لا صلة خاصة تربطني بدولة الإمارات العربية المتحدة .. فلست من المترددين على أسواق دبي .. ولا منتديات الشارقة .. ولا مؤتمرات أبوظبي .. بل إنني لست فى قائمة ضيوف سفارتها بالخرطوم .. ورغم ذلك تعاملت بحذر شديد .. مع خبر تناقلته الوسائط و بعض مواقع التواصل الإجتماعي بكثافة .. عن إحتجاز الخبير القانوني الدكتور معاذ تنقو، رئيس مفوضية الحدود .. داخل دولة الإمارات.
حرصت على أخضاع المعلومات الأولية المتوفرة للمنطق .. لأرى مدى إتساقها مع ما إنتهى إليه صانع أو صانعوا الرواية الزاعمة بأن الإمارات قد إحتجزت تنقو، لأسباب تتعلق بالنزاع مع اثيوبيا ..وكانت الرواية المصنوعة قد حذرت الإمارات من تصفية معاذ تنقو، جسدياً .. فتذكرت رواية ماركيز الشهيرة .. قصة موت معلن .. متسائلاً عن مصلحة الإمارات فى إرتكاب جريمة مصحوبة بمثل هذا الإعلان الكثيف .. و كانت قناعتي ولا تزال .. أن أي دولة فى العالم مهما كان تواضع إمكانياتها .. لن تعجز عن تصفية من تشاء من خصومها .. إن أرادت .. دون أن تورط نفسها في جريمة معلنة ..!
ثم إنتقلت إلى الفرضية التالية فى دوافع الإمارات من تصفية تنقو .. قال صناع الرواية المزعومة أن سبب إحتجاز الإمارات لتنقو .. وربما تصفيته جسدياً .. هو إلمامه بالكثير من المعلومات عن حدود السودان .. وتأثيره فى سير المفاوضات مع اثيوبيا .. ولكن المنطق كان يقول .. إن التخلص من معاذ تنقو، لن يغير من الحقيقة شيئاً .. وأن إختفاء زيد أو عبيد لا يعنى إختفاء المعلومات .. فهي باقية .. إن لم يكن في صدور الرجال .. ففي الوثائق والأضابير .. لا فى دور الوثائق فحسب .. بل حتى فى ملفات المنظمات الدولية ذات الصلة.
ثم تساءلت عن موقع معاذ تنقو، فى كل ذلك .. فهو بحكم خبرته وحتى وظيفته .. ليس بصانع قرار .. بل هو مستشار للدولة .. يدلى بدلوه ويقدم إستشارته .. أخذ بها أو لم يؤخذ .. صحيح أنه جزء من المؤسسة السيادية .. لكنه ليس صاحب قرار فيها .. فما الداعي للتخلص منه إذن ..!
المفارقة فى قصة معاذ تنقو .. ومزاعم القائلين بحجزه والتخطيط للتخلص منه فى الإمارات .. بدعوى أنه خبير فى الحدود .. أنه ربما فات عليهم .. أو ربما لا يعلمون أصلاً .. أن واحداً من أبرز خبراء السودان فى ذات المجال .. إن لم يكن أبرزهم .. حيث تشهد له مؤلفاته العديدة .. ومساهماته المستمرة فى قضايا الحدود السودانية .. يعيش معززاً مكرماً .. ولسنوات طويلة .. داخل دولة الإمارات العربية المتحدة .. أو هذه معلوماتي عنه حتى وقت قريب .. ولو كانت الإمارات تفكر بالشكل الذى روج له المروجون لكان أيسر عليها .. البدء أولاً بالتخلص من البروفسير فيصل عبد الرحمن علي طه، خبير القانون الدولى والعالم فى قضايا الحدود .. مخزن أسرار الكثير من المعلومات ذات الصلة بالحدود السودانية ..!
إن أسوأ ما حدث في قضية الدكتور معاذ تنقو .. أنه حتى مقربون منه قد صدقوا تلك المزاعم .. فراحوا يسهمون فى الترويج لها .. ربما دون أن يقصدوا ذلك بالطبع .. فكانت النتيجة إتساع دائرة الترويج .. وكنت قد قلت لمن إتصل بي منزعجاً .. تواصل الآن مع الكتور .. وسيفيدك بأنه عائد اليوم .. وقد عاد بالفعل في ذات اليوم .. فهل كان بإمكان محتجز أن يحدد ميقات عودته ..؟
ورغم ذلك فحين وصل الدكتور معاذ تنقو، إلى الخرطوم .. علق أحدهم بقوله .. (إن نداء تراجي مصطفى، هو السبب فى إنقاذه) .. فتأمل يا ملاسي ..!