسعار الأغذية في الأسواق العالمية وخاصة مادتي القمح والشعير، كونه يستورد بحسب بيانات رسمية حوالي 85% من احتياجاته الغذائية من مناشئ مختلفة وبما قيمته 4 مليارات دولار سنويا.
ويعزز انخفاض أسعار الأغذية عالميا المخزون الاستراتيجي من مختلف السلع، الذي سعت الحكومة بكل طاقاتها خلال السنوات الثلاث الماضية للمحافظة عليه وتوفير كافة المواد وفقا لتصريح مسؤول أردني لـ”العربي الجديد”.
وتقع الكميات المخزنة من السلع الأساسية كالسكر والأرز والزيوت النباتية واللحوم والدواجن والبقوليات والحليب والخضار ضمن الحدود الآمنة من كل سلعة وتتراوح فترات الكفاية ما بين شهرين وأكثر من 12 شهراً، كما في القمح (14 شهراً).
واشترت الحكومة هذا العام 300 ألف طن قمح من مناشئ متعددة للمحافظة على المخزون الغذائي رغم ارتفاع الأسعار عالميا التي قفزت من 300 دولار قبل الأزمة الروسية الأوكرانية إلى 500 دولار وبدأت بالانخفاض التدريجي بعد ذلك.
وقال رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي لـ”العربي الجديد”، إن التجار والقطاع الخاص بشكل عام بذلوا جهودا لتأمين احتياجات السوق رغم الصعوبات الناتجة عن الاختلالات في سلاسل التوريد وارتفاعات الأسعار عالميا والزيادة الكبيرة التي طرأت على أجور الشحن. وأضاف أن الأردن يتأثر مباشرة بما يجري في الأسواق العالمية بسبب استيراده غالبية احتياجاته الغذائية لعدم وجود إنتاج محلي من بعض السلع ونقص في أخرى.
وشهدت السوق المحلية ارتفاعا على الأسعار خلال النصف الأول من هذا العام وطاول معظم السلع بخاصة الزيوت النباتية والدجاج واللحوم وأصناف من الخضار، لكنها واستنادا إلى دراسات مسحية أجرتها وزارة الصناعة والتجارة والتموين فقد بدأت في الانخفاض منذ بداية الشهر الجاري وتراجعت لمستويات غير مسبوقة منذ حوالي عامين كالدجاج وعدد من المنتجات الزراعية.
وفرضت الحكومة رقابة مكثفة على الأسواق وقامت بتحديد سقوف سعرية لعدد من السلع كالدجاج والزيوت النباتية وأصناف من الخضار بسبب مغالاة التجارة بأسعارها. وارتفعت أسعار المستهلك في النصف الأول من العام الحالي بنسبة 3.91% مقارنة بنهاية العام الماضي.
إقرأ المزيد