قوى الحرية والتغيير والعسكر.. تقويض طموح الشعب في وطن !
الخرطوم – صقر الجديان
تكونت قوى الحرية والتغيير في يناير 2019م، وقوامها تجمع المهنيين، الجبهة الثورية وتحالف قوى الإجماع.
وقد صاغت كل هذه القوى مجتمعة ميثاقاً للتحالف بعضهم البعض؛ هدف هذا الجسم كان إسقاط نظام الإنقاذ برئاسة المخلوع عمر البشير.
سقط نظام البشير في أبريل 2019م، ودخلت قوى الحرية والتغيير في تفاوض مع المكون العسكرى الذى إدعى إنحيازه للثورة لإحداث التغيير والإنتقال الديمقراطي ووقعت مع قيادة الجيش (نفس اللجنة الأمنية لنظام البشير) إتفاقاً في 17 يوليو 2019م. إتفاق لتقاسم السلطة – مع الجيش والدعم السريع (الشرعيين بموجب الوثيقة الدستورية ).
المتابع للأحداث لن يجد صعوبة في إستخلاص أن قوى الحريةوالتغيير – المجلس المركزي، وقوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية والجيش السوداني وقوات الدعم السريع وإن إختلفوا بعضهم البعض، إلا أنهم يقفوا في نفس المسافة من أي تغيير حقيقي في بنية الدولة السودانية، وتفكيك دعامات السودان القديم ومراكز قواه.
هذه القوى إعتمدت التآمر علي بعضها البعض، كل من منطلقاته ليوصلوا الوطن إلي حافة التفكك، والإنقسام والتوسع في الحروب الأهلية الفاعلة.
وهذه القوى أيضا تآمرت مجتمعة على أي مشروع يهدف الي إختبار بنية الدولة السودانية ويسعى إلي تغييرات عميقة علي مستوي كيف يحكم السودان ومستقبل القوى الأمنية بما فيها الجيش والدعم السريع والأمن والمخابرات وغيرهما.
اليوم، سماسرة السودان القديم وقوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي يريدون إرجاع الزمن الي ما قبل 25 أكتوبر، غير عابئين بأين الثوار والثورة التي تجاوزتهم.
اليوم، قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية وسماسرة السياسة السودانية من رموز دولة ما بعد الإستعمار يمارسون البيع والشراء والمقايضة بطموح وأحلام وآمال الشعب في وطن يعبر عنه ويستجيب لمطالبه التي ضحى من أجلها وقدم الآلاف من الشهداء والملايين من النازحين واللاجئين!.
فما يقوم به من يسموا بالشخصيات الوطنية من وساطات بين مجموعتي قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي وقوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية والقوى العسكرية ستؤدي إلي الإستمرار في إعطاء الجيش والدعم السريع الوضع القانوني والشرعي للمشاركة في الحكم، وهذا سيعيق تقدم التغيير الثوري وتحقيق وطن يحكم مدنيا.
ثمن هذه الوساطة سيكون بالتأكيد تحقيق شعارات الثورة في مناطق سيطرة الحكومة المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة، وفي المناطق المحررة وشعاراتها المتمثلة في الحرية و السلام والعدالة والمساواة في وطن ديمقراطي علماني يحكمه المدنيون.
مفتاح التغير هو أن نفهم ماذا نريد أن نغير، ولنبدأ بتلخيص ماجرى مؤخراً. وأدناه ماجري :
قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي : عقدت الصفقة المعروفة مع اللجنة الأمنية لعمر البشير، وبموجب هذه الصفقة تمت شرعنة الجيش والدعم السريع ليكونا قانونيا جزء من العملية السياسية. فقد أعطت قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي الجيش والدعم السريع الشرعية الدستورية ليشاركا في السلطة.
قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي عطلت عملية السلام، لأنها وجهت بحقيقة أن للسلام مستحقات، وأن هذه المستحقات تتطلب التنازل عن الإمتيازات التاريخية والحظوة التي بنيت عليها أحزابهم ومؤسساتهم المدنية والعسكرية.
لجأت قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي إلى مقايضة (الجبهة الثورية) وإستخدمتها كتمثيل تضليلي لتغطية عدم إستعدادها لدفع مستحقات السلام.
قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية بدورها لا تمتلك رؤية للتغير تتعدى الإصلاحات الشكلية في الدولة، وليس لديها قوة عسكرية تتيح لها الضغط الفعلي على مراكز قوى سودان مابعد الإستعمار وفرض التقدم بأجندة تغيير عميق في طبيعة الدولة ومؤسساتها بما في ذلك الجيش، الدعم السريع وبقية الأجهزة الأمنية.
قبلت قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية لعب دور تضليلي لسلام رسمته لها قحت والعسكر والدعم السريع، فقد باع الطرفان الإلترام لبعضهما البعض!
أنتجت قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي وجماعة الجبهة الثورية (قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية) إتفاقا شائها ومضللا للسلام على الورق، هدف فيه الطرفين أن يقطعا به الطريق على أي تغيير حقيقي في بنية الدولة السودانية، ولكل مصالحه.
تم التوقيع على إتفاق جوبا للسلام في 31 أغسطس 2020م، ولهذا الإتفاق كأي إتفاق آخر إستحقاقات!
قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي صعب عليها الإلتزام بما تعهدت به مع شركاءها في قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية.
لجأت قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي إلى ممارسة الإستهبال والفهلوة كعادة أحزاب نخب المركز على جماعة سلام جوبا، وهم شركاء في السلطة (دخلوهم بي أحمد وأخرجوهم بي حاج أحمد) كما يقال، فما كان من جماعة قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية إلا وأن عقدوا صفقة بشروط أفضل مع نفس اللجنة الأمنية للبشير التي تشاركت معها قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي قبلهم، فاستولت اللجنة الأمنية لعمر البشير على السلطة.
فالفرق بين قحت – المجلس المركزي وقحت – الكتلة الديمقراطية هو في أي درك عميق من الوحل كلا منهما.. فكلاهما في الوحل إلا أن أحداهما غاص عميقاً… المؤسف هو كلاهما يعد العدة للرجوع إلي الوراء؛ والمبشر هو أن الثورة تجاوزت كلاهما.
والموقف الصحيح هو قلب الطاولة في أوجه كلاهما والعسكر، وتقويض الشرعية غير المستحقة التي أعطتها لهم قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي بموجب الوثيقة الدستورية والإستمرار في الثورة حتي نهاياتها إن كانت هنالك نهاية للثورة.. وأياً كان الثمن).