فورين بوليسي: بومبيو دعا قادة السودان للاتصال بنتنياهو بحضوره ومصر خسرت ثقلها
الخرطوم – صقر الجديان
كشفت مجلة “فورين بوليسي” أن وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو دعا في أثناء لقائه مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك للاتصال هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتطبيع العلاقات بين البلدين.
وقالت المجلة في تقرير أعده روبي غريمر وكولام لينتش وجاك ديتش إن أول زيارة لمسؤول أمريكي للخرطوم منذ 15 عاما لم تكن من أجل البحث في العقوبات المفروضة على السودان ولا دعم عملية التحول الديمقراطي للبلد بعد ثورة 2019 بل كان الهدف منها دفع الخرطوم لفتح علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وبرر بومبيو دعوته لحمدوك الاتصال بنتنياهو أن مهمته ستكون سهلة لكي يقنع الكونغرس رفع السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقال شخص حضر اللقاء إن “كل واحد في الجانب السوداني فغر فمه دهشة”.
ورفض حمدوك الذي يقود حكومة انتقالية في وضع متقلب العرض قائلا إن حكومته ليس لديها التفويض لاتخاذ قرار مهم كهذا. وحاول بومبيو إقناع الضابط العسكري الأبرز في السودان والذي رفض العرض.
وكان توقف بومبيو في الخرطوم جزءا من رحلة زار فيها عددا من دول المنطقة من أجل حثها فيما صارت قصة نجاح ملموسة لإدارة دونالد ترامب وهي تطبيع علاقات دول عربية مع إسرائيل. وسيتم استكمال التطبيع يوم الثلاثاء في البيت الأبيض حيث ستوقع الإمارات والبحرين اتفاقية مع إسرائيل. وأشارت المجلة إلى تغريدة ترامب يوم الجمعة بشأن قرار مملكة البحرين التي تراجعت عن موقفها الأول عند اجتماع بومبيو بالملك حمد بن عيسى الخليفة الشهر الماضي. وقال فيه إن بلاده ملتزمة بموقفها الداعي لانسحاب إسرائيل من المناطق الفلسطينية قبل الاعتراف.
وبالنسبة لإدارة ترامب فقد أصبحت هذه المعاهدات جزءا من محاولات ترامب تأمين ولاية ثانية له في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، وهي أهم إنجاز دبلوماسي ملموس بعد فشل الجهود الدبلوماسية الأخرى، من تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ووقف برامج كوريا الشمالية النووية والحد من تصرفات الصين واحتواء إيران.
وتحولت إسرائيل جزءا من دبلوماسية الولايات المتحدة، ليس في المنطقة ولكن لتقوية قاعدة دعمه بين القواعد الإنجيلية في الولايات المتحدة. ومن جهود ترامب الإعلان عن موافقة صربيا نقل سفارتها إلى القدس، لكن بشرط ألا تعترف إسرائيل بكوسوفو.
وأصبح الرئيس البرازيلي جائير بولسونارو من الداعمين لسياسة البيت الأبيض في التطبيع مع إسرائيل وأعلن في لقائه مع الرئيس ترامب في آذار/ مارس أن بلادهم ملتزمة بتعايش سلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين ونقل السفارة للقدس في 2020. وقال نمرود نوفاك، المستشار السابق للرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس والزميل في منبر السياسة بنيويورك: “الدافع هو القاعدة” الانتخابية. و”مهما كان الدافع فأنا سعيد أنه يقوم به، وهو أمر عظيم لإسرائيل ويؤكد ما كان يجري تحت الطاولة ولكنه اختراق نفسي”.
ولكن هناك أسئلة متعلقة بالضم، فعندما أعلنت الإمارات الشهر الماضي عن التطبيع بررته بأنه منع خطط نتنياهو المضي في تنفيذها. مع أنه نفى هذا وأكد أن الضم لا يزال على الطاولة. وهناك موضوع التسلح، حيث تأمل الإمارات بالحصول على أسلحة متقدمة مثل مقاتلات إف-35.
وتحاول إدارة ترامب أن يشمل البيان النهائي على بند يؤكد مبادرة ترامب للسلام ومن الصعب على إسرائيل الموافقة على بنود فيها رغم أنها متحيزة بالكامل لها. وفي الوقت الذي قفزت البحرين إلى قطار التطبيع، وبموافقة من السعودية، فهذا لا يعني أن هذه ستكون من ضمن القائمة التي ستطبع. وعندما أعلن ترامب يوم الجمعة عن اتفاق البحرين- إسرائيل قال محللون إن الدولة التالية هي السعودية.
وقامت الرياض الخائفة من إيران بعقد علاقات سرية مع إسرائيل. وقال ترامب في مكتبه البيضاوي يوم الجمعة: “نعتقد أن هناك دولا ستتبع في النهاية وسيكون الفلسطينيون في وضع جيد” و”سيأتون لأن كل أصدقائهم دخلوا” في اللعبة.
وتقول بابرا ليف، السفيرة الأمريكية السابقة في أبو ظبي، إن فرص اعتراف السعودية بإسرائيل “ضئيلة”. وأضافت أن الملك سلمان ملتزم بالمبادرة العربية.
وقال نوفاك: “وطالما ظل الملك سلمان هو من يصدر القرارات فلن يحدث هذا”، مشيرا إلى أن قرار الإمارات التطبيع مع إسرائيل “انحراف عن المبادرة العربية والتطبيع لن يكون الجائزة في نهاية العملية السلمية، فقد قفزت الإمارات عن الخط”.
ويرى آرون ديفيد ميللر المسؤول السابق في الخارجية: “أعطت السعودية الضوء الأخضر” لهذا و”ينهار الإجماع العربي بشأن فلسطين -لو كان هناك إجماع أصلا- وستلتزم الدول العربية بمبادرة 2002 اسميا ولكنها ستقوم بعمل ترتيبات خاصة لها مع إسرائيل”.
وعبر الفلسطينيون عن غضبهم ووصفت السلطة قرار البحرين بأنه خيانة للقدس والقضية الفلسطينية واستدعت سفيرها في المنامة كما استدعت من قبل سفيرها في أبو ظبي. ويقول جيرار أرود، السفير الفرنسي السابق في واشنطن وإسرائيل، إن قرارات التطبيع الأخيرة تعكس مواقف الدول العربية التي باتت تغلب مصالحها الوطنية على القضية الفلسطينية. و”طالما استخدمت الدول العربية القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها القومية” و”على ما يبدو توصلت إلى نتيجة أنها لم تعد مفيدة ورمتها”.
وفي الوقت الذي حاولت فيه إدارة ترامب تصوير الاتفاق بين إسرائيل والإمارات بالتاريخي لكن البلدين لم يكونا في حالة حرب. وكما تقول آمي هوثورن، نائبة مدير البحث في مشروع الديمقراطية بالشرق بالأوسط في واشنطن، إن اتفاق السلام الذي يتحدث عنه ترامب وكوشنر منفصم عن الواقع، خاصة أن البلدين ليسا في حالة حرب ولا يسهم الاتفاق في إنهاء الحروب.
ويثير الاتفاق أسئلة حول مركزية مصر في دبلوماسية الشرق الأوسط. فقد ظلت مصر تلعب دورا رئيسيا في دبلوماسية المنطقة وربما حتى الآن. وتساءل نوفاك: “ماذا يعني هذا لموقف مصر بالمنطقة؟”. و”واحد من مكونات مركز الجذب المصري هو أنها المنسق بين إسرائيل والعالم العربي. وقد انتقل المركز الآن إلى دول الخليج. وتخسر مصر رصيدا آخر في خصوصيتها”.