أخبار السياسة العالمية

فرماجو يرفع شعار الصراع.. ومحللون: خروجه من القصر هو الحل

الخرطوم – صقر الجديان

“من أزمة لأخرى أكبر، ومن مناوشات إلى انقلاب” هكذا يحاول الرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو، تمييع المرحلة الانتقالية.

وخلال الأسابيع الماضية، عاش الصومال، أزمة سياسية عنوانها الصراع بين فرماجو ورئيس الوزراء محمد حسن روبلى، فالأول لا يملك شرعية بعد انتهاء رئاسته قبل عام كامل، فيما يملك الثاني شرعية ليست قوية، وتتمحور حول تسيير الأعمال وإدارة الانتخابات العامة.

مراحل الخلاف
بدأت قصة الخلاف بسيطرة مدير المخابرات المؤقت ياسين عبدالله محمود، على مقعد نيابي بولاية غلمدغ، بالتعاون مع فرماجو وحليف الأخير رئيس الولاية، أحمد عبدي كارية قور قور.

غير أن انتفاضة العشيرة صاحبة المقعد النيابي، وإعلانها سرقة مقعدها وإدارته بشكل فاسد، قرر رئيس الحكومة بصفته المسؤول الأول عن الانتخابات، إعادة التصويت، وذهب الملف إلى لجنة حل الخلافات التي أصدرت قرارا نهائيا باعتماد التصويت وعدم إعادته.

فما كان من رئيس الوزراء إلا اتخاذ قرار بتطهير لجان الانتخابات الحكومية على المستوي الفيدرالي من أنصار فرماجو، وفصل 7 أعضاء من لجنة حل الخلافات من بينهم رئيس اللجنة، وعين سريعا 7 آخرين لشغل مقاعد المفصولين.

لجنة الانتخابات الفيدرالية سارت على درب روبلي، وأعلنت عزل رئيس مفوضية الانتخابات، محمد حسن عرو، إثر اتهامه وبقيه الأعضاء المفصولين، بالانحياز إلى طرف في الانتخابات، وتجاوز مسؤولياتهم الفنية في إدارة الاقتراع، كما أن جميع المفصولين موالون لفرماجو، وفق تقارير صحفية صومالية.

في المقابل، لم يهدأ الرئيس المنتهية ولايته، وافتعل خلافا جديدا مع روبلى لعرقلة الانتخابات، إذ حرك قائد البحرية الصومالية الجنرال عبدالحميد درر، ليتهم رئيس الوزراء أمام وسائل الإعلام، بمصادرة أراض الجيش لمصلحته الخاصة وبناء منزل له، لكن الحكومة نفت الاتهامات، واصفة إياها بـ”الباطلة، ولا أساس لها”.

اتهامات متبادلة
بدوره، خرج روبلي بتصريحات أمام مجلس الوزراء، عن وجود شخصيات تخطط لافشال الانتخابات والزج بالبلاد في حالة من الانسداد السياسي، مبديا استعداده للتصدي لتلك المحاولات بشكل حاسم.

ثم عقد روبلى اجتماعا في 21 ديسمبر/كانون أول، مع رؤساء الولايات، عبر الاتصال المرئي، ودعا إلى مؤتمر تشاوري لتصحيح مسار الانتخابات وتعزيز نزاهتها في 27 ديسمبر/كانون أول في مقديشو.

لكن فرماجو استبق هذه التحركات، وأصدر مرسوما قال فيه إن رئيس الوزراء فشل في قيادة الانتخابات، داعيا إلى مؤتمر تشاوري لرؤساء الولايات والحكومة الفيدرالية والمجتمع المدني للاتفاق على قيادة قادرة على إدارة الملف.

رد روبلى لم يتأخر كثيرا، وحذر في تصريحات صحفية من محاولات فرماجو عرقلة مسار العملية الانتخابية، متهما إياه بأنه يريد تزوير الإنتخابات لصالحه أو تعطيلها.

تحرك فاشل
وفي 27 ديسمبر/كانون أول، صعد فرماجو الأمور في وجه روبلى، وأعلن تعليق سلطات الأخير بزعم التورط في قضايا فساد، لحين انتهاء التحقيق في هذه القضايا.

وكان رد روبلى عنيفا، هذا حيث وصف فرماجو بالرئيس السابق، متهما إياه بالمضي فيه حلقة متواصلة من تعطيل الاقتراع، وتمسك بسلطته رئيسا للوزراء.

وبعدها، حاصر فرماجو مكتب روبلى بقوات موالية له، فيما وصف الأخير الخطوة بـ”محاولة انقلابية فاشلة تستهدف قلب نظام الحكم” وأمر جميع وحدات قوات الأمن بأخذ الأوامر منه مباشرة.

كما شكل رئيس الحكومة لجنة مكونة من خمسة وزراء للتحقيق في “محاولة الانقلاب الفاشلة”، على أن تستمر اللجنة في عملها حتى الأحد المقبل .

بينما مارست الأطراف الدولية ضغوطا على فرماجو لوقف التصعيد ودعم جهود رئيس الوزراء في قيادة انتخابات سلمية ونزيهة وشفافة، وإبقاء الأجهزة الأمنية على الحياد بعيدا عن توريطها في السياسة في بلد يعاني من ويلات الإرهاب.

المجلس التشاوري
ورغم عراقيل فرماجو، بدأ اجتماع المجلس التشاوري الوطني لتصحيح الانتخابات والذي دعا روبلى له، اليوم الإثنين في العاصمة الصومالية مقديشو، وسط ضغوط دولية على كل الأطراف من أجل المضي قدما في مسار الاقتراع بقيادة روبلى.

ويرى خبراء أن الأزمة السياسية الحالية تعكر صفو الانتخابات العامة، عبر آليات مختلفة؛ تارة بدفع رئيس الحكومة للانشغال بملفات أخرى، وتلكؤ رؤساء الولايات الموالية لفرماجو في تسيير الاقتراع، تارة أخرى.

استراتيجية ممنهجة
ويقول المحلل السياسي الصومالي محمد نور ، إن الخلاف السياسي المتكرر بين فرماجو وروبلى أدى إلى فشل أكثر من خمس جداول زمنية للانتخابات العامة.

ويعتبر نور أن الصراع هو سلاح فرماجو للبقاء في السلطة بشكل غير قانوني، ولأطول فترة زمنية ممكنة له، مضيفا أن الرئيس المنهية ولايته، يحاول من خلال الصراعات المستمرة، كسب الوقت من أجل خلق فرص سانحة لتزوير الاقتراع لصالحه وتعزيز خظوظه في الانتخابات الرئاسية.

من جانبه، يقول المحلل السياسي الصومالي عمر يوسف إن بقاء فرماجو في القصر الرئاسي وإصداره مراسيم فاقدة الصلاحية لعرقلة الزخم سياسي، يمثل تهديد للعملية الانتخابية يجب القضاء عليه.

ويرى عمر أن إخراج فرماجو من القصر ووضع جميع السلطات تحت تصرف رئيس الوزراء، يخدم انتقالا سلميا وسلسا للسلطة، كما يشجع الأخير على إجراء انتخابات نزيهة دون قلق من أزمات سياسية تثار بشكل متعمد بين الحين والآخر.

ويعتبر عمر أن إثارة الخلافات والأزمات والفوضى هي استراتيجية ممنهجة من فرماجو منذ انتهاء ولايته الدستورية في 8 فبراير/شباط 2021، بداية من الهجوم على قادة المعارضة والمرشحين الرئاسيين، مرورا بتمديد ولايته، والتدخل في عمل الحكومة وغيرها من الأزمات.

سيناريوهات الحل
ويعتقد المراقبون أن سينايوهات الخروج من الأزمة الحالية تنحصر في تجاهل جميع خطوات فرماجو واعتبارها لاغية وغير دستورية، وتسريع وتيرة الانتخابات وتعزيز نزاهتها، ووضع جدول زمني نهائي لها .

كما يتطلب الأمر إبعاد الجيش عن السياسة عبر وضع خطط أمنية تضمن عدم استخدامه سياسيا من أي طرف، ودعم رئيس الوزراء في قيادة البلاد إلى بر الأمان والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يقود إلى صراع مسلح في العاصمة مقديشو، وفق المراقبين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى