سفر وسياحة

كورونا يجر بقرة السياحة “الحلوب” للسنوات العجاف

 

تلقى قطاع السياحة الأوروبية، ضربة موجعة غير متوقعة في 2020، بعد عامين متعاقبين من الرواج.

وجعلت القيود الاحترازية التي فرضتها الحكومات على حركة السفر لتجنب تفشي فيروس كورونا، القطاع المتنامي بسرعة يلهث فجأة وراء الحصول على الدعم الحكومي.

ووصلت معدلات النمو الأخيرة بقطاع السياحة الأوروبية إلى الذروة في 2018، محققا 10% من الناتج الاقتصادي بالقارة الأوروبية، وبلغت نسبة التشغيل بهذا القطاع 11% من إجمالي فرص العمل.

وأشار التقرير السنوي للجنة الأوروبية للسفر، إلى أن أوروبا استقبلت في ذلك العام أكثر من نصف معدل حركة السياحة العالمية.

واستمر النمو خلال 2019، على الرغم من أنه كان أكثر بطئا، وفقا لتقرير اللجنة الأوروبية للسفر، وعزت اللجنة ذلك إلى “تقلبات الاقتصاد العالمي”، إلى جانب “النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين”، و”المخاوف من تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.

ثم جاءت الجائحة لتطيح بكل الحقائق الاقتصادية المؤكدة، وباستبعاد القطاع الصحي نجد أن التداعيات المدمرة للجائحة أثرت على جميع الأنشطة الاقتصادية، وبشكل أشد على قطاع السياحة والسفر.

وتوقع تقرير اللجنة الأوروبية للسفر للربع الثالث من عام 2020، أن تتراجع حركة وصول السياح إلى أوروبا بمعدل مليار زائر، هو تراجع نسبته 61% على الصعيد الأوروبي.

خسائر ضخمة

بينما خسرت كل دولة في القارة الأوروبية إيرادات كبيرة، فإن وقع الخسارة كان أكبر على الدول التي تعتمد بشكل كبير على الإيرادات الناتجة عن السياحة، وبالتالي كانت كرواتيا واليونان وهما من أكثر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اعتمادا على السياح الأكثر معاناة.

ويحقق النشاط السياحي أكثر من خمس الناتج الاقتصادي لكل من الدولتين، وذكرت كل منهما أنها تعرضت إلى تراجع كبير في إيرادات السياحة.

خسائر السياحة في كرواتيا

وفي كرواتيا ظهرت دعوات قبل حدوث الجائحة، لإعادة هيكلة الاقتصاد بحيث يتم تقليص اعتماده على السياحة، ومع ذلك يقول العاملون في مجال السياحة، إن المعسكر الذي وصفوه بأنه “مضاد للسياحة” لم يفهم حقائق الأمور.

الفنادق الساحلية في كرواتيا

ويتعرض قطاع السياحة في كرواتيا لخطر أن يصبح ضحية لنجاحه، حيث استحوذت السياحة الجماعية المكثفة خلال الأعوام الأخيرة، على عدد من المناطق الساحلية الجذابة.

وطرحت مقترحات في هذا الصدد تشمل فرض ضرائب أعلى على شركات السياحة الصغيرة، بما فيها الفنادق التي تمتلكها العائلات وهي تشكل العمود الفقري للسياحة في كرواتيا، مع فرض قيود على إصدار تراخيص للشركات.

ويتجه الآن مشغلو الفنادق وأيضا الشركات الأخرى العاملة في مجال السياحة بكرواتيا إلى الحكومة، طلبا للدعم المتواصل.

وتلقت كرواتيا بالفعل النصف الأول من حزمة المساعدة الأوروبية التي تبلغ 1.02 مليار يورو(1.23 مليار دولار)، وتهدف الحزمة إلى إنقاذ الوظائف في مختلف القطاعات الاقتصادية.

ومع ذلك لم تفصح الحكومة الكرواتية عن خططها الرامية إلى مواصلة دعم القطاع السياحي، كما أنها لم تقدم أية خطط للحد من اعتماد البلاد على هذا القطاع في ضوء استمرار جائحة كورونا.

70 % انخفاض

وإذا انتقلنا إلى اليونان، يبدو رد فعل الحكومة إزاء هذه التطورات أكثر سرعة وألمعية، فبعد أن لاحظت انخفاض عدد السياح هذا العام بنسبة 70%، بدأت الحكومة اليونانية في اتخاذ خطوات لاجتذاب موارد مالية أخرى.

شاطئ كريت الوردي يفتقد رواده بعد انتشار كورونا

وقال رئيس الوزراء اليوناني المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن حكومته ستطرح مشروع قانون على البرلمان في بداية يناير/كانون الثاني 2021، يمنح تخفيضا ضريبيا بنسبة 50% لمدة 7 سنوات، للشركات التي يتم تسجيلها في اليونان وتمارس عملها عن بعد باستخدام شبكة الإنترنت، حتى لو كان هذا العمل ينفذ لصالح زبائن غير يونانيين.

وهناك قانون آخر طرح أمام البرلمان في ديسمبر/كانون الأول الماضي، يعرض تقديم تخفيضات كبيرة في الضرائب تبلغ 40% لشركات الإنتاج السينمائي الكبرى، لاجتذابها للعمل في مواقع التصوير باليونان وجلب الأموال إليها.

ومن المرجح أن اليونان بعد عقود من الأزمات المالية المستمرة، تعلمت أن اتخاذ خطوات في توقيتات متأخرة، يمكن أن تنتج عنه إجراءات اصلاح اقتصادي قاسية يتم فرضها من الحكومة على المواطنين.

وأثناء السنوات الأولى من الأزمة الاقتصادية، بزغ قطاع جديد تماما على الساحة اليونانية، وهو الشركات التي تزاول النشاط الرقمي وتتقدم إلى الأمام بسرعة، وإذا دفعت الجائحة اليونان إلى الانطلاق لتحقيق إنجاز مماثل، فقد تبذل باقي الدول الأوروبية جهدها لتحذو حذوها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى