عطش بالعاصمة السودانية وعجز يومي للمياه يبلغ قرابة المليون متر مكعب
الخرطوم – صقر الجديان
فاقمت في الأيام الماضية ، أزمة مياه الشرب ، بالعاصمة السودانية الخرطوم ،التي يلتقي فيها النيلان الأزرق والأبيض ، واللذان يشكلان لاحقاً نهر النيل ، الذي يُعد أحد اطول الانهار العذبة في العالم ، بصورة لم يسبق لها مثيل قريباً ، لدرجة أن بعض المناطق ، شهدت قطوعات امتدت لنحو أسبوع.
وعرفت أحياء الصحافة والكلاكلة ، جنوب الخرطوم احتجاجات وإغلاق للطرق ، بسبب تذبذب وشح المياه.
الأزمة ضربت مناطق لم يسبق لها أن عانت من الانقطاع بهذه الطريقة ، كاحياء الصحافة والنزهة والطائف ، فضلا عن المناطق التي تعاني أصلا من مشاكل في المياه بصورة كبيرة مثل أحياء الأزهري ، السلمة وجبرة والبراري والكلاكلات ، بالاضافة لمدينة الفتيحاب وأحياء الثورة بأمدرمان ، إلى جانب مناطق واسعة بشرق النيل والخرطوم بحري.
ارتفاع سعر برميل المياه
نتيجة للأزمة ، أضطر المواطنون لشراء المياه ، حيث يتراوح سعر البرميل بين (٥٠٠ -٧٠٠-١٥٠٠) جنيه ، بحسب المنطقة.
و قال مواطنون ، انهم مضطرون لانتظار المياه حتى الساعة الثالثة صباحا لملء البراميل.
تخريب متعمد
وعثر المواطنون في منطقة الفتيحاب ، بداية الأسبوع الحالي ، على كتل خرصانية داخل الخط الرئيسي للمياه ، الأمر الذي عده البعض عملاً تخريبياً متعمداً ، أدى لقطع المياه من مناطق الفتيحاب والمربعات ، وعادت المياه للمنازل بمجرد إصلاح العطل الذي تكرر خلال العامين الأخيرين في عدد من المناطق بامدرمان. وهو الامر الذي زاد من فرضية وجود عمل تخريبي منظم ، وهو ما لم ينفه مدير مياه الخرطوم ، والذي أشار إلى إمكانية وجود جهات مستفيدة من تعطيل وتوقف المياه دون ان يتهم جهة محددة.
وأشار إلى وجود تنسيق بينهم والمحليات ولجان الخدمات لمراقبة البلوفة البعيدة عن الاحياء السكنية.
وتصادف وجود مندوب صحيفة (التغيير) بمباني هئية مياه الخرطوم ، مع عدد من المواطنين المحتجين على انقطاع المياه بمنطقة السلمة جنوب الخرطوم ، حيث اكدوا ان ازمة المياه ، ظلت تراوح مكانها منذ شهر دون حلول ، وقالوا انهم يشربون مياه آبار ورغم ذلك يعانون من انعدام المياه ، الأمر الذي يضطرهم لشراء برميل المياه ب(٧٠٠) جنيه .
مدير هيئة المياه يكشف الحقائق
من جانبه ، أقر مدير هئية مياه ولاية الخرطوم ، مأمون عوض حسن ، بوجود مشكلة عطش في العديد من احياء العاصمة .
ووصف حسن ، خلال مؤتمر صحفي يوم الاثنين الأزمة بأنها (طاحنة) ، وقال: نعلم أن المواطنين ساخطين وغاضبين ، بسبب انقطاع المياه عن العديد من المناطق خاصة تلك التي تروي من المحطات النيلية ، لافتاً إلى أن الأزمة قديمة ومتوارثة منذ سنوات ، ولكن رقعتها اتسعت هذه المره لتضرب عدداً من الأحياء لأول مرة كاحياء النزهة والطائف.
العجز بالأرقام
كشف مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم ، عن نسبة عجز بلغت (٨٨٦.٩٣٠) متر مكعب يومياً ، حيث يبلغ الإنتاج (١.٨١٩.٣٢٢)متر مكعب ، فيما تبلغ الحاجة الفعلية (٢.٧٠٦.٢٥٢) مليون متر مكعب يومياً.
سقف زمني للأزمة
وفي رده على سؤال (التغيير) حول موعد انتهاء الأزمة ، حدد مدير هيئة المياه (٣) أسابيع لانتهاء الأزمة بدخول عدد من الآبار الجديدة للخدمة (٢٥) بئر بعضها سيدخل الخدمة قريبا بجانب الحلول الإسعافية بمد المناطق الاكثر حاجة للمياه بالتناكر بالاضافة لتأهيل الشبكات .
غير أن مدير الهئية عاد وأشار إلى أن بعض الآبار الجديدة تحت التشييد ، تواجه مشاكل فنية ومالية يمكن التغلب عليها.
تأثير سد النهضة علي المحطات النيلية
و حول تفادي الآثار السالبة المتوقعه للملء الثاني والتخزين لسد النهضة الإثيوبي خلال شهري يوليو المقبل ، قال حسن ، إن الملء الأول تأثرت به المحطات النيلية في العاصمة والتي انحسرت عنها المياه.
لكنه لفت إلى أن هنالك ترتيبات حالية بين الهيئة ووزارة الري وإدارة الخزانات والسدود لتلافي أي سلبيات يمكن أن تحدث في هذا الجانب ، من ضمنها تخزين كميات من المياه في خزان جبل أولياء.
الاستعانة بالحرس القديم
وأكد حسن ، استعانتهم ببعض المعاشيين لمعرفتهم بالخطوط القديمة ، خاصة في مناطق امدرمان.
ولم يستبعد مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم ، فرضية التخريب في قفل بلوف المياه بمحطة الفتيحاب ، وقال: المستفيدون من انقطاع المياه كثر ، ربما اصحاب الكاروهات (عربات تجرها حمير) ، او حتى بعض العمال بالهيئة ، او ربما يكون هنالك عمل سياسي تخريبي ممنهج.
اشتراطات
ورهن مدير هئية المياه ، تحسن الامداد بقيام ثلاثة محطات نيلية جديدة مكتملة الدراسات في جنوب أمدرمان الصالحة وسوبا في المرحلة الثانية بجانب محطة الخوجلاب بشمال الخرطوم بحري.
وأضاف قائلاً: إذا لم يتم تنفيذ هذه المشاريع ، ستظل الخرطوم تعاني من العطش ، مشيرا إلى رفع مقترحات بتمويل هذه المحطات عبر مؤتمر باريس في مايو المقبل.
تفاصيل الإنتاج بالأرقام
مدير الإدارة العامة للمصادر بهئية مياه الخرطوم ، خالد محمد حاج النيل ، اكد في حديثه لـ(التغيير) ، أن مياه النيل حاليا في مستوى تشغيل الطلمبات.
وقال إن بعض المحطات ، إنتاجها تجاوز الطاقة التصميمية وأخرى تناقصت ، مثل: محطة بحري طاقتها الإنتاجية (٣٠٠) الف متر مكعب في اليوم ، وتنتج حاليا (٢٨٤) الف متر مكعب في اليوم ، ومحطة المنارة مصممة لإنتاج (٢٠٠) ألف متر مكعب وتنتج فعليا (٢١٢) ألف وسوبا بإنتاجية (١٠٠) الف متر مكعب وتضخ (١١١) الف متر مكعب.
وأشار إلى أن محطة المقرن طاقتها (١٣٥) الف وتنتج حالياً (١٠٨) الاف وسيتم اضافة (١٨) الف متر قريبا وجبل أولياء (٦٨) الف متر وتنتج حاليا (٥٥) الف متر مكعب.
فيما تبلغ الطاقة التصميمية لمحطة شمال بحري لإنتاج (٤٠) الف متر وايضا بيت المال مصممة لـ(٢٧) الف متر وتنتج ذات الكمية ، فيما تنتج محطة توتي (٣.٧٠٠) الف من جملة (٤) الاف ، كما تنتج محطة الصالحة (٣٠) الف اكثر من الطاقة التصميمية ب(٢) الف.
بالإضافة لمحطة الجريف بانتاجية (١١) الف ، علما بان طاقتها يمكن ان تصل ل(١٥) الف فضلا عن محطة الشجرة (١٤) الف متر.
ونوه النيل ، إلى ان مجموع انتاج المحطات النيلية بحسب التصميم (٩٤٥) الف متر مكعب في اليوم ، فيما يبلغ الانتاج الفعلي (٨٩٤) الف متر مكعب يومياً ،وهنالك (٢٠) الف متر مكعب ، من المفترض ان تضاف خلال الايام القادمة.
ولفت مدير مصادر المياه ، إلى وجود (١٧٨٧) بئر في العاصمة بعضها معطل ، لافتا إلى ان الآبار تحولت من حلول مؤقتة ، إلى حلول استراتيجية.