(فيسبوك) تغلق حسابات مزيفة في السودان مع تصاعد معركة لكسب الرأي العام
الخرطوم- صقر الجديان
قالت شركة فيسبوك إنها أغلقت شبكتين كبيرتين تستهدفان مستخدمين لمنصتها في السودان في الأشهر القليلة الماضية، بينما يخوض قادة مدنيون وعسكريون نزاعا حول مستقبل ترتيبات مؤقتة لتقاسم السلطة.
وتتصاعد المعركة من أجل كسب الرأي العام، التي يدور معظمها على شبكة الإنترنت، في وقت يرزح فيه السودان تحت وطأة أزمة اقتصادية وانتقال هش نحو الديمقراطية بعد 30 عاما من حكم الرئيس عمر البشير، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية عام 2019.
وذكرت فيسبوك أن إحدى الشبكتين اللتين حذفتهما، وتضمان حسابات مزيفة، كانت مرتبطة بقوات الدعم السريع، بينما كانت الأخرى تشمل أشخاصا قال باحثون استعانت بهم الحكومة المدنية إنهم من مؤيدي البشير ويحرضون على استيلاء الجيش على السلطة.
وأقام مئات المتظاهرين اعتصاما هذا الأسبوع عند القصر الرئاسي مطالبين الجيش بحل الحكومة فيما قد يصل فعليا إلى حد الانقلاب.
وفي وقت سابق هذا الشهر، قالت شركة فيسبوك إنها أغلقت شبكة تضم ما يقرب من 1000 حساب وصفحة، ولديها 1.1 مليون متابع ويديرها أشخاص ذكرت الشركة أنهم على صلة بقوات الدعم السريع.
كانت الشبكة تؤيد المنشورات الإعلامية الرسمية لقوات الدعم السريع وغيرها من المحتوي المرتبط بالقوة التي يقودها القائد العسكري القوي محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم، والذي يرى بعض السودانيين أن له طموحات سياسية.
ولم يرد ممثلون عن قوات الدعم السريع ودقلو على طلبات للتعليق.
ولم يكن لدى الحكومة أي تعقيب. وينفي دقلو، المعروف باسم حميدتي، أنه يطمح في الحصول على أي سلطة لنفسه، وقال في الماضي إنه ملتزم بالانتقال الديمقراطي إلى الحكم المدني.
وقال ديفيد أجرانوفيتش مدير مواجهة التهديدات في فيسبوك لرويترز إن تحقيقا داخليا للشركة أسفر عن رصد الشبكة.
وقالت فيسبوك أيضا إنها أزالت شبكة ثانية في يونيو حزيران بعد تلقيها معلومات من شركة فالنت بروجيكتس وهي شركة أبحاث مستقلة كلفتها وزارة الإعلام السودانية بالنظر في نشاط مرتبط بموالين للبشير.
وأشارت فيسبوك إلى أن الشبكة كانت تضم أكثر من 100 حساب وصفحة ولديها أكثر من 1.8 مليون متابع.
ولم يتم الإبلاغ سابقا عن جهود الحكومة السودانية لمحاربة من تصفه بالموالين للنظام السابق الذين يعملون على تقويض المرحلة الانتقالية.
وقالت الوزارة في بيان لرويترز إن “بقايا نظام البشير يعملون بصورة ممنهجة على تشويه صورة الحكومة” في إشارة إلى منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للشبكة حددتها فالنت.
ووفقا لما قالته فيسبوك وبعض الباحثين المستقلين فقد كانت منشورات الشبكتين تحاكي وسائل الإعلام الإخبارية لكنهما قدمتا تغطية مشوهة للأحداث السياسية.
ويعتمد السودانيون الذين بوسعهم الدخول على شبكة الإنترنت، وهم نحو 30 بالمئة من السكان البالغ عددهم 45 مليون نسمة، بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار.
ووصلت الشراكة العسكرية-المدنية التي حلت عام 2019 محل البشير المسجون الآن إلى مرحلة حرجة في الأسابيع الماضية في أعقاب ما وصفته السلطات بمحاولة انقلابية فاشلة.
واتهم مسؤولون مدنيون كلا من الموالين للبشير والجيش بإثارة الاضطرابات، بما في ذلك في شرق البلاد حيث يمنع محتجون قبليون حركة الشحن في بورتسودان، مما أدى إلى تفاقم نقص السلع والبضائع الناجم عن أزمة اقتصادية متجذرة.
وينفي قادة عسكريون هذه الاتهامات ويقولون إنهم ملتزمون بالانتقال إلى الديمقراطية.
تحريض
بينما تقول فيسبوك إنها تستخدم إشارات فنية على منصتها لاستهداف مجموعات تعمل على تضليل المستخدمين بشأن هويتها، يقول باحثون مثل فالنت بروجكتس إنهم يعتمدون على تحليل المحتوى مشيرين على سبيل المثال إلى مشاركة حسابات مختلفة لمنشور واحد في وقت واحد.
وقالت فالنت بروجكتس إن الشبكة التي حددتها كانت أكبر بثلاث مرات من تقييم فيسبوك، وجذبت ما يربو على ستة ملايين متابع وكانت مستمرة في النمو.
وذكر ممثلون عن فالنت بروجكتس أن الشبكة كانت نشطة حتى هذا الأسبوع وكانت تحرض على تحرك عسكري مع تجمع المحتجين في وسط الخرطوم، وكذلك الشهر الماضي بعد المحاولة الانقلابية.
وقال آمل خان مؤسس ومدير فالنت بروجكتس “يبدو أنهم كانوا يحاولون إعطاء انطباع بوجود مساندة شعبية لمثل هذه الخطوة”.
وعند سؤاله عن اختلاف التقييمات قال أجرانوفيتش المسؤول بفيسبوك إن الشركة واثقة من أنها أغلقت الشبكة بالكامل وأن الحسابات الأخرى التي حددتها فالنت ليست على صلة بها.
وأضاف أن فيسبوك ستواصل مراقبة أي إحياء للشبكة.
وتقول بعض منشورات الشبكة إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ليس مسلما وإن موظفيه يحصلون على رواتبهم بالدولار وهي تهمة نفوها.
ويروج مشاركون في الشبكة لعودة البشير المسجون بتهمة الفساد واتهامات أخرى والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بشأن ارتكاب فظائع في صراع دارفور. ونفى البشير جميع التهم الموجهة إليه.
وقال زهير الشمالي رئيس الأبحاث في فالنت بروجكتس إن الشبكة ضخمت من شأن الدعوات إلى العصيان المدني في الشرق.
وأكدت الشركة البحثية أن الشبكة شجعت على الاحتجاجات قبل 30 يونيو حزيران، ذكرى الانقلاب الذي استولى فيه البشير على السلطة عام 1989.
وقال خان، مستشهدا بحركة تدعى أختونا وتعني (ابتعدوا عن الطريق) باللهجة المحلية “اعتقد الناس في السودان أنه ستكون هناك مظاهرة حاشدة لأنهم رأوا الكثير من النشاط” على الإنترنت. لكن شارك حوالي 3500 شخص في النهاية.
واتصلت رويترز بثلاثة مسؤولين عن إدارة صفحات تركتها فيسبوك دون أن تغلقها ونفوا أن يكونوا جزءا من شبكة.
وقال أحدهم والذي طلب عدم نشر اسمه “الأجسام الحاكمة الآن تصنف كل منتقد لسياستها القمعية وسوء إدارتها الاقتصادية والسياسية أنه له علاقة” بالنظام السابق
وقالت وزارة الإعلام إنها لم تتخذ أي إجراءات قانونية بحق الصفحات أو المسؤولين عنها. وقالت “الحكومة السودانية ملتزمة بحماية حرية التعبير”.
ووفقا لباحثين في مرصد ستانفورد للإنترنت ومختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي التابع للمجلس الأطلسي فقد أعلنت فيسبوك سابقا عن عمليتين في ديسمبر كانون الأول 2020 ومايو أيار 2021 لحذف حسابات تدعم دقلو وقوات الدعم السريع.
وقالت فيسبوك إنها وجدت في الشبكتين روابط مع وكالة أبحاث الإنترنت الروسية، وهي مجموعة منحلة رسميا متهمة بالتدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016.
ورفضت آنا بوجاتشيفا، التي اتهمتها الولايات المتحدة بتنفيذ عمليات وكالة أبحاث الإنترنت الروسية للتدخل في الانتخابات والعمليات السياسية، الإجابة على أسئلة حول الوكالة عند الاتصال بها عبر الهاتف.
ويقول أجرانوفيتش إنه ليس هناك ما يشير لوجود صلات خارجية للشبكة المستهدفة مؤخرا المرتبطة بقوات الدعم السريع، ويبدو أنها جزء من اتجاه متزايد لعمليات تأثير محلية.