قمة المناخ “COP 27”.. تجربة الإمارات تلهم العالم
أبوظبي – صقر الجديان
تلعب الإمارات دوراً رئيسياً في قيادة الجهود العالمية لمواجهة أزمة التغيّرات المناخية، ولا تترك باباً للمساهمة وتقديم الحلول إلا وطرقته.
وتعد مشاركتها القوية في قمة المناخ “كوب 27” في مدينة شرم الشيخ المصرية آخر هذه الجهود.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في كلمة ألقاها بقمة المناخ “كوب 27″، أن العالم يواجه تحديات معقدة وأهمها تغير المناخ.
وقال “إن العالم يواجه تحديات معقدة.. ومعالجتها تتطلب عملاً مشتركاً وتعاوناً دوليا”، مشيراً إلى أن مستقبل الأجيال القادمة يعتمد على القرارات والإجراءات والخطوات التي نتخذها اليوم.
ودعا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى توحيد الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي والحد من تداعياته والتي تؤثر على جميع دول العالم دون استثناء.
المشاركة رفيعة المستوى استبقتها الإمارات بإطلاق مبادرة شاملة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري للاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة وأمن الطاقة العالمي، سيتم بموجبها استثمار 100 مليار دولار لتوليد 100 غيغاوات إضافية من الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات الناشئة حول العالم بحلول سنة 2035.
أيضا تأتي المشاركة الإماراتية بالتزامن مع تحقيق إنجاز جديد بالإعلان عن إنتاج أول ميجاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة من ثالث محطات براكة الأربع، أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي.
إنجاز جديد في خطوة على طريق تحقيق الإمارات هدف الحياد المناخي (تحقيق صافي انبعاثات صفرية) بحلول 2050.
جهود تتواصل فيما تستعد الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب 28” عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
وسيشهد مؤتمر “كوب 28” أول تقييم عالمي لمدى تقدم الدول في تنفيذ مساهماتها المحددة بموجب اتفاق باريس، كما سيتيح للإمارات إطلاق نهجٍ استباقي شامل يراعي احتياجات وظروف مختلف الدول، المتقدمة والنامية، مع توحيد جهود المجتمع الدولي.
وبمناسبة قمة المناخ “COP 27” تستعرض “العين الإخبارية” التجربة الإماراتية الرائدة في مكافحة تغير المناخ، والتي تعد نموذجا ملهما لمختلف دول العالم، هناك حاجة ماسة للاحتذاء بها في تلك اللحظة الفارقة في التعامل مع قضية التغير المناخي.
6 مميزات للتجربة الإماراتية في مكافحة تغير المناخ:
– جهود دولية
لا تقتصر جهود دولة الإمارات على الصعيد المحلي فقط وإنما تكثف جهودها على الصعيد الدولي لتعزيز العمل المناخي وتحفيز وقيادة عمل جماعي شامل وفعال من أجل المناخ عالميا.
ضمن أحدث الجهود الإمارتية في هذا الصدد، يشارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في الدورة الــ 27 من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب 27 ” الذي يعقد في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية. خلال الفترة الحالية.
وتشارك دولة الإمارات في قمة (COP27) بوفود متنوعة يصل عددها إلى أكثر من 70 مؤسسة حكومية وخاصة، وعدد من صانعي السياسات، والمفاوضين، وقادة الأعمال، ومجموعة متنوعة من قادة العمل النسائي والشبابي ومنظمات المجتمع المدني.
وستعمل الوفود على توطيد الشراكة الوثيقة بين دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية ، ودعم رئاستها لمؤتمر الأطرافCOP27 ومساعيها نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس، إضافة إلى ربط النتائج والمخرجات بين مؤتمري الأطراف COP27 في شرم الشيخ وCOP28 الذي تستضيفه دولة الإمارات في العام المقبل.
أيضا تتمثل أحد الأهداف الرئيسية للمشاركة الإماراتية في إبراز التزام دولة الإمارات باتباع مسار منخفض الانبعاثات، يتيح فرصاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في جميع الدول، بما في ذلك البلدان النامية الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ.
أيضا على صعيد جهودها الدولية لمواجهة تغير المناخ، استثمرت دولة الإمارات ما يزيد على 50 مليار دولار في مشروعات للطاقة النظيفة في 70 دولة، منها 31 من الدول الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ، وتلتزم باستثمار 50 مليار دولار إضافية خلال العقد القادم.
أيضا تقوم دولة الإمارات بجهد بارز في حشد الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال استضافتها لكبرى الفعاليات والأحداث التي شكلت منصة جامعة لكبار المسؤولين وصناع القرار والخبراء من حول العالم.
وإضافة إلى مؤتمر “كوب 28″، تستضيف دولة الإمارات بشكل سنوي فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة، ومنتدى المناخ في القمة العالمية للحكومات، والقمة العالمية للاقتصاد الأخضر، والمعرض السنوي لتكنولوجيا المياه والبيئة والطاقة “ويتيكس”، إضافة لاستضافتها للمقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا”.
– الشمولية والتكامل
تأتي جهود مكافحة تغير المناخ في الإمارات ضمن منظومة متكاملة من الاستراتيجيات، والتشريعات، والمبادرات والبرامج والمشاريع لحماية البيئة ضمن استراتيجية إماراتية شاملة لمكافحة التغير المناخي، تستند إلى محاور اقتصادية وبيئية وعلمية وسياسية، تتكامل جميعها لتشكل نموذجا ملهما لمختلف دول العالم.
– البعد الإنساني
تعد الإمارات من أكثر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية في العالم بما قدمته وتواصل تقديمة من مساعدات الإغاثة المباشرة في أوقات الكوارث والنزاعات والتي أدى التغير المناخي إلى تفاقمها، إضافة إلى العمل على تقديم الدعم الفوري للدول الأكثر تضرراً من تداعيات تغير المناخ.
وسيرت الإمارات على مدار الفترة الماضية جسور إنسانية عديدة لإغاثة ضحايا الكوارث الطبيعية والمناخية التي شهدتها العديد من دول العالم.
من باكستان شرقا وحتى السودان غربا مرورا بالصومال، ومن أفغانستان شمالا وحتى جنوب أفريقيا جنوبا، تواصلت على مدار الأسابيع الماضية قوافل إغاثية إماراتية لتقديم الدعم للمتضررين من الفيضانات في دول مثل السودان وباكستان وجنوب أفريقيا، والزلازل في دول مثل أفغانستان والجفاف في دول مثل الصومال.
جهود متواصلة بتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تؤكد من خلالها الإمارات أنها لن تدخر جهداً في الوفاء برسالتها الإنسانية وستظل رمزاً للعون والنجدة في أوقات الشدة ومصدر إلهام للعالم في العمل الإنساني.
– الريادة
تعد الإمارات سباقة في تبني كل ما من شأنه حماية كوكب الأرض من تداعيات تغير المناخ، فهي الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تدعم وتوقع طواعية على اتفاق باريس للمناخ عام 2015.
ويستهدف اتفاق باريس إلى الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى ما دون درجتين مئويتين وتكثيف الجهود لتقليلها إلى 1.5 درجة مئوية.
وهذا يفرض تقليصاً شديداً لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري باتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات.
وتؤكد دراسات عديدة، أن الدول الواقعة على جزر والمهددة بارتفاع مستوى البحر، ستصبح في خطر في حال تجاوز ارتفاع حرارة الأرض 1,5 درجة مئوية.
كما تعد الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط تشغل محطة طاقة نووية عديمة الانبعاثات الكربونية، فقبل أيام أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عن ربط المحطة الثالثة ضمن المحطات الأربع في براكة بشبكة كهرباء دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنتاج أول ميجاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة من ثالث محطات براكة الأربع.
وتعد محطات براكة للطاقة النووية أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، ومن المتوقع مع دخول كامل المحطات الأربع الخدمة أن يوفر ما يصل إلى 25 في المائة من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية.
وتعتبر الإمارات أول دولة في المنطقة تلتزم بخفضَ الانبعاثات على مستوى الاقتصاد بأكمله، كما كانت الدولة الأولى أيضاً في المنطقة التي تعلن عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي تستهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 وتعزيز النمو الاقتصادي الفعال إلى جانب التأثير الإيجابي على البيئة.
وتعد الإمارات هي أول دولة في المنطقة تطبق تقنية التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق صناعي واسع، كما سجلت أرقاماً قياسية جديدة لأقل تكلفة لطاقة الرياح، إضافة إلى دورها الرائد في استكشاف البدائل النظيفة مثل الهيدروجين.
– المبادرة والإبداع
لم تكتف الإمارات بأداء ما ينبغي أن تقوم به فقط، بل كانت سباقة في إطلاق مبادرات مبدعة وملهمة لتعزيز العمل المناخي على الصعيدين المحل والدولي والاعتماد على الحلول الابتكارية والتقنيات الحديثة وتعزيزها لتحول الطاقة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
ولم تقف طموحات دولة الإمارات عند حدود نشر وتطوير حلول الطاقة المتجددة الاعتيادية بل تبنت أحدث التوجهات العالمية لمصادر إنتاج الطاقة حيث أطلقت أول مشروع صناعي للهيدروجين الأخضر في المنطقة بشهر مايو/ أيار 2021، كما عملت على زيادة إنتاج الهيدروجين الأزرق بهدف تنويع مزيج الطاقة، واعتمدت كذلك حلول التقاط الكربون المستندة إلى الطبيعة، إذ تعتزم الإمارات زراعة 100 مليون شجرة مانغروف بحلول عام 2030.
وتحتضن الإمارات اليوم 3 من أكبر محطات الطاقة الشمسية وأقلها تكلفة في العالم.
وتطوِّر الإمارات حلولًا متكاملة لمعالجة تغير المناخ، ومنها على سبيل المثال تسريع الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية الذكية مناخياً من خلال مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ.
وتعهدت دولة الإمارات بتقديم مليار دولار لزيادة الاستثمارات المخصصة لعدة مؤسسات حكومية تعمل على تطوير أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً.
يرتكز العمل المناخي لدولة الإمارات على الابتكار والتكنولوجيا، بما في ذلك تعزيز الأمن الغذائي بوساطة “بستانِكَ”، أكبر مزرعة عمودية في العالم تديرها “مجموعة الإمارات” وتنتج أكثر من 1,000 طن من الخضراوات الورقية العالية الجودة سنوياً، إضافةً إلى مزارع العين التي تنتج الفراولة والتوت البري محلياً.
على الصعيد الدولي، أطلقت الإمارات هذا العام برنامج “اتحاد 7″، وهو برنامج ابتكاري لتأمين التمويل لمشروعات الطاقة المتجددة في إفريقيا، ويهدف إلى توفير الكهرباء النظيفة لنحو 100 مليون فرد بحلول عام 2035.
كما أطلقت دولة الإمارات في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مبادرة “الابتكار الزراعي للمناخ”، وهي مبادرة عالمية كبرى تقودها الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة 30 دولة.
وتهدف المبادرة التي تصل قيمة التزاماتها الأولية إلى 4 مليارات دولار، إلى تسريع العمل على تطوير أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، وقد تعهدت دولة الإمارات باستثمار إضافي قيمته مليار دولار كجزء من هذه المبادرة.
أيضا أطلقت قبل أسبوع مبادرة شاملة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية للاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة وأمن الطاقة العالمي، سيتم بموجبها استثمار 100 مليار دولار لتوليد 100 جيجاوات إضافية من الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات الناشئة حول العالم بحلول سنة 2035.
– العمق التاريخي
تمتلك دولة الإمارات مسيرة حافلة في العمل من أجل البيئة والمناخ منذ تأسيسها على يد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قبل 50 عاما.
وتتواصل تلك الجهود الرائدة في ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وانطلقت تلك الجهود بعد 6 أشهر فقط من تأسيس دولة الإمارات عام 1971 من خلال مشاركة وفد رفيع المستوى في المؤتمر الأول للأمم المتحدة المعني بحماية البيئة والعمل من أجل استدامة الموارد الطبيعية، ثم صدور أول قانون وطني في المنطقة يستهدف حماية البيئة في العام 1975.
ووقعت الإمارات بروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتأكل طبقة الأوزون في عام 1989.
وفي مطلع تسعينيات القرن العشرين تم الاتفاق بشكل دولي على إطلاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ لتمثل أول تحرك عالمي لمواجهة هذا التحدي الهام وفي 1995 انضمت دولة الإمارات للاتفاقية للمشاركة في الحراك الدولي للعمل المناخي.
وبعد إطلاق واعتماد برتوكول كيوتو الملزم للدول المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات صدقت دولة الإمارات في العام 2005 على البرتوكول كأول دولة من الدول الرئيسية عالمياً لإنتاج النفط.
ويمثل العام 2006 نقطة فارقة في مسيرة عمل الإمارات من أجل البيئة والمناخ والذي شهد إطلاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر” كنموذج إماراتي عالمي لقطاع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والتطوير العمراني المستدام.
كما تم إطلاق مشروع “براكة” للطاقة النووية عام 2012 والذي ومن المتوقع مع دخول كامل المحطات الخدمة أن يوفر ما يصل إلى 25 في المائة من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية.
ونظراً لأهمية موضوع التغير المناخي محلياً وعالمياً، أدرجت دولة الإمارات التصدي لهذه الظاهرة كأحد أهدافها الرئيسية، لتحقيق التنمية المستدامة.
واعتمدت دولة الإمارات باقة واسعة من التشريعات والاستراتيجيات الداعمة للعمل من أجل البيئة والمناخ، ومنها التحول نحو منظومة الاقتصاد الأخضر.
وفي عام 2016، قامت دولة الإمارات بتوسيع دور وزارة البيئة والمياه لتدير جميع الجوانب المتعلقة بشؤون التغير المناخي الدولية والمحلية، وأعادت تسمية الوزارة لتصبح وزارة التغير المناخي والبيئة، وتعمل هذه الوزارة على قدم وساق لتعزيز جهود دولة الإمارات في معالجة مشكلة التغير المناخي، وحماية النظم البيئية الفريدة.
وتستعرض وزارة التغير المناخي والبيئة ضمن مشاركتها في وفد دولة الإمارات لمؤتمر COP27 في مصر نموذجها الرائد بكامل خططها واستراتيجيتها ومشاريعها ومبادراتها وبرامجها وتوجهاتها لتعزيز منظومات البحث والتطوير والاعتماد على الحلول الابتكارية والتقنيات الحديثة وتعزيزها لتحول الطاقة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
إقرأ المزيد