عمر كنتيباي..لحظات في حضرة التاريخ
وفي الرياض التي ساقتنا اليها الخُطى هربٱ من جحيم الحرب، بعد أن استوطن الوطن الخراب، جمعتنا الصُدف بأنبل الرجال خلقٱ واخلاقٱ فهمٱ وأدبٱ وإدراكٱ وذوق، وحين تتجمع كل تلك الصفات في شخص واحد أعلم أنه من طينة الكبار، ولا غرو في ذلك فهو من بيت كبير وأسرة عظيمة، إبن مكوك وحفيد كنتيباي، فمن من أهل السودان بالرياض لا يعرف عمر حسن كنتيباي؟ من من أهل السودان بالرياض لم يشاركه هذا الشاب الجميل افراحه واتراحه؟.
لقد كنت محظوظٱ بمعرفة عمر الشاب التقي النقي المثقف الذي يحمل هموم الناس قبل همه، والذي يحترق ليضي عتمة الآخرين،وبلا أدنى شك لن أستطيع أن افيه القليل من حقه وصفٱ، فهنا يقف أمامي مأزق الحروف، وهنا أعرف تمامٱ ورطة اللغة المحالة، فمهما اجتهدت في رسم صورة تقريبية تعينني على وصف هذا الرجل الذي يحمل وسامة الإنسان السوداني، قيمه وكل تفاصيله المميزة فإنني أشعر بالعجز، فالكتابة عن العظماء الكبار تحتاج للغة أقولها بملء الفم أنني لا اجيدها.
التقيت بعمر في واحدة من التجمعات الرياضية الكبيرة بالرياض، ومن اللحظة الأولى شعرت بأنه شخص مختلف، تحدثت معه في الكثير من الجوانب التي تهم كل سوداني، فوجدته عارف وملم ولعلها أجمل اللحظات تلك التي قضيتها معه بمنزله بضاحية المعذر، فهنالك كان التاريخ شاخصٱ من خلال الصور والكتب التي تحكي عن الحباب أحدي القبائل البجاوية التي تمتعت بالنفوذ والسطوة لفترات طويلة، ولا زالت تشكل حضورٱ لافتٱ في واقعنا المعاصر.
قدم عمر شرحٱ وافيٱ عن تاريخ أجداده وعن قبيلته، والحق أنه كان يشرح بطريقة المحاضرين الكبار حيث التبسيط والمقدرة الفائقة على إيصال المعلومة، وعمر مثله مثل كل السودانين يعتصر قلبه الحزن على البلد، الذي سطا فيه المغامرين الصغار على مركز القرار ليعيثوا فيه خرابٱ وتدميرٱ ويوردوه واهله المهالك .. يقال أن العطايا في البلايا، ومن نعم الإبتلاء حضورنا إلى الرياض ومعرفتنا بعمر، وأمثاله ايضٱ موجودين سنستعرضهم خلال مقالاتنا القادمة لنطمئن الناس بأن هذا الوطن عظيم بابنائه، ولن يستطيع أي كائنٱ كان تقزيمه مهما ملك من أدوات الشر وأسبابه.