عقبات في الطريق.. هل تعرقل حوار السودان المرتقب؟ (تحليل)
الحوار يرعاه كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية "إيغاد"، والحوار المرتقب ينطلق في مايو الجاري، بهدف حل الأزمة السياسية في البلاد
الخرطوم – صقر الجديان
– الحوار يرعاه كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية “إيغاد”
– الحوار المرتقب ينطلق في مايو الجاري، بهدف حل الأزمة السياسية في البلاد
– محلل: الحوار لن يحقق المرجو منه لأنه لا يملك القوة الكافية لتوفير ضمانات لنتائجه
– كاتب: الضبابية تحيط بالحوار رغم اقتراب موعد انعقاده
أيام قلائل تفصلنا عن موعد انطلاق الحوار الوطني الذي تتبناه الآلية الثلاثية من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية “إيغاد”، لحل الأزمة السياسية في السودان.
وترتفع آمال البعض بأن يفضي الحوار لحل أزمة البلاد، باعتبار أنه سيجمع الأطراف السودانية من مدنيين وعسكريين، للعمل على إيجاد حلول للفترة الانتقالية وصولا للانتخابات.
في ذات الوقت لن يكون الحل يسيرا وسهلا، في ظل دعاوى إسقاط النظام واستمرار الاحتجاجات في معظم المدن للمطالبة بالحكم المدني الكامل وتحقيق أهداف الثورة، المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة.
ففي 27 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا (إيغاد)، عن حوار سوداني في الأسبوع الثاني من مايو/أيار الجاري، دون الإشارة إلى موعد محدد لانطلاقه.
ومنذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشهد السودان احتجاجات رفضا لإجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.
ومقابل اتهامات له بتنفيذ انقلاب عسكري، قال البرهان، إنه اتخذ هذه الإجراءات لـ”تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، متعهدا بتسليم السلطة إما عبر انتخابات أو توافق وطني.
دعم دولي للحوار
تجد الدعوة للحوار تأييدا ودعما دوليا وإقليميا كبيرين بهدف عودة السودان إلى المسار الديمقراطي وعلى رأسهم دول “الترويكا” (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج)، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا وألمانيا.
كما تجد دعوة الحوار، دعم وجهود إفريقية يقودها الاتحاد الإفريقي وهيئة “إيغاد”، باعتبار أنه يمثل حل لاستقرار السودان البلد المهم في القرن الإفريقي.
وداخليا يرمي مجلس السيادة الانتقالي برئاسة عبد الفتاح البرهان، كل ثقله على أهمية الحوار بين المكونات السياسية لتحقيق توافق لإكمال الفترة الانتقالية.
ويؤكد قادة المجلس أن البلاد “تحتاج للتوافق للخروج من حالة الاحتقان واللادولة”، التي يعيشها السودانيين مع تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية.
ومرارا دعا البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي”، القوى السياسية والمدنية إلى الحوار وصولا لتوافق وطني لإدارة الفترة الانتقالية في البلاد.
وفي 3 مايو الجاري، كشف عضو مجلس السيادة ياسر العطا، لقناة “سودانية 24” المحلية، عن حوار يجريه قادة الجيش مع القوى السياسية المختلفة لتهيئة الأجواء والاتفاق على حد أدنى من النقاط التي تكفل الشروع في عملية الحوار الوطني.
وقبل إجراءات قائد الجيش في 25 أكتوبر الماضي، بدأت بالسودان في 21 أغسطس/آب 2019، مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام عام 2020.
عقبات الحوار
رغم أن قوى الثورة أعلنت رفضها للحوار وتبنيها شعار اللاءات الثلاث “لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية”، إلا أن بعض القوى دفعت بمطالب لتهيئة الأجواء قبل الدخول في أي حوار.
وعلى رأس تلك القوى “إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي” (الائتلاف الحاكم سابقا)، التي اعتبرت أن تهيئة الأجواء للحوار تتطلب إلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين ووقف العنف ضد المتظاهرين.
وشرعت السلطات في إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين خلال الأسبوعين الماضيين، إلا أنها ما زالت تعتقل قيادات “لجان المقاومة” (نشطاء)، بحسب الهيئات الحقوقية.
فيما سقط في 5 مايو الجاري، قتيل و73 مصابا في آخر مظاهرات توجهت إلى القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم، بينها إصابات بالرصاص الحي، وفق “لجنة أطباء السودان”.
يقول المحلل السياسي خالد الفكي، إن “الحوار المزمع عقده خلال أيام يحتاج لمعززات الثقة بين الفرقاء السودانيين، وتهيئة المناح السياسي بإطلاق سراح المعتقلين والنشطاء ورفع حالة الطوارئ فورا ووقف العنف ضد المتظاهرين”.
وأضاف في حديثه للأناضول: “هذه الخطوات ربما تكون حافزا يشجع الجميع في الدخول تحت مظلة الحوار من قبل قوى الثورة وتحديدا لجان المقاومة وقوى إعلان الحرية والتغيير”.
وذكر أن “إزالة كافة العقبات تقع على المكون العسكري الذي عليه تقديم تنازلات لإنجاح الحوار”.
تصعيد الشارع
مقابل ارتفاع أسهم الحوار لأجل حل الأزمة، لا يزال الشارع والقوى المحركة له الرافضة للحوار تدفع إلى مزيد من الاحتجاجات، وعلى رأسها “تجمع المهنيين” و”الحزب الشيوعي” و”لجان المقاومة”، لا سيما الأخيرة التي أعلنت عن “جدول تصعيدي” في مايو الجاري.
ويشمل الجدول، مظاهرات للمطالبة بحكم مدني ورفضا “للحكم العسكري”، خلال أيام 12، 16، 19، 26 مايو، بمختلف مناطق البلاد.
وقالت اللجان في بيان: “نعود للشوارع شاهرين هتافنا (..) وتعود السلطة الانقلابية تبحث عن مخرج لتحافظ على رقابها من مشانق الثوار، وتتخبط في التصريحات وتدعو للعودة إلى مربع الثورة”.
حوار دون ضمانات
يرى المحلل السياسي يوسف حمد، أن “الحوار الوطني لن يحقق النتائج المرجوة منه بتحقيق الاستقرار في الفترة الانتقالية، لأنه لا يملك القوة الكافية لتوفير ضمانات لما يسفر عنه”.
وأضاف للأناضول، أن “الحوار الوطني للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي يغيب عنه شي أساسي وهو الأجندة التي سيتحاور حولها الفرقاء، في ظل اختلاف جوهري بين المدنيين والعسكر”.
ولفت أن “الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وكذلك العسكر يصفون الوضع في السودان بالأزمة السياسية الحالية، بينما المدنيين يعتبرون أنهم في حالة ثورة ضد انقلاب، وهو تباين كبير”.
وأردف: “القوى الإقليمية والدولية تملك فقط القدرة على الضغط لإنجاح الحوار على المكون العسكري باعتباره كتلة واحدة ولكن لا تستطيع أن تضغط على القوى المدنية لأنها مختلفة ومتباينة”.
تعقيد المشهد
يرى الكاتب والمحلل السياسي أمير بابكر، أن “الضبابية تحيط بالحوار رغم اقتراب موعد انعقاده”، مردفا أن معادلة الحوار تضم 3 أطراف رئيسية مهم أن تشارك فيه.
وأضاف للأناضول، أن تلك الأطراف هي “الحرية والتغيير المجلس المركزي، والحرية والتغير الميثاق الوطني، ومجموعة الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين ولجان المقاومة”.
وأردف: “غياب أي طرف معناها أن الحوار لن يكون كاملا ولن تكون نتائجه مفيدة، والحزب الشيوعي وتجمع المهنيين ولجان المقاومة هذه أعلنت موقفها الرافض للحوار ولن تشارك”.
وختم قائلا: “من المرجح أن يعقد الحوار الوطني المشهد أكثر، باعتبار أن القوى الفاعلة في الثورة لم تتضح بعد مشاركتها في جلسات الحوار، وبذلك يكون الحوار الوطني أشبه بالحوار الداخلي بين العسكر وقوى الميثاق الوطني الداعمة له”.