فساد تركيا في الصومال.. إختلاس ورشاوى من المطار إلى الميناء
مقديشو – صقر الجديان
المطار
في سبتمبر 2013م، أعلنت الشركة التركية فيفوري إل إل سي، والمقربة من أردوغان، عن حصولها على عقد إمتياز، يمنحها الحق في تطوير وإدارة مطار مقديشو.
وفي وقت لاحق، نشرت تسريبات حول الطريقة التي حصلت بها فيفوري على هذا العقد من قبل مجموعة الأمم المتحدة المعنية بمراقبة الصومال وإريتريا، أشير خلالها إلى أن الشركة التركية قدمت رشوة مقدارها 1.8 مليون دولار إلى أعضاء بارزين في حكومة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مقابل إطاحة الأخيرين بمجموعة إس كي إيه الجنوب أفريقية التي كانت ترغب في إدارة المطار، وإرساء الإختيار على فيفوري دون منافس.
الميناء
جاء دور ميناء مقديشو الرئيسي بعد شهر واحد فقط من حصول تركيا على المطار. ففي أكتوبر 2013م، أعلنت الحكومة الصومالية أن مجموعة البيرق التركية، سوف تصبح مسؤولة عن تحديث ميناء مقديشو بتكلفة 80 مليون دولار، ثم إدارته بعقد إمتياز مدته عشرون عاماً.
ومجموعة البيرق التي فازت بالميناء البارز على ساحل القرن الأفريقي، أسست كشركة متخصصة في الأعمال الإنشائية في العام 1952. ثم توسعت إبتداء من الثمانينيات لتضم إلى نشاطاتها مجالات جديدة، أبرزها التصنيع، واللوجستيات، والإعلام. وبعد فوز حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان، بالسلطة في تركيا العام 2003م، أصبحت البيرق أكبر داعميه وحلفائه الماليين داخل تركيا. كما أصبحت النوافذ الإعلامية التي أنشأتها المجموعة: صحيفة يني شفق اليومية، أو قناتي كانال 7، وأولك تي في، أبواقا دعائية لنظامه، ومروجاً رئيسياً لسياساته باللغات التركية والعربية والإنجليزية.
هذا التحالف الوثيق بين أردوغان، والبيرق، سمح للأخيرة بالنفاذ خارج تركيا، والتحول إلى ذراع الرئيس التركي التي يستخدمها في إختراق بلدان مثل الصومال وغينيا وباكستان.
وفي الحالة الصومالية تحديداً، كانت البيرق هي المسؤولة عن تنفيذ مشاريع البنية التحتية التي كان يعلن عنها أردوغان، كلما زار مقديشو، من إنشاء للطرق، وخطوط المواصلات العامة، والمنازل والمستشفيات والمدارس، إلى إنشاء المقر الجديد للسفارة التركية في الصومال (وهو الأكبر للأتراك في العالم)، وإدارة ميناء مقديشو.
البيرق التي أُتهمت بالتورط في ممارسات فساد بداخل تركيا، وحصولها على مناقصات بالأمر المباشر من أردوغان، لتصنيع الدبابات للجيش التركي، وإنشاء مترو الأنفاق بإسطنبول، حصلت على عقد إمتياز ميناء مقديشو بنفس طريقة حصول فيفوري على مطار الصومال، لكن برشوة أكبر، حيث تؤكد التسريبات اليوم، أن الأتراك قدموا إلى مسؤولين في حكومة فرماجو، مبالغ تراوحت بين 6 و8 ملايين دولار. كما ورد في تقرير مجموعة الأمم المتحدة المعنية بمراقبة الصومال وإريتريا، أن الأموال التي خصصتها مجموعة البيرق لأعمال التطوير والترميم في الميناء، إنتهت مباشرةً في أيدي السياسيين الصوماليين عبر طرح مناقصات مخالفة قانونياً.
وطبقا لتقرير الفساد الصومالي، الذي أصدرته منظمة GAN، وهي منظمة مدعومة دوليا مقرها الدنمارك، هدفها جمع المعلومات عن الفساد الإقتصادي للدول، فإن الرشوة أصبحت شائعة في ميناء مقديشو، منذ أصبحت مجموعة البيرق هي المسؤولة عن مهمة تخليص البضائع جمركياً من الميناء. إضافة إلى شيوع التجارة في البضائع المهربة به.
كما شهد العام 2018م، القبض على الصومالي أحمد علي سامو، رئيس هيئة الضرائب في ميناء مقديشو، ومعه تسعة آخرين بتهمة الإستحواذ على الرسوم التي جمعها من الميناء البحري. ووقتها أعلنت الصحافة الصومالية أن ميناء مقديشو أصبح بوابة كبيرة للفساد في البلاد.