علوم

عادت إلى الأرض وبقي اسمها في السماء!

وكالات – صقر الجديان

أتقنت قيادة عشرين نوعا من الطائرات بما فيها المقاتلة من “الميغ – 15” حتى “الميغ – 25″، ثم أصبحت رائدة فضاء وشاركت في رحلتين، وسبحت في السماء لمدة 3 ساعات و35 دقيقة.

إنها رائدة الفضاء السوفيتية سفيتلانا سافيتسكايا التي دخلت التاريخ بكونها ثاني رائدة فضاء في العالم بعد زميلتها السوفيتية فالنتينا تيريشكوفا، وأول رائدة فضاء تسير في الفضاء الخارجي.

وُلدت سفيتلانا لأب طيار في سلاح الجو السوفيتي وصل إلى أعلى الرتب ونفذ 216 مهمة قتالية ضد القوات الألمانية النازية الغازية بين عامي “1941 – 1945″، أسقط خلالها 22 طائرة حربية معادية.

أرادت أن تسير على خطى والدها المارشال في سلاح الجو السوفيتي يفغيني سافيتسكي، وأن تمضي أبعد إلى الفضاء ونجحت في العمل طيارا في مجال اختبار الطائرات، وقادت معظم الطائرات المتوفرة في الجيش الأحمر، وقضت في الجو أكثر من ألف ساعة.

في رحلتها الفضائية الثانية إلى محطة الفضاء المدارية “ساليوت 7” على متن المركبة الفضائية “سويوز تي – 12″عام 1984، كُلفت سفيتلانا سافيتسكايا وزميلها فلاديمير دجانيبيكوف بمهمة في غاية الصعوبة والخطورة.

المهمة تتمثل في السير في الفضاء خارج المحطة المدارية السوفيتية، واختبار أداة يدوية عالمية تستخدم في لحام وقطع وتوصيل المعادن في الفضاء المفتوح على ارتفاع حوالي 278 كيلو مترا من سطح الأرض. هذه الأداة المبتكرة مزودة بمصدر طاقة مستقل، وهي على هيئة مدفع شعاع إلكتروني قصير التركيز.

فُُتح باب المحطة الفضائية المدارية السوفيتية “ساليوت 7” يوم 25 يوليو 1984 في الساعة 18:55 بتوقيت موسكو، وخرجت سافيتسكايا ودجانيبيكوف إلى الفضاء المفتوح. تناوبا على إجراء عمليات اللحام وقطع المعادن وتغطية الأسطح المعدنية بالفضة.

صُور كل ما يجري بكاميرا تلفزيونية ونُقل المشهد إلى مركز التحكم على الأرض، وتواصل معهما الخبراء الذين صمموا جهاز اللحام الفضائي اليدوي، وقدموا لهما النصائح على الفور عبر سماعات خاصة في خوذتيهما.

بعد أن انتهت هذه العملية الدقيقة والصعبة، أعيدت المعدات والعينات التي تم لحمها وربطها ببعضها إلى المحطة المدارية، ثم عادت المركبة الفضائية السوفيتية “سويوز تي-12” بالرائدين في 29 يوليو إلى الأرض.

الخروج من المحطة الفضائية والسير في الفضاء اللامتناهي ليس بالمهمة السهلة لاسيما مع القيام بأعمال في ظروف استثنائية. هذه الظروف الاستثنائية تكون أوضح حين ندرك أن حتى القطع الصغيرة من الطلاء تطير على ارتفاع 300 كيلو متر بسرعة 7.7 كيلو متر في الثانية، أي عشرة أضعاف سرعة الرصاصة.

أثناء تنفيذ أي مهمة في الفضاء خارج المحطة يتوجب مراعاة مسافة محددة غير مسموح بتجاوزها. من مخاطر السير والعمل في الفضاء أنه في حالة حدوث تلف لبدلة الفضاء، حتى ثقب صغير قد يؤدي إلى انخفاض الضغط وعواقب وخيمية. لحسن الحظ، نجحت سفيتلانا وزميلها في المهمة ولم تعترضهما أي مشاكل.

نجحت مهمة سافيتسكايا ودجانيبيكوف وتمكنا من ربط عينات من الفولاذ والتيتانيوم، وحصل جودة اللحام الفضائي من الخبراء على تقييم عال، كما حصل العلماء على معلومات مهمة بشأن “سلوك” المعدن عند قطع ولحمه وتغليفه في الفضاء. في الصحافة العالمية لقبت سفيتلانا وزميلاها فلاديمير بـ”عالمي المعادن الفضائيين”.

كُرمت رائدة الفضاء السوفيتية سفيتلانا سافيتسكايا على أعمالها الرائدة وشجاعتها في الفضاء، ومُنحت في 29 يوليو 1984 وسام لينين وميدالية النجمة الذهبية الثانية. علاوة على كل ذلك، أطلق اسمها ولقبها على كويكبين. وهكذا عادت إلى الأرض وبقي اسمها في السماء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى