فضيحة برنامج الأغذية العالمي في السودان: تستر على عرقلة المساعدات وتضليل المانحين يهدد بفضح الجيش السوداني
الخرطوم – صقر الجديان
يشهد السودان فضيحة جديدة تتعلق ببرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، حيث يواجه كبار مسؤوليه اتهامات بالتستر على دور الجيش السوداني في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين المحتاجين. هذه الاتهامات تأتي في وقت تتزايد فيه الأزمة الإنسانية في السودان، مما يضع مستقبل الإغاثة الإنسانية في البلاد على المحك.
تحقيقات برنامج الأغذية العالمي: الكشف عن تواطؤ محتمل مع الجيش السوداني
في خطوة مثيرة للجدل، بدأ برنامج الأغذية العالمي تحقيقات داخلية مع اثنين من كبار مسؤوليه في السودان، يُشتبه في تورطهما بالتستر على دور الجيش السوداني في منع وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
التحقيقات، التي يقودها مكتب المفتش العام للبرنامج، تتضمن اتهامات بإخفاء معلومات عن الجهات المانحة حول عرقلة الجيش إيصال المساعدات، والتقليل من شأن الصعوبات التي تواجه عمليات التوزيع في مناطق الصراع.
أحد المسؤولين المعنيين بالتحقيق هو خالد عثمان، نائب مدير البرنامج في السودان، الذي نُقل إلى “مهمة مؤقتة” خارج البلاد، مما يُعتبر تعليقًا فعليًا لعمله. وتشير مصادر مطلعة إلى أن عثمان كان يتمتع بعلاقات وثيقة مع الجيش السوداني، وهو ما قد يكون قد ساعده في التغطية على أفعال الجيش.
المسؤول الثاني الذي يخضع للتحقيق هو محمد علي، مدير مكتب البرنامج في مدينة كوستي، المتهم باختفاء كميات كبيرة من وقود المنظمة، مما يثير التساؤلات حول كيفية إدارة الموارد داخل البرنامج.
تأثير الأزمة على المساعدات الإنسانية والعلاقات الدولية
الأزمة الناشئة عن هذه الاتهامات لها تداعيات خطيرة على مستقبل المساعدات الإنسانية في السودان.
برنامج الأغذية العالمي، الذي يُعتبر أكبر منظمة إنسانية في العالم، يعتمد بشكل كبير على تمويل الجهات المانحة، وخاصة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تُعد أكبر مساهم منفرد للبرنامج. في ظل هذه الظروف، تخشى المنظمات الإنسانية من أن تتأثر جهودها الرامية إلى تقديم المساعدات الضرورية للسودانيين بسبب تدهور الثقة بين البرنامج والداعمين الدوليين.
الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أكدت أنها تلقت إخطارًا من برنامج الأغذية العالمي حول وقائع تحايل محتملة تؤثر على عملياته في السودان، مما دفعها إلى إحالة الاتهامات إلى مكتب المفتش العام للوكالة لإجراء تحقيق شامل.
هذا التطور يضع الجيش السوداني في موقف حرج، خاصة وأنه يواجه بالفعل ضغوطًا متزايدة من المجتمع الدولي لفتح ممرات إنسانية والسماح بوصول المساعدات إلى جميع المناطق دون استثناء.
الجيش السوداني في مرمى الاتهامات: استراتيجية استخدام الجوع كسلاح
التحقيقات الجارية تُلقي بظلالها على الجيش السوداني، الذي يُتهم باستخدام الجوع كسلاح في حربه ضد قوات الدعم السريع. مصادر محلية ودولية تشير إلى أن الجيش يعمد إلى منع وصول المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، بما في ذلك إقليم دارفور، بهدف تقويض تلك القوات وإثارة السكان المحليين ضدها.
وفي إحدى الحالات، تشير التقارير إلى أن السلطات المتحالفة مع الجيش في بورتسودان رفضت منح تصاريح لخمس عشرة شاحنة محملة بالمساعدات الأساسية، مما أدى إلى تأخير وصولها إلى ولاية جنوب دارفور لأسابيع، رغم المخاطر التي تواجهها بعض المناطق من المجاعة.
هذه الوقائع تزيد من الضغط على الجيش السوداني، الذي يسعى للحفاظ على مظهر القوة والاستقرار في مواجهة الانتقادات الدولية المتزايدة.
مستقبل الإغاثة الإنسانية في السودان: تحديات وضغوط دولية متزايدة
في ظل هذه التطورات، يواجه برنامج الأغذية العالمي تحديات كبيرة في مواصلة تقديم المساعدات للسودانيين المحتاجين.
البرنامج يسعى حاليًا إلى تعزيز جهوده للتعامل مع الأزمة، بما في ذلك توظيف المزيد من الكوادر وضمان استمرار العمليات الإنسانية، ولكن يظل السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة البرنامج على تجاوز هذه الأزمة دون تأثير على حجم ونوعية المساعدات التي يمكن تقديمها.
من جانب آخر، تزداد الضغوط الدولية على الجيش السوداني للسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
المجتمع الدولي يراقب الوضع عن كثب، حيث تتعالى الأصوات المطالبة بفرض عقوبات على القادة العسكريين الذين يُعرقلون جهود الإغاثة، بينما تتزايد الدعوات لإجراء تحقيقات مستقلة لكشف ملابسات هذه الأزمة.
ختامًا، يظهر الوضع في السودان كنموذج معقد لتداخل السياسة بالحاجات الإنسانية، حيث تتداخل المصالح العسكرية مع الجهود الدولية الرامية إلى تقديم المساعدة لمن هم في أمس الحاجة إليها. يبقى على المجتمع الدولي التوازن بين تقديم الدعم الإنساني والضغط على السلطات السودانية لضمان وصول المساعدات إلى جميع أنحاء البلاد دون استثناء.