أخبار السياسة المحلية

كشف حساب أممي عن عامين بالسودان.. وسيناريوهات المرحلة المقبلة

الخرطوم – صقر الجديان

بعد عامين على تدشينها في السودان، قدم رئيس “اليونيتامس” فولكر بيرتس كشف حساب للبعثة الأممية، طارحا رؤية للمرحلة المقبلة.

تلك المرحلة والتي وصفها بـ”التاريخية” الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، قال عنها إن السودان على وشك صياغة إعلان سياسي يمهد للمفاوضات بين القوى المدنية والمكون العسكري.

المبعوث الأممي إلى السودان قال إن الجهات السياسية الفاعلة المتنوعة بدأت مؤخرًا في الالتحام حول مسودة الدستور المطروحة من اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، مشيرًا إلى أن هذا التحالف الواسع للفاعلين السياسيين يعمل الآن على توسيع الإجماع حول المسودة، ومعالجة القضايا المتبقية في النص.

وتعهد فولكر في كشف حساب نشرته البعثة الأممية اليوم الخميس، بأن تكون الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيجاد) على استعداد لدعم العسكريين والمدنيين للتوصل إلى اتفاق يبدأ بفترة انتقالية أكثر استدامة مع حكومة انتقالية ذات مصداقية بقيادة مدنية تتمتع بالمصداقية والقبول ومستعدة لمعالجة التحديات المختلفة التي تواجهها البلاد.

وحول مستقبل العملية السياسية في السودان، قال إن الزخم الذي حدث في الأسابيع الأخيرة هو علامة على أن نهاية الأزمة قد تلوح في الأفق أخيرا، إلا أنه قال إن ذلك الزخم “هش ويحتاج إلى الحماية”.

شروط النجاح

وشدد المبعوث الأممي على أنه “لكي تتماسك التحالفات السياسية الناشئة وتتوسع، يجب أن تحافظ مكونات هذه التحالفات على علاقة متساوية، شفافة وتشاركية حيث لا يتم استبعاد أي طرف من اتخاذ القرارات الرئيسية”.

“فجميع الفاعلين السياسيين بحاجة إلى الدخول في حوار بنّاء يضعون فيه خلافاتهم جانبًا ويركزون على مصلحة الشعب السوداني للوصول إلى حل ذي مصداقية ومقبول ودائم”، بحسب فولكر الذي قال إن السودان لا يملك رفاهية المعادلات الصفرية والمناورات السياسية.

لكن التهديد الأكبر لاحتمال التسوية هو “خنق أصوات الشباب”، يقول رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، داعيًا السلطات إلى التصرف بـ”مسؤولية” والامتناع عن استخدام القوة ضد المتظاهرين وحماية حق المواطنين في ممارسة حريتهم في التعبير والتظاهر والمعارضة السلمية، “مع اقتراب الذكرى السنوية لـ”الانقلاب”.

وأشار إلى أن هذه اللحظة هي اختبار لإرادة وقيادة المكونين العسكري والمدني، مؤكدًا أن الوقت حان للجميع للارتقاء فوق المكاسب السياسية الضيقة، والعمل بشجاعة، والاستماع إلى أصوات السودانيين، نساءً ورجالاً، والعمل على تحقيق تطلعاتهم المشروعة: الحرية والسلام والعدالة.

مظاهر التدهور

المسؤول الأممي قال إن السودان لا يزال في حالة اضطراب، مع تدهور الاقتصاد والوضع الأمني وتصاعد العنف بشكل متكرر على مستوى المجتمع، والاحتجاجات الشعبية المستمرة، مشيرًا إلى تعطل عملية الإعفاء من الديون، والتي كانت من أبرز إنجازات الحكومة الانتقالية حيث كان من شأنها إلغاء ديون السودان الخارجية البالغة 56 مليار دولار.

وأكد أن نشاط منتدى الشراكة السوداني الذي كان قد انطلق في سبتمبر/أيلول 2021 بدعم من يونيتامس لتخطيط وتنسيق المساعدات الإنمائية الدولية، توقف، فيما “ضاع التقدم المحرز في توسيع نطاق السلام في السودان خلال الجولة الثانية من محادثات جوبا للسلام، التي عقدت في مايو/أيار 2021، بالإضافة إلى بطء تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام والتفاوت بسبب عدم وجود حكومة تضطلع بجميع مهامها ونقص الموارد.

وأكد أنه أخبر مجلس الأمن في أول إحاطة له، بعد توليه مسؤولياته كرئيس لبعثة اليونيتامس أن الانتقال المستقر إلى الديمقراطية هو أمر ضروري لبناء السلام وحماية المدنيين، وحشد الموارد اللازمة لوضع السودان على مسار التنمية المستدامة.

إلا أنه قال إن الالتزامات التي أعلنها الجيش في يوليو/تموز الماضي بالانسحاب من الحياة السياسية أفضت إلى ديناميكية جديدة بين القوى السياسية، فتكثفت جهود الحوار والتواصل وأخذت المبادرات المطروحة تتضاعف بسرعة.

تأسيس يونيتامس

تأسست يونيتامس في عام 2020 بناءً على طلب الحكومة الانتقالية، بهدف مساعدة السودان على الانتقال الديمقراطي، بحسب بيان البعثة الأممية، التي قالت إنها بعد مرور عامين تعمل “بلا هوادة” لإعادة السودان إلى هذا المسار، خاصة بعد إنهاء مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) وخروج السودان من الفصل السابع.

وفي 3 يونيو/حزيران 2020، أصدر مجلس الأمن قرار 2524 (2020) بإنشاء يونيتامس، كبعثة سياسية خاصة بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة لتقديم الدعم للسودان لفترة أولية مدتها 12 شهرا خلال انتقاله السياسي إلى الحكم الديمقراطي.

وفي 3 يونيو/حزيران 2021، اعتمد مجلس الأمن القرار 2579 (2021) الذي رحب بالتقدم الذي أحرزته الحكومة السودانية في تنفيذ الوثيقة الدستورية، بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية والقانونية الهامة، والخطوات نحو تحقيق السلام بما يشمل توقيع اتفاق جوبا للسلام في أكتوبر/تشرين الأول 2020 وإعلان المبادئ بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال الحلو.

ومدد القرار مهمة يونيتامس لمدة 12 شهرا إضافيا، حتى 3 يونيو/حزيران 2022، وفي 3 يونيو/حزيران 2022 جدد مجلس الأمن ولاية يونيتامس لسنة إضافية حتى 3 يونيو/حزيران 2023.

كشف حساب

وقالت البعثة الأممية إنها منذ إنشائها في عام 2020، قامت وشركاؤها بتيسير الجولة الثانية من محادثات السلام في جوبا في مايو/أيار 2021، ودعم إنشاء لجنة وقف إطلاق النار الدائم في دارفور في عام 2021، وتقديم المشورة وتوفير بناء القدرات لسلطات حفظ الأمن وإنفاذ القانون لمساعدتهم على تحمل مسؤوليتهم الكاملة عن حماية المدنيين وفقًا للخطة الوطنية لحماية المدنيين.

وأكدت أنها تدعم الجهود المبذولة لبناء السلام المجتمعي من خلال مكاتبها الإقليمية في السودان، بما يشمل خلق مساحات حوار بين السلطات والمجتمعات المحلية لبناء الثقة وتعزيز التعايش السلمي.

وقالت إنها تستخدم يونيتامس في تقديم دعمها لحماية المدنيين في السودان نهجًا شاملًا لخلق بيئة مواتية يشمل عمل اللجنة الدائمة لوقف إطلاق النار (PCC)، والدعم الاستشاري للشرطة، ودائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS)، وعمل اليونيتامس في مجال بناء السلام وحقوق الإنسان وسيادة حُكم القانون.

وأشارت إلى أنها تعمل على توفير المساحة لمجموعات متنوعة من النساء لتعزيز تضامنهن حول الأولويات والشواغل المشتركة بغض النظر عن الانقسامات السياسية على أمل وضع الأساس لجدول أعمال مشترك لجميع النساء السودانيات.

المرحلة الانتقالية

وعقدت في أوائل 2022 عملية تشاورية مع أكثر من 800 من الفاعلات والفاعلين السودانيين، ووضعوا إطارا لتوجيه أي حل سياسي، وشملت مخرجات العملية الاستشارية توصية تؤكد أن “النساء والرجال السودانيين يجب أن يمتلكوا عمليات تحديد مستقبل المرحلة الانتقالية ومستقبل بلادهم”.

وقامت يونيتامس بتسهيل سلسلة من الحوارات للنساء من مختلف المناطق والخلفيات في السودان بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بين يوليو/تموز وأغسطس/آب 2022.

وقالت كرستينا شاهين، مستشارة النوع الاجتماعي في يونيتامس: “هدفنا هو تزويد النساء السودانيات بالمنصة والأدوات التي يحتجنها لرأب الخلافات السياسية، والتفكير بشكل جماعي كنساء بطرق تمكنهن من العمل معًا لضمان قدرتهن على المشاركة بشكل هادف في تشكيل مستقبل السودان”.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، جمعت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، مجموعة متنوعة من السياسيات والناشطات والباحثات والخبيرات اللواتي صغن رؤية دستورية موحدة مستجيبة للنوع الاجتماعي.

كما تخطط يونيتامس بالتعاون مع المعهد الديمقراطي الوطني ومكتب مبادرة الانتقال لإطلاق سلسلة من الحوارات في جميع ولايات السودان الثماني عشر، للبناء على الحوارات الستة التي أجريت في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب.

إقرأ المزيد

الأمم المتحدة قلقه من أوضاع ود الماحي ولقاوة بعد مقتل 189 شخصًا

محامون: الشرطة تضع حصى في قاذف (البمبان) لإلحاق الإذى بالمتظاهرين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى