ثقافة وفن

غياب دور العرض يهزم طفرة الإنتاج السينمائي بالسودان

الخرطوم – صقر الجديان

شهد السودان خلال العامين الماضيين، ما وُصف بالطفرة في الإنتاج السينمائي، بعد حصول 5 أفلام على جوائز عالمية كبرى.

لكن شح دور العرض السينمائي في البلاد، وفق مهتمين، سيشكل عقبة أمام انطلاق السودان في هذا المجال الذي ظل مقعداً لعقود مضت بسبب ضيق مساحة الحريات ونقص الأموال.

ولم يتسن للسودانيين حتى الآن مشاهدة الأفلام التي حصلت على جوائز رفيعة ونالت إعجاب الجمهور العالمي خلال عرضها بالمهرجانات الدولية، وهو ما اعتبره البعض بمثابة هزيمة لمساعي إنعاش السينما بالبلاد.

هناك أكثر من 10 دور عرض سينمائي في العاصمة الخرطوم تعرضت جميعها للتجفيف خلال الثلاثين عاماً الماضية، فضلاً عن دور أخرى في الولايات الإقليمية كسنار وكردفان وغيرها.

تدمرت دور العرض وتركت للسودانيين ذكريات ما يسمونه بالزمن الجميل، وقضاء السهرة في سينما “كليزوم” التي بيعت أرضها لمصرف تجاري “والحلفايا”، و”العرضة” و”كوبر” و”الوطنية” وغيرها من ملاذات أهل الثقافة والمسرح.

وبحسب مهتمون فإن السودان حالياً ليس به سوى 2 أو 3 دور للعرض السينمائي مؤهلة لعرض الأفلام واستيعاب الجمهور، وهو ما اعتبروه بمثابة معوق جديد للسينما.

ولما يقارب الثلاثة عقود مضت ظلت العاصمة الخرطوم تجافي سكانها ليلاً بعد توقف الملاهي ودور العرض السينمائي التي طالما شكلت ملاذاً يأوي عشاق السينما والمسرح في سكون الليل.

ويرى الناقد المسرحي الزبير سعيد، أن ما حدث للسينما في السودان من تدمير يمثل أمرُ مدبر يهدف لخلق فراغ ثقافي وتفادي تشكيل وعي جمعي تجاه قضايا الجماهير والحياة العامة.

ويقول “سعيد” لـ”العين الإخبارية”: “بدأ مخطط تحويل الخرطوم إلى عاصمة نهارية بتجفيف دور العرض السينمائي وحتى المراكز الثقافية، لتفادي الجلسات المسائية والتي تتخللها حوارات تشكل الوعي الجمعي للناس، وهو ما لا ترغبه الجهات السياسية، حتى لا يتأثر مشروعها السلطوي”.

ويشير إلى أن غياب دور العرض السينمائي يهزم الطفرة التي تحققت في الإنتاج بعد أن نجح هؤلاء الشباب في صناعة أفلام رفعت اسم السودان عاليا في المهرجانات الدولية.

ويتابع: “يجب أن تعود دور العرض فهي ليست مطلوب لمشاهدة الأفلام فحسب، بل لأجل اعادة النقاشات الجماعية الهادفة التي ترفع الوعي تجاه قضايا الوطن”.

ولم يذهب الكاتب المختص في شؤون الفن والمسرح محي الدين علي، بعيداً عن الزبير سعيد، إذ اعتبر أن المدخل الصحيح لعلاج المشكلة السودانية على المستوى السياسي والاقتصادي، والأمني، هو المسرح والسينما وإحياء النشاط الثقافي.

منارة المعرفة والوعي

وقال محي الدين خلال حديثه لـ”العين الإخبارية”: “يجب الإسراع في رد الروح لدور العرض السينمائي والمراكز الثقافية بعد أن توفرت الحريات، فهي منارة المعرفة والوعي.. من المؤسف ألا يتم عرض الأفلام السودانية الفائزة في داخل البلاد حتى، كان ينبغي على وزارة الثقافة أن تتبنى هذا الأمور من واقع مسؤوليتها في رعاية الإبداع”.

ومن بين الأفلام السودانية التي حصلت على جوائز عالمية خلال السنتين الأخيرتين، “ستموت في العشرين” للمخرج أمجد أبوالعلا، والذي فاز بجائزتي أسد المستقبل بمهرجان فينيسا الدولي بايطاليا، ونجمة الجونة الذهبية لمسابقة الأفلام الروائية بمهرجان الجونة في مصر.

بجانب فيلم “الحديث عن الأشجار” للمخرج صهيب جاسم الباري، والذي فاز بجائزة جلاسوته أوريجنال كأفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين السينمائي.

وفيلم “الخرطوم أوفسايد” للمخرجة مروى الزين، والذي حصل على عدة جوائز منها الأوسكار الأفريقي لأفضل فيلم، وجائزة لجنة التحكيم من مهرجان مالمو في السويد، وجائزة العمل الأول في مهرجان قرطاج السينمائي، بالإضافة إلى فيلم “على إيقاع الأنتنوف” للمخرج حجوج كاكا والذي فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان تورنتو السينمائي في العام الماضي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى