كامل إدريس في بورتسودان: انطلاقة حكومية بألغام سياسية وصراع على الحقائب الوزارية
بورتسودان – صقر الجديان
في خطوة وصفت بأنها بداية لمرحلة جديدة داخل سلطة بورتسودان، وصل رئيس الوزراء السوداني المعيّن حديثًا، الدكتور كامل إدريس، إلى المدينة الساحلية في 29 مايو 2025، وقام اليوم، بأداء القسم الدستوري أمام رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان.
وسيباشر إدريس، مهامه رسميًا اعتبارًا من 1 يونيو، وسط تسريبات تفيد بعزمه حل الحكومة الحالية فورًا، في خطوة من شأنها أن تعيد خلط الأوراق داخل معسكر السلطة، وتفتح الباب لصراعات سياسية بين المكوّنات المختلفة، خاصة بين الجيش، الحركات المسلحة، والحركة الإسلامية.
ضغوط إسلامية على إدريس لإعادة التمكين باسم “الخبرة”
تشير مصادر مطلعة إلى أن إدريس، يواجه منذ تعيينه ضغوطًا شديدة من قيادات بارزة في الحركة الإسلامية تهدف إلى التأثير على تشكيل الحكومة القادمة. ويطالب هؤلاء بترشيح عدد من القيادات الإسلامية من الصف الثاني لتولي وزارات مفصلية تحت مسمى “تكنوقراط” أو “كفاءات وطنية”، رغم خلفيتهم التنظيمية المعروفة.
ويخشى مراقبون أن تكون هذه الخطوة محاولة لإعادة تدوير وجوه النظام السابق ضمن الحكومة الجديدة، خصوصًا في ظل الدعم الذي يحظى به الإسلاميون من بعض مراكز النفوذ داخل الجيش والأجهزة السيادية. وتُعد هذه التحركات تهديدًا مباشرًا لفكرة التوازن السياسي، وقد تُشعل خلافًا داخليًا حتى قبل تشكيل مجلس الوزراء الجديد.
صراع على الوزارات وإقصاء تدريجي للحركات المسلحة
في المقابل، تتحدث التقارير عن مخطط من أطراف مقربة من البرهان، لإبعاد الحركات المسلحة عن عدد من الوزارات الحساسة، لا سيما وزارتي المالية والمعادن، بحجة ضعف الأداء أو التسبب في تعقيد المشهد الاقتصادي.
وتشير المعطيات إلى وجود توجه رسمي داخل سلطة بورتسودان لمراجعة نسبة مشاركة الحركات المسلحة في مؤسسات الدولة، والتي تبلغ حاليًا 25% بموجب اتفاق جوبا للسلام.
وقد يتم خفض هذه النسبة إلى أقل من 10% بحجة “الواقع الميداني الجديد” بعد الهزائم التي لحقت بالحركات المسلحة في إقليم دارفور وكردفان.
وترى قيادات داخل الحركات المسلحة أن هذه التحركات تمثل نكوصًا عن اتفاقات السلام، وتنذر بتفجير الوضع السياسي من جديد داخل بورتسودان، التي أصبحت المركز الجديد للسلطة بعد انزلاق الخرطوم في الحرب.
إدريس على مفترق طرق.. بين التوازن والانحياز
رغم أن الدكتور كامل إدريس، حاول منذ تعيينه الإيحاء بأنه “رئيس وزراء توافقي”، فإن الواقع يشير إلى أنه يدخل ساحة مليئة بالألغام السياسية، مع أطراف تتنافس على النفوذ والسيطرة، وقيادات تسعى لإعادة التموضع بعد تغييرات كبرى في موازين القوة.
ومن غير الواضح ما إذا كان إدريس، سيصمد أمام الضغوط المتزايدة من أطراف متضادة، أو سينجح في تشكيل حكومة متوازنة تُنهي حالة الانقسام، خاصة أن أي خطوة في ملف التعيينات الحكومية ستكون محفوفة بالاتهامات والمخاطر.