قطر تبحث تلميع صورتها “المهزوزة” في الخارج بالترويج لحوار غربي إسلامي
الدوحة تروّج للمقترح عبر قيس سعيد المعروف عنه انتقاده لتيار الإسلام السياسي في تونس
الدوحة – صقر الجديان
تسعى قطر لتحسين صورتها المهتزة بفعل دعمها لتيار الإسلام السياسي بالترويج لمقترح عقد حوار غربي إسلامي أعلن عنه الرئيس التونسي قيس سعيّد خلال زيارته للدوحة.
وقال سعيد لوكالة الأنباء القطرية إن “هناك مقترحا مشتركا بين قطر وتونس لعقد مؤتمر أو حوار إسلامي غربي يهدف لتحقيق المزيد من الفهم وتجاوز العقبات التي تظهر إثر بعض العمليات الإرهابية التي تتبناها جهات متطرفة”.
وأضاف أن هذا المقترح ما زال في طور التفكير بين قطر وتونس وعدد من الدول الأخرى، مشيرا إلى أنّه يهدف إلى تجنّب الخلط بين المسلمين وهؤلاء المتطرفين الذين يدّعون أنهم مسلمون، مشددا على ضرورة التفريق بين الإسلام ومقاصده الحقيقية وبين الإرهاب الذي لا علاقة له على الإطلاق بالإسلام.
ويعرف عن الرئيس التونسي مواقفه المحايدة وانتقاداته الكثيرة للتيار الإسلام السياسي في بلاده خاصة حركة النهضة حليفة قطر، وتحاول الدوحة استثمار هذه الصورة في الترويج للمقترح.
وتضررت صورة قطر بشكل كبير في الغرب خلال السنوات الأخيرة لاسيما في أوروبا حيث يتهم مسؤولون أوروبيون الدوحة بلعب دور كبير في دعم تيارات الإسلام السياسي في بلدانهم، التي أصبحت تشكل تهديدا خطيرا لأمن القارة وهويتها.
وتسعى قطر من خلال هذا المقترح إلى تبرئة ساحتها من تلك الاتهامات وتحريف الأزمة الحقيقية من خلال التسويق إلى أنها تكمن في المفاهيم المغلوطة للإسلام وأن الصراع ديني، في حين أن الإشكال الحقيقي يكمن في خطر التيارات الإسلامية التي ترعاها الدوحة.
وكشفت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية، الخميس الماضي، عن ثمانية سوريين متضرّرين من إرهاب جبهة النصرة في بلادهم ورفعوا قضايا أمام المحكمة العليا في بريطانيا تتضمّن اتهاما لبنك الدوحة بتمويل المتشدّد التابع لتنظيم القاعدة.
وكانت صحيفة “واشنطن فري بيكون” الأميركية نقلت في يونيو الماضي تفاصيل دعوى قضائية، قدمها محام أميركي يتهم فيها مؤسسة قطر الخيرية بكونها مصدرا رئيسيا لتمويل الجماعات الإسلامية المتشددة في مناطق كثيرة تحت ستار العمل الخيري، على خلفية مقتل أميركيين بهجمات انتحارية نفذتها فصائل فلسطينية تحظى بدعم مالي سخي من الدوحة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها بداية فعلية في الولايات المتحدة لتحريك ملفات الدعم القطري لجماعات مصنفة إرهابية في دول كثيرة بالشرق الأوسط.
وعلى مدار الشهور الماضية، توالت الفضائح التي تكشف دعم قطر لجماعات متطرفة، بعد ثبوت تورطها في دعم الخلية الإخوانية الإرهابية الهاربة من مصر والتي ضبطتها السلطات الكويتية في يوليو الماضي، وعثور الشرطة الإيطالية على صاروخ “جو – جو” يستخدمه الجيش القطري في حوزة جماعة يمينية متطرفة يطلق عليها “النازيون الجدد”، ثم نشر صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، تسجيلا صوتيا مسربا يؤكد تورط قطر في تفجيرات حدثت في الصومال.
وكانت السعودية ومصر والإمارات والبحرين، قررت في يونيو 2017 قطع علاقاتها مع قطر بسبب دعمها للتنظيمات الإرهابية.
ويقول محللون إن عقد مثل هذا المؤتمر لا يزال في إطار الفكرة وهي غير قابلة للاحتضان لا سيما وأنها جاءت من جهة معروف عنها دعمها للجماعات الراديكالية، لافتين إلى ضرورة وقف قطر ذلك الدعم في حال أرادت فعلا تغيير صورة العالم الإسلامي الذي تضرر كثيرا بفعل سياساتها..
وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، عن خيبة أمله من الدعم الدولي الخجول نسبيا بعد الهجمات الأخيرة في بلاده، مجددا التأكيد أنّ فرنسا لن “تُغيّر” من حقّها في حرية التعبير فقط “لأنه يُثير صدمة في الخارج”.
وقال ماكرون في حوار نشرته مجلّة “لو غران كونتينان” على الإنترنت “منذ خمس سنوات، عندما قتلوا مَن كانوا يرسمون الكاريكاتور (في صحيفة شارلي إيبدو)، سار العالم بأسره في باريس ودافع عن هذه الحقوق”.
وأضاف “الآن، لدينا مدرّس مذبوح، العديد من الأشخاص المذبوحين. لكن الكثير من رسائل التعزية كانت خجولة”، في إشارة إلى مقتل المدرّس الفرنسي سامويل باتي في 16 أكتوبر وثلاثة أشخاص في مدينة نيس في التاسع والعشرين منه.
وتابع “في المقابل، لدينا مسؤولون سياسيّون ودينيّون من جزء من العالم الإسلامي قالوا بشكل منظم ‘عليهم تغيير هذا الحق’. هذا الأمر يصدمني أنا مع احترام الثقافات والحضارات لكني لن أغير حقي لأنه يثير صدمة في الخارج”. مشيرا بذلك إلى دعوات التظاهر ضد فرنسا وضده شخصيا التي صدرت في دول مسلمة عدة بعد كلامه الذي دافع فيه عن حق نشر رسوم كاريكاتورية خلال مراسم تأبين سامويل باتي الوطنية.
وقال ماكرون “لأن الكراهية مستبعدة من قيمنا الأوروبية ولأن كرامة الإنسان تعلو على كل شيء، يمكنني أن أخلف صدمة لديك لأن بإمكانك أن تخلف صدمة لدي في المقابل. يمكننا أن نتناقش في الموضوع وأن نتخاصم حوله، لأننا لن نصل إلى اشتباك فعلي لأن ذلك محظور ولأن كرامة الإنسان تعلو كل شيء”.
وأكد “دعونا لا نحبس أنفسنا في معسكر الذين لا يحترمون الفروقات. هذا تلاعب بالتاريخ. نضال جيلنا في أوروبا هو النضال من أجل الدفاع عن حرياتنا لأنها تتعرض لهزة”.