أخبار السياسة المحلية

طائرات “بيرقدار” التركية: كيف تعمّق الصراع في السودان؟

الخرطوم – صقر الجديان

يشهد السودان تصاعدًا كبيرًا في حدة النزاع الذي اندلع في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ومع دخول طائرات مسيّرة متطورة مثل “بيرقدار TB2” التركية إلى ساحة القتال، يتزايد تعقيد الحرب التي باتت تعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا العسكرية. في ظل هذا التطور العسكري، تُثار تساؤلات حول تأثير هذه الطائرات على مسار الصراع والكارثة الإنسانية المتفاقمة.

كيف وصلت طائرات بيرقدار إلى السودان؟

أكدت مصادر أمنية أن الجيش السوداني حصل على منظومة طائرات “بيرقدار TB2″ عبر وسيط أفريقي يُعتقد أنه دولة مالي. هذه الطائرات، التي تُعد من بين الأبرز عالميًا في مجال الطائرات المسيّرة، لم تُشحن مباشرة من تركيا، بل عبر ما يُعرف بـ”مشتري وهمي”.

وأشارت التقارير إلى أن رئيس مالي العقيد عاصيمي غويتا، الذي يرتبط بعلاقة وثيقة مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، قد لعب دورًا رئيسيًا في هذا الأمر.

جدير بالذكر أن الدولتين وقّعتا مذكرة تفاهم للتعاون العسكري في يونيو 2023، مما يعزز فرضية هذا التعاون في نقل الأسلحة.

تتألف المنظومة الواحدة من ست طائرات مسيّرة، إضافة إلى محطات تحكم أرضية، ومعدات دعم لوجستي متطورة.

ورغم وصول الطائرات في وقت مبكر، تأخر تشغيلها بسبب ضرورة إعداد البنية التحتية اللازمة، مثل محطات التحكم الأرضي ومحطات البيانات.

دور المسيّرات الإيرانية قبل دخول “بيرقدار”

قبل وصول الطائرات التركية، اعتمد الجيش السوداني على الطائرات المسيّرة الإيرانية مثل “مهاجر-6″ و”أبابيل-3”. توفر هذه الطائرات قدرات استطلاع وهجوم محدودة لكنها متطورة نسبيًا. وتُشير التقارير إلى أن إيران قدمت دعماً فعالاً، شمل توفير الطائرات ومراكز صيانة متكاملة داخل السودان.

ووفقاً لخبراء، فإن هذه الطائرات الإيرانية كانت تمثل عصب العمليات العسكرية للجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع. ورغم محدودية تأثيرها مقارنة بـ”بيرقدار”، فإنها ساهمت في تأجيج الصراع.

تأثير الطائرات المسيّرة على مسار الحرب

يُتوقع أن تُحدث طائرات “بيرقدار” فرقًا كبيرًا في ديناميكية القتال، حيث توفر قدرة عالية على الاستهداف الدقيق والهجمات بعيدة المدى.

هذا التطور قد يغير موازين القوى، لكنه يُنذر أيضًا بتصعيد ميداني حاد وزيادة في عدد الضحايا المدنيين، خاصة أن المناطق السكنية غالباً ما تُستخدم كمراكز عمليات.

التداعيات الإنسانية الكارثية

في ظل استمرار الحرب، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. قُتل وأصيب عشرات الآلاف، بينما نزح أكثر من 11 مليون شخص داخل البلاد، واضطر 3 ملايين آخرين للفرار إلى دول الجوار.

تواجه نصف سكان السودان خطر الجوع الحاد، وفق تقارير الأمم المتحدة، ويعيش 1.5 مليون شخص على حافة المجاعة. الدمار الواسع للبنية التحتية وانتشار الأوبئة يزيدان من حجم المعاناة اليومية للسكان، في ظل غياب حلول سياسية أو إنسانية فعالة.

دور القوى الدولية والإقليمية

يبرز دخول طائرات “بيرقدار” كدليل على الانخراط الإقليمي في الصراع السوداني. تدفق الأسلحة المتطورة من تركيا وإيران ودول أخرى يعكس سعي أطراف دولية وإقليمية لتحقيق مصالحها على حساب استقرار السودان.

هذا الانخراط يُطيل أمد الحرب، ويزيد من فرص تحول النزاع إلى صراع طويل الأمد قد يهدد استقرار المنطقة بأكملها. ويطرح ذلك أسئلة ملحة حول مسؤولية المجتمع الدولي في منع المزيد من التصعيد.

نحو حل عاجل للصراع

بينما يدفع المدنيون الثمن الأكبر للحرب، تبدو الحاجة ملحة لتدخل دولي عاجل. على المجتمع الدولي أن يضغط من أجل وقف تدفق الأسلحة والبدء في حوار سياسي شامل يضع حداً لهذا الصراع المدمر. كما يجب توفير مساعدات إنسانية عاجلة للسكان المتضررين لتخفيف معاناتهم المتفاقمة.

إن استمرار الحرب، مع دخول أسلحة متطورة كتلك الطائرات المسيّرة، لا يعني سوى مزيد من الدمار وفقدان الأرواح. الحل يكمن في وقف النزاع بشكل جذري وتوحيد الجهود لإنقاذ السودان من الانهيار الكامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى