عودة سفراء (الخارجية).. تمكين لصالح الحكم العسكري بإشراف (كباشي)
الخرطوم – صقر الجديان
تغُيرات كثيفة شهدتها وزارة الخارجية السودانية منذ 25 أكتوبر 2021، التاريخ الذي اطاح فيه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بالحكومة المدنية، حيث جرت في الوزارة المهمة تعديلات على مستوى القيادة وأعيد سفراء ودبلوماسيين وإداريين الى الخدمة بعد أن أبعدتهم لجنة تفكيك التمكين.
وأصدرت دائرة المراجعة في المحكمة العليا حكما ألغت بموجبه القرار 29/2020، الخاص بإنهاء خدمة نحو 104 من السفراء والدبلوماسيين والإداريين بوزارة الخارجية ليعود فعليا العشرات للعمل مرة أخرى، في وظائف جديدة داخل الوزارة أو لذات المقاعد التي كانوا عليها فيما الحق البعض بسفارات السودان في الخارج.
كان أكثر السفراء “المخضرمين” الذين أنهيت خدمتهم بواسطة لجنة التفكيك هم من تقلدوا منصب المتحدث الرسمي باسم الخارجية في أوقات سابقة، وجاءت النسبة الأكبر للإعفاءات للدبلوماسيين في الدرجات دون “سفير”، حيث شمل الإعفاء كل من أبو بكر الصديق، خالد موسى، يوسف الكردفاني، وقريب الله خضر، وجميعهم كانوا ناطقين باسم الوزارة.
ومع قرارات الإعادة التي حصلت عليها “سودان تربيون” تبين أن كل المتحدثين عادوا للعمل مرة أخرى، ومنهم من صدر قرار إعادته قبل إجراءات قائد الجيش العام الماضي، بجانب مجموعة من السفراء الذين كانوا يديرون عدداً من الإدارات المهمة في الوزارة خلال فترة النظام السابق.
من بين العائدين كذلك، أميرة قرناص عقيلة وزير الخارجية الأسبق علي كرتي، وأحمد يوسف، وكمال إسماعيل، وياسر خضر، وحسن عيسى، والوليد سيد، ومعاوية التوم، وعبد الغني النعيم، والصادق عبد الله، وآخرين.
وعاد أبو بكر الصديق لموقع جديد هو إدارة المنظمات شبه الإقليمية، كما عاد خالد موسى، مديرا للإدارة الأوروبية، وقريب الله خضر مديرا لإدارة جنَوب السودان، و يوسف الكردفاني مديراً لإدارة المنظمات الدولية.
أيضا تقلد عبد العزيز صالح، مهام إدارة دول الجوار، وعمر عيسى مديرا للإدارة العربية.
تحت ضغط العسكر، أجرت قيادة الوزارة مع عودة السفراء والدبلوماسيين، تغييرات بتعيين دبلوماسيين عائدين في إدارات فنية وأخرى إدارية وفق مصادر بالوزارة تحدثت لـ”سودان تربيون”.
وأكدت توزيع عدد منهم على إدارات مختلفة مثل التخطيط والتدريب، وإدارات فنية وإدارية.
كما خرج نحو 3 سفراء آخرين للمعاش بينهم محي الدين سالم سفير السودان الأسبق في أديس أبابا والكويت آخر محطاته..
وجرى ترشيح بعض المعادين لسفارات بالخارج بينهم عوض الكريم الريح سفيراً بدولة الكويت، ومعاوية التوم نائباً لرئيس بعثة السودان الدائمة بالأمم المتحدة في نيويورك.
لماذا أعيد السفراء بسرعة؟
في العاشر من ديسمبر 2020 أنهت لجنة التفكيك خدمة 30 سفيرا، ولاحقا في 29 فبراير 2021 أنهت كذلك خدمة نحو 104 من السفراء والدبلوماسيين والإداريين.
وقال الرئيس المناوب للجنة وعضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي ، إن 14 سفيراً ووزيرين مفوضين تم تعيينهم بقرارات رئاسية وتعيين الباقين بقوانين تمكين الإسلاميين من مفاصل الدولة.
ويرى مصدر بالوزارة طلب حجب اسمه- أن عودة الموظفين الذين أنهت خدمتهم اللجنة يأتي في سياق “التمكين الثاني” بالوزارة- وفق حديثه.
ويبين لـ”سودان تربيون” أن النظام السابق في طريق عودته بعد “انقلاب البرهان” عجل بعودة السفراء والدبلوماسيين والإداريين.
من يُدير ملف “الخارجية”؟
يشرف عضو مجلس السيادة شمس الدين كباشي، على ملف الخارجية بصورة كاملة، وتؤكد مصادر لـ”سودان تربيون” أنه أشرف على تسمية سفراء تم ترشيحهم مؤخرا لعدد من المحطات الخارجية وقالت إنه يعمل بصورة مباشرة مع الوكيل دفع الله الحاج بشأن كل تفاصيل العمل الداخلي بالوزارة، وبدعم كامل من العسكر الذين يدعمون الوكيل بالكامل.
ويؤكد عضو مجلس السيادة السابق والرئيس المناوب للجنة تفكيك نظام 30 يونيو المجمدة محمد الفكي لـ”سودان تربيون” أن ما حدث بشأن كل القرارات بعد الانقلاب ومنها إعادة السفراء والدبلوماسيين والإداريين هو نتيجة مباشرة للانقلاب..
وثمة جانب آخر يجزم به الفكي، وهو أنه انقلاب على كامل الفترة الانتقالية وليس على قرار واحد “.
عودة وترقيات
ويكشف المستشار القانوني للجنة المفصولين من وزارة الخارجية المحامي والسفير سراج الدين حامد، لـ”سودان تربيون” عن ترقيات لبعض الدبلوماسيين العائدين يجري العمل عليها حالياً.
وأبان أنّ المحكمة أصدرت 3 قرارات في مراحل مختلفة بعودة السفراء والدبلوماسيين والإداريين الذين تم إنهاء خدمتهم بواسطة لجنة إزالة التمكين المجمدة.
كما اكد العمل على صرف حقوق العائدين بجانب تنفيذ قرارات العودة بنسبة “كبيرة”، وتعمل اللجنة الخاصة بالمفصولين على حقوقهم مع قيادة الوزارة ووزارة المالية.
ولفت سراج الدين، إلى عودة 137 دبلوماسي وإداري حتى بداية أكتوبر الجاري.
ويقول دبلوماسي رفيع المستوى بالوزارة لـ”سودان تربيون” إن نحو 100 “دبلوماسي وإداري وسفير” عادوا للعمل وفقاً لقرارات المحكمة العليا، ونوه إلى عودة 15 سفير في وقت سابق وتحديداً وفق قرار المحكمة في أكتوبر 2021.
قرارات غير قانونية
يؤكد المحامي أكرم حضرة لـ”سودان تربيون” أنّ كل القرارات التي صدرت بلا سند قانوني ، وليس لديها القوة من الناحية القانونية، بينما يتوجب عند تشكيل أو تكوين المحاكم الخاصة وفقاً لقانون خاص أو أمر تكوين.
ويعتقد حضرة، الا أحد يستطيع الطعن أو طلب فحص قرارات المحكمة وهناك طرف “غائب” وتم إصدار تلك القرارات في ظل غيابه.
ويشدد مجدداً على عدم وجود سند قانوني لتلك القرارات لأنها صدرت دون مرحلة من التقاضي وهي الاستئناف.
وتابع: “القرارات ليس لها سند قانوني والعليا يجب أن تنظر للطلبات عبر الاستئناف وأصلا المحكمة ليس لديها اختصاص وقامت بتجاوز درجة تقاضي كاملة”.
ويذكر حضرة، ان “قيدا زمنيا” وضع لكل طعن أو استئناف، فيما صدرت جميع القرارات دون قيد زمني، وأن كل تلك القرارات ليست إدارية وحتى حال كانت كذلك يجب استنفاد كل طرق القانون المعروفة.
وبعبارة أخرى يّبين أن القانون واضح ويجب عند إصدار قرار المرور بجميع مراحل التقاضي بينما هناك درجة غير موجودة.
وأكمل: “بالتالي ليس لديك اختصاص لأنك ألغيت القانون وألغيت سلطات التفكيك وسلطات اللجنة”.
مآلات الموازين الدبلوماسية
مع عودة النسبة الأكبر من السفراء والدبلوماسيين والإداريين الذين أنهت لجنة التفكيك خدمتهم، تبدو كل القراءات واضحة أمام السياسة الدبلوماسية المقبلة للسودان وهي الاتجاه شرقاً بعد فترة من “الحيادية” التي بدأت الحكومة المدنية في تطبيقها وإن كانت مالت قليلاً “غرباً” بسبب بعض الملفات مثل شطب السودان من القائمة السوداء، وملف الديون.
ومن المرجح، ان تشهد ساحة العمل الدبلوماسي تقاطعات كثيرة وربما بعض التجاذبات بعد تعيين سفراء ودبلوماسيين خلال فترة الحكومة المدنية، وعودة السفراء الذين أنهت لجنة التفكيك خدماتهم، ورغم الخبرة الواسعة للوزير الحالي السفير علي الصادق، إلا أن المؤشرات تتجه لحيز ضيق من فرص نجاح العمل الدبلوماسي في تقديم عمل متكامل لإدارة علاقات السودان.
إقرأ المزيد