أخبار السياسة المحلية

ظلام الخرطوم… الحرب تُغرق السودان في عتمة وتكبد الكهرباء خسائر بمليارات الدولارات

الخرطوم – صقر الجديان

أصبحت صور الخرطوم وبحري بعد غروب الشمس، والمدينتان تغرقان في ظلام دامس، رمزًا للحزن والكآبة وللخسائر الفادحة التي خلفتها الحرب.

العتمة الموحشة والصمت الثقيل يجسدان مأساة بلد يعيش واحدة من أعقد أزماته منذ اندلاع القتال بين الجيش والدعم السريع في أبريل 2023.

خسائر بمليارات الدولارات

تشير تقديرات أولية إلى أن إعادة تأهيل محطات الكهرباء المتضررة، خاصة المحطات الحرارية في قري والخرطوم بحري، إضافة إلى الشبكة العامة، تتطلب أكثر من ملياري دولار.

ووفق شركة كهرباء السودان، فإن طول الخطوط المعطلة جراء التخريب يناهز 150 ألف كيلومتر، كما دُمّر نحو 15 ألف محول كهربائي بقيمة تصل إلى 46 ألف دولار للمحول الواحد.

كذلك نُهبت كميات ضخمة من الكابلات لاستخراج النحاس، وفُقدت المعدات الحيوية من مستودعات الشركة، خصوصًا في الخرطوم.

محطات رئيسية مثل بحري الحرارية وقري (1،2،4) وجبل أولياء تعرضت لتدمير كامل بنسبة 100%، إلى جانب فقدان 1500 كيلومتر من خطوط النقل وسرقة 20 ألف برميل من زيوت المحولات. وبلغت الخسارة نحو 1000 ميغاواط من الطاقة، أي ما يعادل 35% من إجمالي الإنتاج.

صناعة مشلولة وخدمات منهارة

القطاع الصناعي كان الأكثر تضررًا لكونه المستهلك الأكبر للكهرباء. توقفت نحو 80% من المصانع في الخرطوم، خاصة مصانع الأغذية، ما تسبب في نقص السلع وارتفاع أسعار البدائل المستوردة.

المأساة لم تتوقف عند ذلك، إذ نُهبت المصانع بشكل كامل، بما في ذلك الماكينات والتوصيلات الداخلية، لاستخراج النحاس وبيعه في الأسواق العالمية.

أما القطاع الصحي، الذي تضرر بنسبة 90%، فقد انهار مع غياب الكهرباء التي كانت تشغل غرف العمليات وأجهزة الفحص، وتوفر المياه النقية، وتربط المستشفيات عبر الشبكات الإلكترونية. كما أدى توقف مصانع الأدوية المحلية إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد وارتفاع تكلفة العلاج.

الزراعة والمياه

في حين لم يتأثر القطاع الزراعي المطري بشكل كبير، فإن الزراعة المروية في الجزيرة والرهد والشمالية والنيل الأزرق وسنار تكبدت خسائر فادحة بسبب تدمير المحولات والهجمات المتكررة بالطائرات المسيرة.

هذه الخسائر انعكست مباشرة على الصادرات الزراعية، إذ تراجعت الكميات والجودة، وفقد السودان القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية.

بدائل مكلفة وحلول مؤقتة

اتجه المواطنون إلى الطاقة الشمسية كخيار بديل رغم ارتفاع تكلفتها، حيث يتراوح سعر الوحدة المنزلية بين 2 و3 ملايين جنيه.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدأ بالفعل بتركيب أنظمة طاقة شمسية في المراكز الصحية والمستشفيات، فيما شرعت ولاية الجزيرة في تركيب 267 وحدة لتشغيل محطات المياه.

مستقبل الكهرباء في السودان

يرى خبراء أن الحل يكمن في إعفاء معدات الطاقة الشمسية والبطاريات من الرسوم الجمركية وتسهيل التمويل المصرفي لشرائها.

كما طرح اقتصاديون خيار الاستفادة من فائض الطاقة الإثيوبية المولدة من سد النهضة عبر خطوط الضغط العالي القائمة بين البلدين، باعتباره بديلاً سريعًا وأقل تكلفة من إعادة الإعمار الشامل.

لكن وسط استمرار الحرب، يظل الظلام الذي يلف الخرطوم وبحري بعد الغروب شاهدًا حيًا على مأساة الكهرباء، وأحد أبرز وجوه الدمار الذي يعصف بالسودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى